شكل موضوع تراجع أسعار النفط على الصعيد العالمي محور انشغالات الصحافة الجزائرية التي بدأت تطلق، خلال الأيام القليلة الماضية، صفارة الإنذار إزاء "المخاطر" المحدقة بالاقتصاد الوطني جراء هذا الوضع، "مما يهدد بشكل جدي توازن المالية العمومية". فتحت عناوين: "سعر البرميل يثير المخاوف"، و"الاقتصاد الجزائري في خطر"، و"ما بعد البترول"، و"الجزائر إلى الغموض"، حاولت الصحف الجزائرية ترجمة درجات القلق بخصوص آفاق هذا القطاع الحيوي والرئيسي بالنسبة لعائدات الدولة الجزائرية.
وفي هذا الاطار قالت صحيفة "الوطن" الواسعة الانتشار في البلاد، إن "التراجع المتواصل لأسعار النفط الخام يفقد الموقف المالي الخارجي للجزائر المناعة إزاء الصدمات، ويهدد بشكل جدي توازن المالية العمومية في ظل الارتفاع المهول لنفقات الدولة".
واضافت الجريدة أن الجزائر تظل من بين البلدان التي تتأثر كثيرا من تقلبات أسعار النفط، "حيث إنها تخسر حوالي مليون دولار يوميا من كل دولار ينخفض، و30 مليون دولار شهريا، بينما معدل أسعار البترول المحددة لتوازن الميزانية يقدر ب100 دولار للبرميل".
وتابعت "الوطن" بالقول: "وفي حالة استمرار تدني الأسعار وبقائها لفترة زمنية طويلة تحت عتبة 99 دولارا للبرميل، فإن التوازنات الجزائرية ستتأثر، لاسيما وأن توقعات العجز في الميزانية والخزينة لسنة 2015، يفوق 46 مليار دولار، أي أنه يرتقب اقتطاع جزء معتبر من صندوق ضبط الإيرادات الذي لم يشهد نموا إيجابيا خلال 2014، بالنظر إلى تأثيرات الأعباء وارتفاع ميزانيات التسيير والتجهيز، مع زيادة العجز".
ومن جهتها، كتبت صحيفة "المحور اليومي" أن الحكومة "تتخوف"من تراجع أسعار النفط إلى ما دون ال 80 دولار للبرميل، "وهو ما يؤثر على 3 بنود كبرى في الميزانية العامة لعام 2015، وأهمها ميزانية الدفاع التي وضعت لمواجهة الاضطرابات الأمنية في الحدود وميزانية مصالح الأمن ووزارة الداخلية"، كما تتخوف الحكومة، تضيف الجريدة، "من تأثير انخفاض أسعار النفط بشكل كبير على مخططات مشاريع البنية التحتية والعقارات والقطاعات الحيوية".
وكشفت الصحيفة، في هذا الصدد، عن اجتماع وزاري مصغر طارئ يضم الوزير الأول عبد المالك سلال ووزير الطاقة والمناجم يوسف يوسفي ووزير المالية محمد جلاب، والأمين العام للحكومة، يخصص لمناقشة "الانعكاسات الكارثية المحتملة" لانهيار أسعار النفط على ميزانية الجزائر ومشاريع التنمية الكبرى التي انخرطت فيها الدولة.
ورأى الموقع الإخباري "كل شيء عن الجزائر" في مقال موقع بقلم الصحفي البارز محدا بنشيكو، أنه بات من الضروري انتهاج سياسة التقشف أمام نزول سعر البرميل إلى ما دون المائة دولار، مضيفا أن صندوق النقد الدولي لم يكن مخطئا حين اعتبر أن "الاقتصاد الوطني في خطر".
وكان خام الصحاري (المرجع النفطي الجزائري) قد فقد بين شهري يونيو وغشت الماضيين نحو 12 دولارا من قيمته ليستقر عند 100,86 دولار للبرميل، مما دفع الصحافة المحلية إلى التحدث عن "ضربة موجعة" تلقاها الاقتصاد الوطني.
يأتي ذلك بينما توقعت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في تقرير صدر مؤخرا، حدوث انكماش للطلب العالمي إلى متم 2014 وأيضا السنة الموالية. كما أن صندوق النقد الدولي نبه، في تقريره الأخير أيضا، إلى أن "الجزائر تعاني من هشاشة في توازناتها الخارجية، خاصة مع انكماش قطاع المحروقات أو تراجعه، مما يحتم ضمان مراقبة النفقات العمومية، على اعتبار أن سياسات الموازنة دورية تخضع لتقلبات الأسعار".
ولن يكون بمقدور الجزائر، التي تختزن 12 مليار برميل من النفط و4 آلاف مليار متر مكعب من الغاز، الإبقاء على الحجم الحالي لصادراتها من المحروقات، بسبب الطلب المحلي المرتفع في ظل سعره المتدني بمحطات البنزين.