بشفافية غير مسبوقة، صرّح مدير وكالة الاستخبارات العسكرية الاميركية السابق الجنرال "مايكل فلين" في مقابلة تلفزيونية حديثة مع قناة "الجزيرة" أن الولاياتالمتحدةالأمريكية اتخذت القرار لدعم ورعاية ما يسمى ب "الجهاديين المتطرفين" (ما يعرف اليوم ب "داعش" و"جبهة النصرة"_فرع تنظيم "القاعدة" في بلاد الشام) ومساندة هذه المجموعات ضد النظام السوري. وبحسب المسؤول السابق، كان القرار "متعمداً" ومدروساً من قبل البيت الأبيض، الأمر الذي تؤكده الوثيقة السريّة لجهاز المخابرات التابع لوزارة الحرب - DIA التي كان قد قرأها ودرسها شخصياً بدقة عام 2012 والتي تؤكد دعم الغرب لتنظيم "داعش". مسؤول سابق في الاستخبارات الامريكية يؤكد بالوثائق اليد الطولى لاميركا في إنشاء ودعم ورعاية "داعش" ما يثير التعجّب هو أن فلين في مقابلته مع مذيع قناة "الجزيرة" مهدي حسن ورداً على أسئلته، يبدو وكأنه يتعمّد توضيح السياسات التي أدّت الى نشأة وظهور الحركة التكفيرية "داعش"، ويؤكد أن هذه الحركات التكفيرية لم تكن وليدة سياسات تنم عن جهل أو عدم خبرة بل كانت نتيجة قرارات تمّ حسمها واتخاذها عن وعي وتصميم. يسأل مذيع الجزيرة ضيفه في الدقائق الاولى من المقابلة: "أنت تقول إنه حتّى في الحكومة (الأمريكية) وفي نفس الوقت الذي علمت فيه بوجود تلك المجموعات (المتطرفة) رأيت هذا التحليل وكنت تناقش وتبدي معارضة له ولكن من لم يسمعك عندها؟". فيجيب فلين "أعتقد أن الادارة (الأمريكية) لم تكن تستمع". فيتابع حسن "أتعني أن الادارة الأمريكية كانت تغضّ النظر عن تحليلك؟"، فيجيب فلين "أنا لا أعتقد ذلك، بل أعتقد أن الادارة اتخذت القرار بذلك وكان قراراً عمدياً". وفي المقابلة أيضاً، يقرّ فلين بأنه في العام 2012 كانت الولاياتالمتحدة تساعد في نقل السلاح وإيصاله للجماعات "السلفية المتطرفة" و"الاخوان المسلمين" و"القاعدة" في العراق ولكنه "لم يستطع أن يمنع ظهور وبروز هذه الحركات المتطرفة لأن ذلك لم يكن من شأنه بل كان عمله يقتضي بأن يتأكد من أن العمل الاستخباراتي يتمّ على أكمل وجه ممكن"، على حد قوله. ووفقاً لوثائق سريّة من وزارتي الخارجية والحرب الأمريكيتين، فقد شهد عام 2012 إطلاق فكرة إنشاء تنظيم "داعش"، لاستخدامه في إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وتكوين دولة "خلافة السفاحين" بتمويل سعودي ورعاية وسلاح أمريكي. ولا يخفى على أحد أن هذا المخطط يعمل على نشر الفوضى في المنطقة العربية والتي تمتد آثارها إلى دول أخرى. وقد تمكنت المنظمة الحقوقية الأمريكية "جوديشيال واتش" في 18 ماي 2015، من الكشف عن مجموعة من الوثائق المصنفة "بالسرية" بوزارتي الخارجية والحرب الامريكيتين، بعد دعاوى قضائية في المحكمة الاتحادية استمرت لأكثر من سنتين. وتبيّن هذه الوثائق الصادرة عن وكالة استخبارات الحرب الامريكية (جهاز المخابرات التابع لوزارة الحرب - DIA)، أن إنشاء ما يسمى "دولة إسلامية" هدف مطلوب في شرق سوريا، وسيعمل على دعم السياسة الغربية في هذه المنطقة. وفي تنبؤ لافت للنظر وذي دلالات، تتوقّع وثيقة البنتاغون صراحةً الإعلان المحتمل لتنظيم "داعش" من خلال اتحادها مع منظمات (إرهابية) أخرى في العراقوسوريا. وبالرغم من ذلك ووفقاً للوثيقة، فإن "الغرب ودول الخليج وتركيا تدعم "المعارضة السورية" .. وهناك إمكانية لإنشاء "إمارة سلفية"، معلنة أو غير معلنة، في شرق سوريا (الحسكة ودير الزور) المتجاورة مع محافظاتالعراق الغربية (الموصل والانبار)، وهذا تحديداً هو ما ترغب فيه القوى الداعمة ل "المعارضة" التي تريد عزل نظام (الرئيس) الأسد ...". ونتيجة لذلك؛ تُقدّم وثيقة البنتاغون تأكيدًا غير عادي بأن قوات التحالف (بقيادة الولاياتالمتحدة) التي تدّعي قتال "داعش" حاليًا، رحّبت قبل ثلاث سنوات بظهور "إمارة سلفية" (متطرفة) في المنطقة كوسيلة لتقويض الأسد، ومنع التوسع الاستراتيجي لإيران. وهذه الوثيقة المصنّفة على أنها "سريّة" كانت قد كتبت بتاريخ 12 غشت 2012، وتمّ تعميمها على نطاق واسع بين مختلف الوكالات الحكومية الأمريكية، بما في ذلك القيادة المركزية ووكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الاتحادي، ووزارة الخارجية وغيرها .. ووفقًا لهذه الوثيقة، فإن الاستخبارات الأمريكية توقعت صعود "داعش". ولكن المثير في الموضوع هو أن الوثيقة تتكلم عن إنشاء ما يسمّى "الإمارة الإسلامية"، على أنه مشروع يتبناه الغرب والقوى الدولية الداعمة ل "المعارضة" السورية. كلام المسؤول الأمريكي السابق فلين يؤكد صحّة هذه الوثائق التي تكشف أنّ محللي البنتاغون ك "فلين" وغيره كانوا على دراية بالمخاطر الوخيمة لهذه الاستراتيجية، لكنهم استمروا في تنفيذها على أيّ حال. وتضاف شهادة فلين الى شهادات أخرى تشمل وثائق أخرى وتقارير لكثير من المحللين والصحفيين، تثبت أن وكالات الاستخبارات الغربية والخليجية كانت تشارك بنشاط في تدريب الحركات "المعارضة" المسلحة السورية، والكثير منها قد انضم لاحقًا إلى "داعش" و"جبهة النصرة" فرع تنظيم "القاعدة" في بلاد الشام، مستفيدين من الأسلحة المقدمة من قبل القوى الغربية. الوثيقة تثبت أيضًا أن الولاياتالمتحدة كانت على علم، وربما كانت تشرف على إرسال شحنات السلاح من عتاد الجيش الليبي السابق إلى سوريا، وأن شحنات الأسلحة كانت تنطلق من ميناء بنغازي إلى موانئ بانياس وبرج الإسلام على الساحل السوري. وتقدّم إحدى الوثائق "توضيحاً" بنوعية السلاح المرسل وكميته، ويتضمن قناصات وقاذفات صاروخية وقذائف مدفعية ثقيلة، بالإضافة الى أسلحة أمريكية مرسلة إلى سوريا، من بينها صواريخ مضادة للدبابات، ووقعت هذه الأسلحة في كثير من الأحيان في أيدي مقاتلي "جبهة النصرة" و"داعش"، بتنسيق من تركيا والسعودية. هذه هي المرة الأولى التي يقدّم فيها مسؤول سابق تصريحاً صريحاً ومباشراً حول صحّة التسريبات التي ترجع لعام 2012، يؤكد فيه أن القوى الغربية على رأسها الولاياتالمتحدة لها يد في إنشاء ورعاية "داعش"، ومحاولة السيطرة عليها وتوجيهها لما يحقق أهداف السياسات الغربية في منطقة الشرق الأوسط، لا بل أنها اتخذت القرار باستكمال مشروع اقامة ما يسمى ب "الامارة السلفية" بالرغم من تحذيرات المحللين بخطورة الوضع على المنطقة والعالم.