تنتظر الرئيس الجديد لفرنسا فرنسوا هولاند مهام كثيرة في الأسابيع الأولى لولايته مثل تعيين رئيس الوزراء وتشكيل حكومة واتخاذ الإجراءات الأولى العاجلة وزيارة برلين لإعادة التفاوض على المعاهدة الأوروبية إضافة إلى قمتي مجموعة الثماني وحلف شمال الأطلسي في الولاياتالمتحدة.
ومنذ وقت طويل بالفعل قال هذا الاشتراكي الذي انتخب مساء الأحد رئيسا جديدا للفرنسيين "نحن مستعدون، مستعدون للتحرك، ولاتخاذ القرار" مشددا على ان "التغيير سيبدأ على الفور".
وسيكون جدول الرئيس الجديد مشحونا جدا، فبعد قليل من توليه مهام منصبه، ربما اعتبارا من 11 ماي وفقا لمصدر دبلوماسي وفي كل الاحوال قبل 16 من الشهر نفسه، سيكون عليه التوجه إلى الولاياتالمتحدة للمشاركة في أولى لقاءاته الدولية في 20 و21 ماي.
وكان فرنسوا هولاند اكد قبل الانتخابات انه لم يتخذ بعد اي قرار بشان رئيس وزرائه ولا أصحاب المناصب الوزارية الرئيسية.
وقال موضحا "الامر سيتوقف على مدى الفوز، ومغزاه وضرورة الحصول اثر ذلك على أغلبية سياسية".
وكل ما قاله، إن رئيس الحكومة الجديد سيكون شخصا "يعرف جيدا النواب والحزب لكن يتعين ايضا ان يعرفني جيدا حيث من الافضل ان نكون على وفاق".
ويبدو من كلامه هذا انه يستبعد زعيمة الحزب الاشتراكي مارتين اوبري، التي من المعروف انه لا يتفق معها كثيرا، ويتجه أكثر إلى جان مارك ايرو زعيم كتلة النواب الاشتراكيين ورفيق دربه، رغم أن استطلاعات الرأي تضع اوبري على قائمة المرشحين لمنصب الوزير الاول.
وقد حذر فرنسوا هولاند من انه بعد انتخابه سيعكف على قضية كبرى في برنامجه وهي إعادة التفاوض على ميثاق الموازنة الاوروبي الذي يريد ان يدرج فيه النمو.
وقال تمهيدا للقمة القادمة للاتحاد التي ستعقد في بروكسل في 28 و29 يونيو "غداة الاقتراع اذا تحقق لي الفوز سابعث بمذكرة الى رؤساء الدول لاعادة التفاوض بشان المعاهدة".
وكان هولاند يعلم ان ذلك سيثير انزعاج المستشارة الالمانية انغيلا ميركل التي تعارض بشدة اي اعادة تفاوض على هذه المعاهدة. ومع ذلك فان برلين هي التي ستكون وجهته في اول زيارة له كرئيس الى الخارج فور تنصيبه وذلك لاجراء "مباحثات حازمة وودية".
وبعد ذلك سيتوجه هولاند الى كامب ديفيد وثم الى شيكاغو لحضور لقاءين دوليين مهمين، حيث سيكون عليه ان يوضح لشركائه في مجموعة الثماني والحلف الاطلسي قراره التبكير بسحب القوات الفرنسية المقاتلة من افغانستان قبل نهاية 2012.
وفي الوقت نفسه وعد الرئيس الجديد ب"سرعة التحرك". وكان فرنسوا هولاند اعلن بالفعل خريطة طريق سنته الاولى في الحكم التي تشمل "اجراءات عاجلة" تتخذ اساسا بمراسيم قبل نهاية يونيو في اطار دورة غير عادية للبرلمان (من 3 يوليو الى 2 غشت) مع جمعية وطنية مجددة اثر الانتخابات التشريعية المقررة في 10 و17 يونيو.
والقرار الاول لفرنسوا هولاند سيكون شديد الرمزية: خفض مخصصات رئيس الدولة والوزراء بنسبة 30%. وقد حذر هولاند ايضا من انه سيجمد لثلاثة اشهر اسعار الوقود ويزيد بنسبة 25% معونة بدء السنة الدراسية والعودة جزئيا في اصلاح نظام التقاعد.
وخلال شهر سيتحدث هولاند امام البرلمان حيث سيحدد مسار استعادة التوازن المالي عام 2017 ويطلق مشروع الاصلاح الضريبي وتطهير الانشطة المصرفية بفصل معاملات الاعتماد عن معاملات المضاربة.
كما يريد إطلاق المشاريع الاشتراكية الرئيسية لولايته من خلال على سبيل المثال مؤتمر وطني حول النمو والوظيفة بدءا بزيادة الوظائف حيث يريد استحداث 60 الف وظيفة في خمس سنوات.
ومنذ شهر تقريبا قال فرنسوا هولاند "سنتحرك سريعا وبشكل متماسك .. سنتلافى ما حدث منذ خمس سنوات اي سرعة التحول والانقلاب
وكان المرشح الاشتراكي فرانسو هولاند حصل أمس على51،9 في المائة من الأصوات مقابل 48،9 في المائة للرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي، في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي جرت أمس الأحد.
وبعودة هولاند يكون الاشتراكيون قد عادوا إلى الحكم بعد 31 سنة منذ تولي ميتران الرئاسة.
وبهذا يكون ساركوزي الذي سيغادر قصر الإليزيه يوم 15 ماي الجاري، قد حصد هزيمة مرّة، تجعله الزعيم الأوروبي الحادي عشر الذي تطيح به الأزمة الاقتصادية في وقت يُصبح فيه هولاند أول رئيس اشتراكي لفرنسا منذ 17 عاما.
ويعتبر هولاند ثاني رئيس اشتراكي بعد فرانسوا ميتران(1995-1981) منذ إعلان الجمهورية الخامسة سنة 1959، أما نيكولا ساركوزي الرئيس المنتهية ولايته فهو ثاني رئس فرنسي يهزم بعد فاليري جيسكار ديستان سنة 1981.
وأظهرت الارقام التي نشرتها وزارة الداخلية ان 72 في المائة من الناخبين المسجلين ادلوا بأصواتهم بحلول الساعة الخامسة مساء (1500 بتوقيت جرينتش) رغم الطقس الممطر في معظم انحاء فرنسا. وكانت نسبة الاقبال على التصويت قد بلغت 70.6 في المائة في نفس الوقت من الجولة الأولى التي أجريت في 22 ابريل.
واحتفظ هولاند بتقدم ثابت لأسابيع بعد أن عرض برنامجا شاملا في يناير يقوم على زيادة الضرائب خاصة على أصحاب الدخول المرتفعة لتمويل الإنفاق والسيطرة على العجز العام.
واستفاد هولاند في جوانب كثيرة من برنامجه الانتخابي من موجة من المشاعر المناهضة لساركوزي ترجع في جزء منها الى أداء الرئيس المنتهية ولايته الذي يوصف بأنه استعراضي، ويظهر غرورا من حين الى آخر، فضلا عن الغضب من الأزمة الاقتصادية التي أضرت بزعماء بدءا من بريطانيا وانتهاء بالبرتغال.