تعهد البرنامج الحكومي، الذي قدمه رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، أمس الأربعاء أمام مجلسي البرلمان، باعتماد قانون يروم ضمان التنزيل الفعلي والعملي والمتجانس للرؤية الإستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي 2015-2030،وذلك "من أجل إرساء مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء". وسيركز هذا القانون الإطار على ثلاثة محاور أساسية يتمثل الأول منها في تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص في ولوج التربية والتكوين، حيث سيتم العمل، بالخصوص، على تحقيق إلزامية الولوج التام للتربية والتعليم والتكوين بالنسبة للفئة العمرية من 4 إلى 15 سنة وتمييز إيجابي لفائدة الأوساط القروية وشبه الحضرية والمناطق ذات الخصاص، مع اتخاذ التدابير الضرورية لتشجيع تمدرس الفتيات في البوادي وتدارك العجز الحاصل في تأهيل واستكمال البنيات التحتية المدرسية وضمان الصيانة الدائمة للبنايات المدرسية، فضلا عن الاعتناء بالجالية المغربية في المجال التربوي من خلال تطوير وتجويد برنامج تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية لفائدة أبناء الجالية المغربية المقيمين بالخارج بتنسيق مع القطاعات والمؤسسات الحكومية المعنية وكذا مع الدول الشريكة.
أما المحور الثاني فيهم تطوير النموذج البيداغوجي وتحسين جودة التربية والتكوين حيث ستعمل الحكومة، بهذا الخصوص، على تعزيز القيم في المنظومة التربوية بمختلف أبعادها الدينية والوطنية والإنسانية وإرساء فعلي للجسور والممرات بين مختلف قطاعات منظومة التربية والتكوين، إضافة إلى تنزيل الهندسة اللغوية الجديدة، ودعم التمكن من اللغات، خاصة من خلال تقوية وضع اللغتين العربية والأمازيغية وتحسين تدريسهما وتعلمهما، والنهوض باللغات الأجنبية وكذا تحسين تدريسها وتعلمها و تجديد تعليم وتعلم العلوم والتكنولوجيا والرياضيات والارتقاء بالتعليم التقني.
وبخصوص المحور الثالث، فيركز على تحسين حكامة منظومة التربية والتكوين وتحقيق التعبئة المجتمعية حول الإصلاح، ومن هذا المنطلق، ستعمل الحكومة على التسريع بإخراج القانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي المشار إليه سلفا وتفعيل اللجنة الوزارية الدائمة للتربية والتكوين، باعتبارها آلية لقيادة وتتبع تنفيذ مشاريع الرؤية الإستراتيجية 2015-2030 وتقويم مدى تحقيق أهدافها، ثم الرفع من الكفاءة المؤسساتية والتدبيرية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.
كما تعهدت الحكومة، في برنامجها، بمحاربة الأمية من خلال مجموعة من الإجراءات أهمها تقديم الدعم اللازم للوكالة الوطنية لمحاربة الأمية لتعزيز دورها وتقوية نجاعتها وتمكينها من وسائل العمل البشرية والمالية اللازمة للقيام بمهامها بشراكة مع مختلف الفاعلين المعنيين و مراجعة برامج محو الأمية حسب المعايير الدولية وتطوير الوسائل الرقمية الخاصة بها.
وبخصوص التعليم العالي، وعدت الحكومة بإرساء منظومة متميزة في هذا المجال من خلال تحسين الولوج والدراسة بالتعليم العالي حيث ستتم، على الخصوص، مراجعة التغطية الجهوية للجامعات وتوفير الإمكانات اللازمة لارتفاع نسبة التمدرس بالتعليم العالي إلى 45 في المائة سنة 2020-2021 مقابل 33 في المائة حاليا ومواصلة الدعم الاجتماعي لفائدة الطلبة لضمان تكافؤ فرص التعليم للجميع وتحسين الخدمات المقدمة للطلبة.
ومن أجل نفس الهدف تعتزم الحكومة الارتقاء بالجودة لتحسين مخرجات التعليم العالي وملاءمتها مع متطلبات التنمية من خلال تحيين وتطوير التشريعات المتعلقة بالتعليم العالي والبحث العلمي لتواكب تطور المنظومة، وخاصة منها القانون الإطار؛ واحترام استقلالية الجامعة وتمكينها من ممارسة مختلف الصلاحيات الموكولة لها وترسيخ المقاربة التعاقدية؛ وتوطيد الإصلاح البيداغوجي ومد الجسور بين مختلف مكونات منظومة التعليم العالي، من بين تدابير أخرى.
ومن بين الإجراءات التي تعتزم الحكومة اتخاذها من أجل منظومة متميزة للتعليم العالي هناك كذلك دعم البحث العلمي والرفع من مردوديته وربطه بأهداف التنمية الشاملة حيث سيتم العمل على تعزيز التنسيق بين مختلف المتدخلين في مجال البحث العلمي والابتكار وتنويع مصادر التمويل، وإحداث شبكة وطنية لوحدات الدعم التقني للبحث العلمي ومختبرات التحاليل العلمية المماثلة، وتعزيز آليات تثمين نتائج البحث العلمي عبر مواصلة دعم الوجيهات بين الجامعات والمقاولات، وحاضنات مشاريع إنشاء المقاولات المبتكرة.
من جهة أخرى، ومن أجل تكوين مهني موجه لتحقيق فرص التشغيل، ستسعى الحكومة، على الخصوص، إلى توفير عرض موسع ومندمج للتكوين وفتحه في وجه جميع الفئات عبر تفعيل الخطة الإستراتيجية 2021 وضمان تكامل عرض التكوين المهني مع التعليم المدرسي والتعليم العالي، والرفع من الطاقة الاستيعابية لمنظومة التكوين المهني بهدف تزويد سوق الشغل بما يفوق مليون وسبعمائة ألف خريجة وخريج وإحداث 123 مؤسسة تكوينية جديدة.
كما تعهدت، في نفس الإطار، بالبدء في تمكين المتدربين في التكوين المهني من منحة دراسية بنفس شروط وآليات المنحة الجامعية، وتكوين أزيد من 143 ألف من الفئات ذات الاحتياجات الخاصة ومن المتدربين بالوسط السجني، وكذلك السجناء السابقين الذين ستتم تقوية استفادتهم من التكوين المهني، بشراكة مع مؤسسة محمد الخامس للتضامن ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، فضلا عن توفير أكثر من مليون مقعد للمنقطعين عن الدراسة من أجل محاربة الهدر المدرسي و تعزيز التكوين المهني بالوسط المهني من خلال وضع المقاولة في صلب جهاز التكوين لبلوغ نسبة 50% من المتدربين بالفضاء المقاولاتي بهدف الوصول إلى مليوني أجير.