خلف كل قرار يتم اتخاذه تكمن خلفيات هي التي تجعل منه الخيار الوحيد الممكن في تلك اللحظة. هكذا نرى أن قرار إعفاء عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، من منصب رئيس الحكومة تقف وراءه خلفيات سياسية ودستورية، أي أن الداعي السياسي يرتكز على قاعدة دستورية متينة تتيح للمك خيارات متعددة، باعتباره ضامنا لاستقرار المؤسسات واستمرارها، كي يعين رئيسا جديدا للحكومة. واختار جلالة الملك ألا يعبر لفصول أخرى من الدستور، وما زال محتفظا بروح الفصل 47 منه، الذي ينص على أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب الذي يفوز بالرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية ووفق نتائجها، وكان بلاغ الديوان الملكي حاسما عندما قال إنه كانت أمام الملك خيارات متعددة غير أنه قرر البقاء في الفصل المذكور وتعيين شخص آخر من حزب العدالة والتنمية.
ولا شيء في الدستور يلزم سلطة التعيين باختيار الشخص رقم واحد في الحزب، اي أن الدستور ترك الأمر مفتوحا على باقي الأرقام في الترتيب الحزبي، وبالتالي فإن القاعدة الدستورية تبيح اللجوء إلى مسطرة الإعفاء، ولا خيار أمام الحزب سوى القبول بالتعيين الملكي الجديد.
أما سياسيا فإن إعفاء بنكيران كان طبيعيا، وهو النتيجة التي كانت مرتقبة من كل المتتبعين، بالنظر إلى ان رئيس الحكومة المعين لم يتمكن خلال خمسة أشهر من جمع أغلبية حكومية لاعتبارات متعددة، وبالتالي لا يمكن أن يستمر المغرب دون حكومة نظرا لتأثيرات كثيرة تضر بالاقتصاد الوطني وبسمعة البلاد السياسية.
لا يُعقل أن المغرب الذي اختار توجهات استراتيجية كبرى، خصوصا العودة إلى الاتحاد الإفريقي المصحوبة بالمشاريع الاستثمارية الضخمة التي يشرف على تنفيذها جلالة الملك، في العديد من البلدان الإفريقية، وربط علاقات تعاون مع دول القارة السمراء مما يتطلب حكومة قوية وفعالة فبالأحرى أن يبقى المغرب دون حكومة.
التحديات التي تواجه المغرب لا تسمح بالانتظار وقتا أكثر، خصوصا وأن المشاورات المتعلقة بتشكيل الحكومة متوقفة ولا يظهر في الأفق أي انفراج مما حتم الاستغناء عن بنكيران واختيار شخصية ثانية من الحزب لقيادة الحكومة.