للسنة السادسة على التوالي يعيش المغرب سنوات عجاف. فأمام شح التساقطات، يكون الموسم الفلاحي السنوي على حافة الانهيار. وهذا، ما يستدعي مساءلة الإجراءات التي قامت بها الحكومة لمواجهة تحديات الجفاف وتداعياته على الجانبين الاقتصادي والاجتماعي. وفي هذا الصدد، أفاد عبد الحق البوتشيشي، رئيس الجمعية الوطنية لهيئة تقنيي تربية المواشي أن المغرب أصبح يعيش جفافا هيكليا. فميزانية الدولة تُعد وفق التساقطات، التي أضحت غير منتظمة، وهو الأمر الذي يُسفر إما عن سنة جافة أو سنة ذات مردود فلاحي جد ضعيف. ويضيف البوتشيشي أن توالي سنوات الجفاف، تخلق تداعيات على الإنتاج النباتي والحيواني وحتى الغطاء النباتي، ناهيك عن الفرشة المائية ومعاناة المغرب من مشكلة الإجهاد المائي، الشيء الذي يستدعي الاقتصاد على مياه الري وإعادة النظر في كيفية استغلال المياه الجوفية ومياه السدود وتحلية البحر، مما يفرض ،حسب الوتشيشي، تغيير الاستراتيجية، فمليوني هكتار من الزراعات تعتمد على مياه الري. ولكن للأسف، لا تدخل في إطار النباتات العشبية الكلائية أو الزيتية .وبالتالي استراتيجية الدولة تفكر دائما في استيراد الحبوب والقطاني والنباتات الزيتية وهذا ينعكس على ارتفاع التكلفة وتتسبب في عجز تجاري من الناحية الاقتصادية في الوقت الذي يتصدر فيه المغرب المرتبة الرابعة في تصدير الخضر والفواكه ونستورد الحاجيات الأساسية الذي يحتاجها المواطن المغربي. ويستطرد قائلا: أن أهم حاجيات المغرب هي الحبوب والقمح الطري والقمح الرطب أما على مستوى الأعلاف فنعتمد على استيراد الشعير والذرة والسوجا . وبالتالي، يجب على الدولة أن تذهب في هذا التوجه، لأن ماء السقي هو ماء المغاربة جميعا، وحبذا لو تفرض الدولة على أصحاب الأراضي المخصصة للسقي زرع نسبة من للزراعات التي يستهلكها المواطنون المغاربة، فلا يعقل أن نكون دائما رهن التقلبات الخارجية والسوق العالمي في الوقت الذي ننتج فيه مأكولات توجه لأوروبا وأمريكا. مؤكدا على ضرورة إنتاج ما نستهلكه على الأقل ونضمن الحد الأدنى من الأمن الغذائي. وكمهتم بالقطاع الفلاحي، يجد البوتشيشي أن مجهودات الحكومة في مواجهة تحديات الجفاف غير كافية. فأولا، يجب الحفاظ على ما تبقى من المياه، وذلك بتحسين تدبير الماء. وهذا لا يتأتى إلا بتشجيع البحث العلمي الموجه نحو اعتماد تقنيات جديدة للري بدل القديمة التي تجسد الفرشة المائية. فالدولة ملزمة بالاستثمار والتمويل في مجال البحث العلمي، ودورها هو ايجاد التوازن بين تدبير المياه والاستهلاك الداخلي ومايين الاستيراد والتصدير. فحينما يتم تصدير خضروات تمثل 90 في المائة من المائدة المغربية فحتما يوجد خلل في المنظومة. ولم يفت البوتشيتي الحديث عن الإنتاج الحيواني. فهو يتأسف عن لجوء المغرب لاستيراد اللحوم الطرية والمجمدة. فبهذه السياسة، ستزيد من نسبة الاستيراد، وسنعجز على بناء القطيع. وهو المشكل الذي يزداد استفحالا خاصة وأن الرعي يعتمد على مياه التساقطات. لهذا يجب تشجيع الكسابة على طرق العلف البديلة.