قال الصحفي والمحلل السياسي سعد بوعقبة، مقالا في عموده اليومي "نقطة نظام" الذي يكتبه في صحيفة الخبر، إنه في عز الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالجزائر، تجري انتخابات بلا معنى وبلا هدف، ولا يؤمل منها أن تحل أي مشكل، حتى ولو كان من نوع إخراج البطاطا من المخازن! المضحك المبكي في الموضوع، يضيف كاتب المقال، أن الحكومة غائبة عمليا عن الحياة منذ 5 سنوات، بفعل تجميد عمل مجلس الوزراء، المؤسسة الدستورية التي أسند لها الدستور الإشراف على العمليات السياسية والاقتصادية في البلاد.
هذه الحكومة، يقول بوعقبة، تم وضع ثلث وزرائها في عطلة مدفوعة الأجر لمدة شهر كامل.. للتفرغ للحملة الانتخابية، ثم بعد ذلك يأتي شهر رمضان فتعطل الأمور شهرا آخر.. وبعدها يأتي الصيف فتعطل الحكومة مرة أخرى شهرين.. ونجد أنفسنا أضعنا نصف عام كامل.. صحيح أن الحكومة وجودها مثل غيابها.. لكن وجود الوزراء في مناصبهم، حتى ولو كان شكليا، مسألة حيوية تماما مثل وجود "الخيال" في المزرعة لمنع الطيور من العبث بالسنابل!
ويمضي الكاتب في انتقاده للحكومة قائلا إن هذه الأخيرة مشلولة وتشل أجزاء منها بواسطة الانتخابات، ويحدث هذا في عز الأزمة التي تتطلب مضاعفة العمل من طرف الحكومة حتى لا نقع فيما لا تحمد عقباه!
"نحن نطبق الدستور فقط فيما يتعلق بالقضايا التي تؤدي إلى شل البلد! هل تتذكرون أن الوزير الأول سلال استقال من الحكومة ليكون متفرغا لإدارة الحملة الانتخابية للعهدة الرابعة.. وعندما ينتهي من المهمة يعود لمنصبه كما كان! ولم يحس أي واحد بأن الأمر يتعلق بالعبث بمؤسسات الدولة على مستوى تطبيق الدستور! لأن تفرغ الوزير الأول لرئاسة حملة الرئيس الانتخابية معناه أن رئيس حملة المرشح أهم من منصب الوزير الأول! مدير مرشح حملة الرئيس لا يختلف عن بقية مديري حملة المرشحين الآخرين! لكن ظاهرة العبث بالمؤسسات الدستورية للبلاد وصلت إلى مداها في السنوات الخمس الماضية، بالإضافة إلى استبداد الرداءة والزبائنية والفساد بمسائل تعيين أعضاء الحكومة" يقول بورقبة مضيفا أن الوزراء في الجزائر صاروا مثل "قباقب" الحمّام يصلحون لكل رِجل!
هل تعتقد أحزاب السلطة، يتساءل الكاتب، أن شل الحكومة في عز الأزمة التي وصلت حتى إلى البطاطا، بإحالة الوزراء على عطلة، يمكن أن يحسن من صورة الانتخابات المهزوزة لدى الرأي العام.؟ قبل أن يضيف بأن "العبث العام بمؤسسات الدولة، والعبث غير المسؤول بمصالح الشعب قد تجاوز مداه ولم يحدث أي عبث مثله في تاريخ البلاد! وأصبح الإحساس بهذا العبث هو الذي يملأ صدور الجزائريين غيظا ضد عموم رجال الحكم وليس ضد وزرائه المرشحين فقط!"
ويورد الكاتب والمحلل الصحفي بورقبة في ختام مقاله الموسوم ب" شرعنة التفكك! "، قصة شاب من جبال الأوراس الأشم الذي "قال، قبل يومين، إنه أذرف الدمع على الجزائر عندما رأى الرئيس المصري السيسي في البيت الأبيض.. لأنه كشاب يريد أن يرى صورة رئيس الجزائر وهو يصول ويجول في المحافل الدولية كما كانت الجزائر دائما!" قبل أن يختم بالقول :"إننا فعلا نعيش عصر التفكك الذي ينسينا التفكك الذي سبقه!".