أخلت الحكومة المغربية، تجاه صندوق النقد الدولي، بجزء كبير من التزاماتها المدرجة في مقتضيات القانون المالي الراهن الذي صادق عليه البرلمان المغربي قبل أشهر قليلة فقط، بخصوص التوجهات الاقتصادية العامة للمملكة في ظل الإكراهات الصعبة التي تمر منها المالية العمومية. وكشفت يومية "الأحداث المغربية"، في عددها الصادر اليوم، أن الحكومة أطلعت صندوق النقد الدولي، في وثيقة أودعها قبل أيام وزير المالية نزار بركة ووالي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري لدى مسؤولي هذه الهيأة الدولية، بأن معدل النمو الاقتصادي بالمغرب سيتراجع خلال سنة 2012 إلى حدود 2,9 في المائة، في الوقت الذي سبق فيه للحكومة أن التزمت أمام الرأي العام الوطني بتحقيق نسبة نمو تتجاوز هذا السقف وانتقدت المشككين في قدرة مدبري السياسة الاقتصادية ببلادنا على بلوغ هذا المعدل.
الوثيقة التي نشرت مطلع الأسبوع الجاري، وسلطت الضوء على واقع الاقتصاد الوطني وآفاق نموه خلال الأعوام القليلة المقبلة، كشفت عن التزام حكومة بنكيران أمام صندوق النقد الدولي بإصلاح صندوق المقاصة وخفض تحملاته بنسبة 25 في المائة ابتداء من النصف الثاني من السنة الجارية، دون أن تقترح على المؤسسة الدولية إمكانية لجوء الحكومة إلى تعويضه بصرف إعانات مالية مباشرة لفائدة الأسر المعوزة تأكيدا لوعود رئيسها بنكيران ووزيره المكلف بالشؤون الاقتصادية والحكامة، محمد نجيب بوليف، اللذان سبق لهما الالتزام بها أمام المواطنين لأكثر من مرة، وخاصة بعد قرار اللجوء إلى فرض زيادات في أسعار المحروقات.
الحكومة التي حافظت مع ذلك على التزاماتها القاضية بتحقيق نسبة نمو اقتصادي في حدود 5,5 في المائة وخفض معدل البطالة إلى 8 في المائة في أفق سنة 2016، حسب مضمون الوثيقة ذاتها، اقترحت على صندوق النقد الدولي من جهة أخرى توجها حكوميا نحو اعتماد سياسة تقشفية من خلال اعتمادها لإصلاحات جزئية من قبيل ترشيد النفقات والرفع من عائدات الضرائب وغيرها، دون المساس ببنية المداخيل الجبائية.
وتجسد هذه الوثيقة تطلعات وزارة الاقتصاد والمالية إلى احتواء عجز الميزانية في حدود 5.3 في المائة خلال سنة 2013، أي 41 مليار درهم، وهي القيمة التي تشير الحكومة إلى احتمال تقليص مستواها إلى 18 مليار درهم سنة 2014، أي بنسبة 2.1 في المائة من الناتج الداخلي الخام في حالة تسجيل معدل نمو نسبته 4.3 في المائة خلال العام المقبل. إلا أن المبالغ المزمع اقتصادها من خلال ترشيد النفقات والبحث الجاد عن الواردات لا تتعدى عشرات مليارات درهم، نصفها تم ضمانها من خلال الزيادات الأخيرة في المحروقات، وهو ما سيوفر أقل من 3 في المائة من حجم الميزانية بأجملها، في حين يتطلب بلوغ الأهداف المرسومة توفير نحو 30 مليار درهم.