أثارت مصادقة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي على مشروع القانون الإطار وضمنه مشروع قرار بإلغاء مجانية التعليم في التعليم الثانوي التاهيلي والتعليم العالي احتجاجا وتذمرا مجتمعيا لكونه ، حسب فعاليات نقابية وسياسية واقتصادية ،يستهدف الإجهاز على المدرسة والجامعة العموميتين ويضرب مبدأ الحق في تعليم عمومي جيد للجميع. يعرف المغرب اليوم جدلا واسعا في منابر التواصل الاجتماعي والصحافة الوطنية حول توجه مفترض لإلغاء مجانية التعليم في التعليمين الثانوي التأهيلي و العالي، بعد مصادقة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي على القانون الإطار وضمنه توصية تضمن فيه الدولة مجانية التعليم الإلزامي وتقر فيه رسوم التسجيل في التعليم الثانوي التاهيلي والتعليم الجامعي مع تطبيق إعفاء الأسر الفقيرة والهشة تفعيلا للتضامن الاجتماعي. وبدأ الجدل منذ نشر المجلس الأعلى للتربية والتكوين بالمناسبة بلاغا حول نتائج الدورة العاشرة, ورد فيه أن الجمعية العامة للمجلس صادقت على مشروع رأي في موضوع «مشروع القانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي»، وهو مشروع تقدم به رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبد الإله بنكيران ، وعيّن لأجله لجنة تقنية كلفت بإعداده، تتكون من الكتاب العامين للقطاعات المعنية والأمانة العامة للحكومة ووزارة الاقتصاد والمالية. و أشار البلاغ إلى إلى أن الجمعية العامة للمجلس صادقت على مشروع الرأي،وعلى مجمل الملاحظات والتعديلات المتفق عليها في الجمعية العامة، التي ستتولى اللجنة المؤقتة المختصة إدراجها لعرض المشروع في صيغته المعدلة على مكتب المجلس،من أجل اعتمادها، في أفق توجيه رأي المجلس في هذا الشأن إلى رئيس الحكومة، في غضون الأيام القادمة, ممّا يعني أن رأي المجلس النهائي حول الموضوع لم يصدر بعد، وينتظر مصادقة مكتب المجلس, كما أن بلاغ المجلس لم يشر إلى ما جاء في المشروع ولا إلى طبيعة التعديلات التي تم الاتفاق عليها. وأكدت بعض المصادر النقابية أن النقاش احتدم داخل الجمعية العامة للمجلس حول مساهمة الأسر في تمويل المنظومة, وهي النقطة التي لم يتم الاتفاق عليها، أما بخصوص تنويع المصادر فقد حظيت بإجماع الأطراف ، لكن ما فجر النقاش داخل الاجتماع المذكور هي توصية كان المجلس يروم تحويلها إلى قرار يقضي «بمساهمة الأسر المغربية في تمويل المنظومة، وذلك عبر فرض رسوم دراسية». ،واعتبرت كثير من الأصوات النقابية والفاعلين السياسيين والتربويين والاقتصاديين أنَّ قرارَ إلغاء مجانية التعليم جزء من مخطط يهدف إلى تصفية المدرسة والجامعة العموميتين ويضرب مبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص بين أبناء الشعب المغربي، وحقهم في تعليم عمومي ومجاني، كما اعتبروه هجوما على مكتسبات الشعب المغربي, محذرين من عواقب هذا القرار المتمثلة في انتشار الجهل لعدم تمكن الأسر الفقيرة والهشة في الحواضر والبوادي من ضمان إرسال أطفالها إلى المدارس وما سيترتب عن ذلك من ارتداد إلى الأمية، وانخفاض نسب التمدرس وارتفاع نسبة الهدر المدرسي ،مما يهدد مستقبل المغرب واستقراره . .وأرجعت فعاليات سياسية واقتصادية قرار إلغاء المجانية إلى خضوع الحكومة لاملاءات المؤسسات المالية الدولية من خلال توجه الدولة إلى تقليص مناصب الوظيفة العمومية باعتماد التوظيف بالعقدة لتغطية الخصاص المهول في الموارد البشرية ,مستبعدة الترسيم والإدماج في الوظيفة العمومية مما يستهدف ضرب الاستقرار المهني والاجتماعي، وكذا ضرب مجانية التعليم تحت ذريعة تنويع مصادر التمويل،وفرض رسوم على الأسر بالمؤسسات التعليمية المدرسية والجامعية .وإذا كان قرار إلغاء مجانية التعليم لا يشمل التعليم الإلزامي ويستثني الفئات الفقيرة والهشة من أداء رسوم التمدرس الثانوي والعالي كما ورد في مشروع القانون الإطار ، فإن أصواتا نقابية رأت أن هذا الاستثناء لامعنى له لان المدرسة العمومية لا يؤمها سوى أطفال الأسر الفقيرة والفئات الهشة, أما أطفال الأسر الميسورة والمتوسطة فتفضل تدريس أبنائها في قطاع التعليم الخصوصي ,بحثا عن الجودة وضمان نتائج تؤهلها للمدارس الوطنية المتخصصة. وتجدر الإشارة إلى أن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ,الذي عقد دورته العاشرة يومي الإثنين21 والثلاثاء22نونبر 2016استهل بعد الكلمة الافتتاحية لعمر عزيمان رئيس المجلس، أشغال دورته بعرضين لكل من رشيد بن المختار وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، و جميلة المصلي الوزيرة بالنيابة للتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، قدما من خلالهما أهم الأعمال والبرامج والمخططات المبرمجة بهذين القطاعين،و المندرجة في إطار التطبيق التدريجي للرؤية الاستراتيجية للإصلاح، حيث استعرض وزير التربية الوطنية والتكوين المهني للمشاريع المندرجة في إطار تطبيق الرؤية الاستراتيجية للإصلاح، وتتعلق على الخصوص بتحسين وتطوير البنية المدرسية، ومراجعة المناهج والبرامج، وتقوية تدريس وتعلم اللغات، وتطوير النموذج البيداغوجي وتعزيز تكوين المدرسين، فضلا عن ترسيخ القيم بالمدرسة المغربية، وإرساء اللامركزية الفعلية. كما وقف على التدابير الاستثنائية المتخذة برسم 2016-2017، والمتمثلة في التوظيف بالعقدة، في إطار الاستجابة للخصاص من الأطر التربوية على مستوى الجهات، والتقليص من حالات الاكتظاظ والأقسام المشتركة، وضمان الحد الأدنى من البنيات التحتية والتجهيزات الازمة لسير المؤسسات التعليمية. وفيما يخص التكوين المهني، أوضح الوزير أن البرامج المعتمدة من قبل الوزارة تقوم على توسيع العرض التكويني، وجعل المقاولة في صلب نظام التكوين، وتحسين جودته، وإحداث الانسجام والتكامل مع مكونات المنظومة التربوية، والحكامة المجددة. وفي المداخلة المتعلقة بالتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، قدمت جميلة المصلي الوزيرة بالنيابة للتعليم العالي أهم الرهانات التي يعمل هذا القطاع على كسبها، ولاسيما منها تحسين الولوج لتحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص واستدامة التكوين، والارتقاء بالجودة لتحسين المخرجات، ودعم البحث العلمي والرفع من مردوديته وربطه بأهداف التنمية، وتطوير حكامة منظومة التعليم العالي؛ وهي رهانات استدعت من الوزارة اتخاذ تدابير ذات أولوية تهم، على الخصوص، سد الخصاص الكمي والنوعي في الموارد البشرية، والتغطية الجامعية وحفظ كرامة الطالب، وإرساء إطار مرجعي وطني للتقييم والجودة، إلى جانب إحداث مرصد وطني لتتبع الملاءمة بين التكوين وحاجات سوق الشغل. كما عرفت الدورة تداولا حول مشروع تقرير المجلس عن «التربية على القيم بمنظومة التربية والتكوين ،وخلصت مناقشته إلى تثمين أهمية هذا التقرير في ترسيخ الدور الاستراتيجي المنتظر من المدرسة، إلى جانب باقي المؤسسات التربوية والتأطيرية الأخرى، المتمثل في تنمية القيم الوطنية والكونية، الهادفة إلى تكوين المواطن الواعي المتشبع بالحس النقدي وبثقافة الحوار، القادر على الموازنة الذكية بين حقوقه وواجباته، الملتزم بمسؤوليته، والمنفتح على الغير وعلى العصر. حظي هذا التقرير بمصادقة الجمعية العامة، على أساس اعتماد صيغته المعدلة من قبل مكتب المجلس، بعد إغنائه بالملاحظات والاقتراحات المتفق عليها في الجمعية العامة، من قبل لجنة المناهج والبرامج.