حذر أحمد بن بيتور رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق من مغبة دخول الجزائر مرحلة كارثية في المستقبل القريب بسبب انخفاض الأسعار الدولية للنفط واستمرار الحكومة الجزائرية في التقاعس لإيجاد البدائل الناجعة والسريعة لإنقاذ البلاد. ووجه رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق الاتهام المباشر للحكام الجزائريين في جعل الاقتصاد الجزائري خاضعا للمحروقات بتبعية لا محدودة بدل جعله مبنيا على التنوع وعلى الرخاء المالي المرتبط بالتنمية الاجتماعية التي من شأنها أن تخلق هذا التنوع. وأكد أحمد بن بيتور الذي حل في 1999 على رأس حكومة لم يتجاوز عمرها سبعة أشهر ونافس الرئيس بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية الجزائرية لأبريل 2014، أن سنوات الرخاء قد تجاوزت الجزائر وأن البلاد لكي تتمكن من تحمل تداعيات انخفاض الأسعار الدولية للبترول على الاقتصاد الجزائري والأوضاع الاجتماعية بصفة عامة لا بد لها من تدارك هفواتها في التدبير الاقتصادي قبل فوات الأوان، مطالباً الدولة بتحرير الاقتصاد الجزائري من التبعية العمياء لعائدات البترول والغاز وأن تُراجع نظام الحكم الذي أدخل الجزائر برمتها في حالة من المُيوعة السياسية التي أرخت بتأثيراتها السلبية على الاقتصاد، وفي ذلك أسباب رئيسية لاحتقان اجتماعي قريب لن تكون بردا ولا سلاما على الحكام الجزائريين. أما عن سياسة التقشف التي اعتمدها حكام الجزائر لمواجهة الأزمة فقد استبعد بن بيتور نجاعة فعاليتها أمام خطورة الوضعية الكارثية التي تتهدد الجزائر، مشبها هذه السياسة الترقيعية بحبوب الأسبيرين التي توصف لمرضى السرطان كمسكنات وليس كأدوية ناجعة لاستئصال الداء أو الأورام السرطانية. وربط بن بيتور التداعيات الكارثية المرتقبة بالجزائر بما ستتكبده البلاد من خسائر مالية قد تصل إلى عشرين مليار دولار إضافية ولو في حال استقرار سعر البرميل في 70 دولار، مستبعدا أن يستقر البرميل على هذا السعر، وذلك لكون كل المؤشرات الدولية المرتبطة بأحداث الشرق الأوسط والأزمة الروسية الأوكرانية تنذر باستمرار انخفاض الأسعار. وذكر بن بيتور بتدهور الوضعية الاقتصادية للجزائر، نظرا لتبعية الاقتصاد المحلي للمحروقات، وهو التدهور الذي يفسره ارتفاع السعر الدولي للبترول من 34 دولارا في 2005 إلى 115 دولارا في 2011 ثم إلى 130 دولارا في 2012، رافقه ارتفاع سافر لواردات الجزائر من الخدمات وصل غلافها إلى 65.5 مليار دولار في 2013 مقابل 12 مليارا فقط في 2001. وفي الوقت الذي أكد فيه أن قادة البلاد أداروا الرخاء المالي بكثير من التراخي فأغرقوا اقتصاد البلاد في تبعية قصوى لإيرادات تصدير المحروقات، حذر بن بيتور من تدهور سريع للأوضاع الاقتصادية في الجزائر نتيجة انخفاض السعر الدولي للبترول وتداعيات تأثيره على الاقتصاد، مشددا على أن الجزائر ستعيش ظروفا كارثية غير مسبوقة. وتوقع بن بيتور في حواره له أجرته صحيفة "الوطن" الجزائرية، أن يؤدي انخفاض أسعار النفط حتما إلى تسارعٍ واضح في انخفاض الإيرادات خلال عام 2015. وقال بن بيتور إنه "لو كان مازال مسؤولاً في السلطة لاستعمل الرخاء المالي لخدمة التنمية المستدامة، بتبعية محدودة للمحروقات. وأكد بن بيتور أن اقتصاديات بلدان كثيرة في العالم تمر بفترة الركود الذي لا يرافقه انخفاض في العرض، لأن العرض الفائض سيؤدي إلى انخفاض في السعر، ولذلك سيستمر الانخفاض طالما استمر المنتجون في رفض خفض مستوى إنتاجهم. وعن الجهات التي تتحكم في سعر البترول في العالم، قال بن بيتور إن تحديد الأسعار يمر باتفاقيات ضمنية بين عدد من أصحاب القرار في البلدان المصدرة وبين البلدان المستوردة.