لا تنتهي مشاكل الجزائر مع جيرانها سواء بالمغرب العربي أو حتى مع الدول الإفريقية التي ترتبط معها بالحدود، وكلما تم إخماد فتيل النار إلا وأشعلتها من جديد، ولا نتحدث هنا عن المغرب لأن العداء ضدنا استحكم في أركان النظام ودواليبه، ومنذ أن قال الهواري بومدين، الرئيس الجزائري الأسبق، وفق ما يحكيه وزيره محمد المالطي، ينبغي خلق مشكلة للمغرب حتى لا يرفع عينيه للمطالبة بالصحراء الشرقية، والجزائر تعتبر المغرب عدوها اللدود. والغريب أن لعبة "العداء" استحلاها نظام العسكر وأصبح يطبقها على كل جيرانه، فلم يعد الأمر يتعلق بالمغرب، ولكن هذه الدولة النفطية والمترامية الأطراف، أصبحت على خصومة مع تونس وليبيا وموريتانياومالي، وحتى الدول البعيدة والتي لاتجمعها بها لاثقافة ولادين ولا لغة، فأصبح الجيران في سياستهم الخارجية يتقون شر هذا البلد الذي يزعم محاربة الإرهاب وهو يرعاه لتوظيفه تجاه جيرانه. من آخر تحرشات الجزائر بجيرانها الزيارة التي قام بها وزير الشؤون المغاربية وجامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي الجزائري، عبد القادر مساهل، إلى جنوب ليبيا، وهي الزيارة التي اعتبرها البرلمان الليبي بطبرق، البرلمان المعترف به دوليا، انتهاكا للسيادة الوطنية. وقال برلمان طبرق في بلاغ له، "رأينا اليوم دخول وزير الخارجية الجزائرية وتجواله في مدن الجنوب الليبي دون إذن مسبق، وكأنه ولاية من ولايات الجزائر، واجتماعه مع شخصيات لا تزال تحمل العداء والحقد لليبيين". وحذر البرلمان الوزير الجزائري من مغبة انتهاك سيادة دولة ليبيا. وكان مساهل وصل السبت الماضي إلى مدينة غدامس، التي تقع على الحدود الجزائرية بعد أن قام بجولة في عدد من مدن الجنوب الليبي. والزيارة تعتبر محاولة للرد على نجاح المغرب في احتضان اتفاق الصخيرات بين الفرقاء الليبيين تحت رعاية الأممالمتحدة، والذي توج باتفاق تاريخي، ولهذا سعى إلى اللقاء بشخصيات مناوئة للسلطة المركزية في محاولة لخلق ما يشبه بوليساريو ليبيا والمساهمة في تقسيمها. أما الجارة تونس فهي تعاني كثيرا من المناورات الجزائرية، وكانت وسائل إعلام تونسية كشفت عن أن النظام الجزائري متورط في عدد من العمليات الإرهابية التي شهدتها تونس، وذلك لتثبيت عدم الاستقرار فيها بهدف الحفاظ على فزاعة الإرهاب كأداة لإخماد الاحتقان الاجتماعي في الجزائر خاصة بعد كارثة الهبوط الحاد لعائدات النفط. الحديث عن دول الجوار يجر إلى موريتانيا، التي تعاني كثيرا من تجاوزات عصابات البوليساريو، التي ترعاها الجزائر وتمولها، وتقوم هذه العصابات باستهداف موريتانيا، واستهداف القوافل التجارية، كما تعاني مالي من هجومات مماثلة تتخذ من الجنوبالجزائري مرتعا لها، و تمارس كل أنواع الإجرام في منطقة الساحل. هذه هي الجزائر مع دول الجزائر، حيث تتعدد المشاكل مع الجيران، لكن لا توجد لديها علاقة واحدة سليمة مع دول المنطقة سواء المغاربية أو الإفريقية، إنها فعلا الشيطان المزعج لجيرانه.