أعلن في الجزائر اليوم عن تأجيل الزيارة التي كانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تعتزم القيام بها لهذا البلد ليوم واحد صحبة وفد من رجال الأعمال الألمان، وجاء في بيان للرئاسة الجزائرية بهذا الشأن أن الطرفين الجزائري والألماني اتفقا على برمجة الزيارة الملغاة في وقت لاحق لم يتم تحديده. وكان متوقعا، وفق برنامج الزيارة، أن تلتقي المستشارة الألمانية بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
ويظهر أن وضعية الرئيس الجزائري المتدهورة صحيا، والتي تجعله فاقدا للكثير من قدراته وعاجزا فعليا رغم محاولات التغليف والتعمية، من الأسباب التي جعلت الطرف الجزائري ربما يعمل على إلغاء الزيارة التي كان ممكنا أن تكشف للمسؤولة الألمانية بالعين المجردة حقيقة وضعية الرئيس في الجزائر التي يستغلها البعض، وحقيقة الصراع، الذي لم يعد خفيا، بين أطراف في النظام التي لا يمكن أن تكون خافية عليها.
وبالإضافة إلى ذلك، تعيش الجزائر أزمة اقتصادية مترتبة ليس فقط عن هبوط أسعار البترول، بل وأيضا عن تراجع قدرات التصدير الجزائرية من البترول تحديدا منذ 2007، التي كان ارتفاع الأسعار الدولية قد غطى عليه لسنوات، وهذه الأزمة المفتوحة على أفق التفاقم تجعل الجزائر حائرة في اختياراتها وأولوياتها وهو ما يجعل علاقاتها الاقتصادية مع الخارج رهينة لنفس الحيرة.
وما يزيد الطين بلة هو الوضع الاجتماعي القابل للانفجار اليوم، بحسب عدد من التقارير الدولية، نتيجة وضع سياسي مهزوز وغامض وتصاعد الغضب بسبب إجراءات التقشف المتخذة في ميزانية 2017 من أجل مواجهة العجز وتآكل احتياطي العملة بسرعة وانهيار الدينار الجزائري وبالتالي ارتفاع معدل التضخم، مع العلم أن الحكومة قررت وقف التوظيف خلال السنة الجارية وهو ما من شأنه أن يرفع عدد العاطلين في بلد تعتبر فيها الدولة هي المشغل الرئيسي.
إن إلغاء زيارة المستشارة الألمانية، مع الأخذ بعين الاعتبار حجم ألمانيا أوروبيا وعالميا في آخر لحظة، له دلالاته التي لا يمكن لأحد أن يخطئها، ويستحيل أن تقوم الدبلوماسية بتغليف ما لا يمكن تغليفه.