تسلم فرانسوا هولاند اليوم الثلاثاء 15 ماي الجاري مهامه كرئيس جديد للجمهورية الفرنسية خلفا لنيكولا ساركوزي ليصبح أول اشتراكي يتولى المنصب منذ فرانسوا ميتران، الذي ترأس البلاد لولايتين، من 1981 لغاية 1995. وهو الرئيس الفرنسي السابع في تاريخ الجمهورية الخامسة التي أسسها الجنرال شارل ديغول. ساركوزي يستقبل هولاند ويعطيه الرموز النووية وكان فرانسوا هولاند، 57 عاما، وصل إلى قصر الإليزيه عند العاشرة صباحا وكان ساركوزي في استقباله على عتبات القصر، الذي دشن في القرن الثامن عشر في عهد الملك لويس الخامس عشر، قبل اصطحابه إلى الداخل وإطلاعه على الملفات السرية والحساسة وتسليمه رموز الردع النووي الفرنسي. وقال بعض المحللين إن الرئيس المنتهية ولايته غالبا ما يخبر خلفه ببعض الأسرار ويعطيه نصائح بشأن بعض رؤساء وزعماء الدول العظمى، ومن المرجح أن يكون ساركوزي كشف لهولاند عن بعض جوانب شخصية أنغيلا ميركل المستشارة الألمانية التي سيلتقيها مساء الثلاثاء في برلين في أول تحرك دبلوماسي له كرئيس. وأصبح هولاند رئيسا رسميا للجمهورية الفرنسية بعد إعلان جان لوي دوبري رئيس المجلس الدستوري عن النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية التي فاز فيها المرشح الاشتراكي إثر الجولة الثانية، متقدما على الرئيس المنتهية ولايته ب 51,64 في المئة من أصوات الناخبين مقابل 48,36. مارتين أوبري: "هولاند تواضع للفرنسيين" وكما تعهد الرئيس الجديد، جرت مراسم تسليم السلطة بطريقة متواضعة على كل المستويات، واختلفت بشكل جذري عن مراسيم 2007 عندما حضر نيكولا ساركوزي إلى الإليزيه مصطحبا زوجته آنذاك سيسيليا وأولادهما. وقالت مارتين أوبري زعيمة "الحزب الاشتراكي" إن هولاند تسلم السلطة "بتواضع لأنه أصلا رجل متواضع"، مضيفة أنه "يريد بتواضعه البقاء قريبا من الشعب الفرنسي". وبعد أن حيا ضيوف حفل التسليم بقصر الإليزيه، جاب هولاند جادة الشانزيليزيه تحت أمطار غزيرة قبل تكريمه ذاكرة جول فيري مؤسس إلزامية ومجانية التعليم في 1881، والعالمة الفرنسية ماري كوري الحائزة جائزة نوبل مرتين، الأولى في الفيزياء في 1903 والثانية في الكيمياء في 1911. "إعادة الثقة إلى الفرنسيين" قبل لقاء جوهري مع ميركل وفي خطاب قصير ألقاه عقب تسلمه السلطة، أكد فرانسوا هولاند تعهداته خلال الحملة الانتخابية، مشددا على ضرورة "إعادة الثقة إلى الفرنسيين" وفتح عهد "رئاسة جديدة تكون صفاتها التواضع والسلم والانفتاح والعدالة الاجتماعية"، مشددا على "المصالحة" بين الفرنسيين و"لم شملهم" بعد خمس سنوات من عهد نيكولا ساركوزي كان قد وصفها خلال الحملة بأنها "فرقت بين الفرنسيين" وخلقت "انقسامات في صفوفهم". وصرح هولاند في خطابه الأول كرئيس للجمهورية الفرنسية أنه سيسعى إلى "فتح طريق جديد في أوروبا" وسط تشاؤم شبه عام بشأن توقعات النمو، وذلك قبل ساعات من توجهه إلى برلين لمقابلة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل. وبحسب آخر الأرقام التي نشرها مركز الإحصاءات الأوروبي، فإن اقتصاد منطقة اليورو قد نجا من الركود ولكنه سجل انكماشا مستمرا منذ مطلع العام الجاري، مشيرا إلى أن القادة الأوروبيين فشلوا في استعادة النمو، فيما دول جنوب أوروبا مثل إيطاليا وأسبانيا شهدت احتجاجات ضخمة ضد إجراءات التقشف. "من غير المعقول إعادة النظر في المعاهدات كلما حل رئيس مكان رئيس آخر" وسيتناول الرئيس الفرنسي مساء الثلاثاء في برلين في أول لقاء له مع أنغيلا ميركل هذه الإجراءات، التي انتقدها بشدة خلال حملته، مشددا مرارا على نيته إعادة النظر في معاهدة الانضباط المالي التي فرضتها ألمانيا على منطقة اليورو. وكان هولاند دائما يقول إن سياسة التقشف ستؤدي بأوروبا إلى الانهيار، مفضلا خيار النمو كسبيل للخروج من الأزمة. وتوقع اقتصاديون وصحافيون أن يكون اللقاء بين هولاند وميركل لقاء "قرارات" وليس مجرد لقاء "تعارف". وكانت ميركل، التي مني حزبها الديمقراطي المسيحي الأحد بهزيمة نكراء في انتخابات جزئية غربي ألمانيا، رفضت إعادة النظر في معاهدة الانضباط المالي، معتبرة أنه "من غير المعقول أن تعيد أوروبا النظر في معاهداتها كلما تغيرت حكومة في أحد بلدانها الأعضاء أو كل ما حل رئيس مكان رئيس آخر".