تتعرض الأساليب السياسية والعسكرية التي تتبعها الإدارة الأمريكية لمواجهة تنظيم داعش في كل من سورياوالعراق لإنتقادات وحملات تشكيك كثيرة من جانب مسؤولين وخبراء في العديد من دول العالم بما في ذلك تلك الدول المصنفة في خانة حلفاء واشنطن، وكذلك من داخل الولاياتالمتحدة نفسها. الإنتقادات والشكوك تحوم حول مدى جدية إدارة البيت الأبيض ليس في مواجهة تنظيم داعش وحده بل كل التنظيمات المتطرفة الأخرى العاملة في منطقة الشرق الأوسط والتي تعمل على زعزعة الإستقرار ونشر الفوضى وتكريس منطق التقسيم على أسس عرقية ودينية، وهو ما يؤكد عدد من السياسيين أنه هدف واشنطن وأن هذه الأخيرة ورغم الضجة التي تثار حول حربها على الإرهاب تقف بشكل أو بآخر خلف هذه التنظيمات التي تخدم في النهاية مخططات أمريكا. في عدد من دول المنطقة العربية وبعيدا عن بلاد الرافدين والشام تدور مواجهات بعضها في صورة حرب مفتوحة بين تنظيمات مسلحة موصوفة بالمتطرفة والأنظمة القائمة، كما هو الأمر في اليمن ومصر وليبيا وتونس، هدف محركيها هو الوصول إلى نفس النتيجة التي تمخض عنها الغزو الأمريكي للعراق سنة 2003. معونات تصب في جعبة داعش يوم 20 أكتوبر 2014 كشف موقع "دايلى بيست" الإعلامي الأمريكى عن أن المساعدات الأمريكية المخصصة للسوريين تذهب إلى تنظيم داعش، الذي يفترض أن الولاياتالمتحدة تحاربه. وقال الموقع إنه في الوقت الذي تقوم فيه الطائرات الحربية الأمريكية بضرب مسلحي داعش في سورياوالعراق، فإن الشاحنات المحملة بالمساعدات الأمريكية والغربية تتدفق داخل الأراضى التى تخضع لسيطرة الجهاديين وتساعدهم في بناء دولة الخلافة الخاصة بهم. وأشار الموقع إلى أن هذه المساعدات ممولة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومانحين أوروبيين ومنظمات مختلفة داخل الولاياتالمتحدة. ويمضى تقرير دايلي بيست في القول إن قوافل المساعدة يجب أن تتم الموافقة عليها من قبل قادة داعش لتدخل إلى معاقل المتشددين فى شرق سوريا وتحديدا فى مدينتى الرقة ودير الزور، وتقدم مصدر آخر للدخل لمسلحي داعش الذين يمولون أنفسهم من خلال تهريب النفط والابتزاز وبيع كل ما يمكن أن ينهبوه بما فى ذلك المتاحف والمواقع الأثرية. ونقل دايلى بيست عن أحد منسقي الإغاثة الذي رفض الكشف عن هويته قوله، إن القوافل يجب أن تتم الموافقة عليها من قبل داعش ويجب أن تدفع لهم رشاوى مقنعة كتكاليف نقل. ويتم دفع الرشاوى إما من قبل المنظمات الأجنبية غير الحكومية أو نظيرتها المحلية المكلفة بتوزيع المساعدات أو من قبل شركات النقل التركية أو السورية التى تم التعاقد معها لتسليم المساعدات. بعد هذا التقرير بعشرة أيام تقريبا ويوم السبت فاتح شهر نوفمبر ذكر تقرير لنفس الموقع أن كبار القادة العسكريين سواء في إدارة وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" وفى الميدان يزدادون إحباطا بشأن القيود المشددة التى يفرضها البيت الأبيض على خطط مكافحة تنظيم داعش وتدريب جيش جديد من المتمردين السوريين. فبينما تدخل المعركة التى تقودها واشنطن ضد داعش، شهرها الرابع، يشكو مسئولو البنتاغون العمل تحت أوامر صارمة من البيت الأبيض للبقاء على الحرب فى حدود ما يسمونه السياسة الموضوعة. وتوضح الصحيفة أن مجلس الأمن القومي أعطى تعليمات بشأن المتمردين الذين يمكن إشراكهم وبشأن من يدربهم، وعما يجب أن يفعله أولئك المقاتلون عندما يعودون إلى سوريا. وتقول الصحيفة إن أغلب أولئك المتمردين الذين يجرى تدريهم من قبل الولاياتالمتحدة، لن يذهبوا للقتال ضد داعش. وما يجعل الأمور أكثر سوءا، بحسب تصريحات ضباط الجيش والقاعدة الميدانيين فى البنتاغون للديلى بيست، هو عملية صنع قرار الحرب ضد داعش، والتي تقودها سوزان رايس، مستشارة الأمن القومي. ويتحدث المسئولون عن لقاءات مفاجئة ومتكررة من قبل مجلس لأمن القومي، وما يسمى لجنة الدفاع الأعلى والاستخبارات ومسئولي السياسة الخارجية. وقال مسئول رفيع من البنتاغون: "هناك الكثير من المناقشات بشأن الأمور الصغيرة، القرارات الأساسية التي ينبغي أن تستغرق ساعات تأخذ أياما أحيانا". وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد ذكرت، في منتصف أكتوبر، أن وزير الدفاع تشاك هاجل نفسه من بين منتقدي إستراتيجية أوباما في سوريا. الضربات الجوية لم تؤثر يوم 31 أكتوبر 2014 وفي عملية تعبير خجولة عن الشكوك في سياسات إدارة الرئيس الأمريكي أوباما قالت صحيفة واشنطن بوست، نقلا عن مسئولين أمريكيين بالاستخبارات ومكافحة الإرهاب، إن أكثر من ألف من المقاتلين الأجانب يتوجهون إلى سوريا كل شهر، في معدل لم يتغير حتى الآن بفعل الضربات الجوية ضد تنظيم داعش. ورأت الصحيفة أن حجم الهجرة المستمرة يشير إلى أن الحملة التى تقودها الولاياتالمتحدة لم تردع أعدادا كبيرة من المسلحين من السفر إلى المنطقة، ولم تثر غضبا كبيرا بدليل أن المزيد يتدفقون للقتال بسبب التدخل الأمريكي. وقال مسئول رفيع المستوى بالاستخبارات الأمريكية إن تدفق المقاتلين الذين يشقون طريقهم إلى سوريا يظل مستمرا، ومن ثم فإن الرقم العام لا يزال مرتفعا، لكنه حذر من وجود تأخر في الاستخبارات التي تحصل عليها السى أى إيه، وأجهزة المخابرات الأخرى، بما يعنى أن الأمر قد يستغرق أسابيع قبل أن يتجلى التغيير. ومضت الصحيفة قائلة إن هذا الاتجاه الذى تأسس على مدار عام 2013 قد يعنى أن عدد المقاتلين الأجانب فى سوريا تجاوز 18 ألفا، وأن الوتيرة لا تتضاءل مقارنة بأى نزاع آخر فى العقود الأخيرة، بما فى ذلك فى حرب أفغانستان فى الثمانينيات. وعزا المسئولون الأمريكيون تدفق المقاتلين الأجانب إلى عدة عوامل منها حملات التجنيد المتطورة التي تقوم بها الجماعات المتطرفة، والسهولة النسبية التى يمكن أن يصل بها المسلحون من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا إلى سوريا رغم تأكيدات تركيا التي تقول أنها ستحد من تدفق المقاتلين عبر حدودها. وحاول المسئولون الأمريكيون التأكيد على أن استقرار التدفق لا يعد مقياسا لمدى كفاءة الحملة الجوية التى امتدت من العراق إلى سوريا. وتشير تقديرات غربية إلى أن الضربات الجوية والصاروخية الأمريكية وغيرها فى سوريا قد قتلت فقط 460 عضوا من داعش، و60 مقاتلا من جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، وهو رقم تافه من شأنه فضح خبايا اللعبة السياسية. وتوقع الخبراء أن يزيد عدد المقاتلين الأجانب بدرجة كبيرة مع استمرار الصراع الذى بدأ قبل ثلاث سنوات، وقال أندرو ليبمان، الخبير في شئون مكافحة الإرهاب بمؤسسة راند الأمريكية، إنه لا يعتقد أن 15 ألفا من المقاتلين الأجانب قد ظهروا على السطح بعد، وهو ما يعني أن أكثر من 30 الف من المقاتلين الأجانب يقاتلون في سوريا وحدها ضد الجيش السوري. الإرهاب يحاول تفكيك جيوش عربية أجرى الصحفي البريطاني "روبرت فيسك" حوارا مع الخبيرة السياسية السورية "بثينة شعبان" بمكتبها فى العاصمة السورية "دمشق" نشر بعدة صحف بريطانية يوم السبت الأول من شهر نوفمبر، فى محاولة للبحث عن إجابة لما يحدث فى الشرق الأوسط من عنف. وبدأت "شعبان" حديثها مع "فيسك" بترتيب الأحداث التي شهدتها المنطقة، محاولة أن تظهر له ما تظنه مؤامرة تستهدف جيوش منطقة الشرق الأوسط، وليس مجرد الرؤساء بحجة بدء إقامة مشروع ديمقراطي، وقالت "إنه بعد الغزو الأمريكي البريطاني للعراق عام 2003، كان أول ما قامت به الإدارة الأمريكية هو حل الجيش العراقي، مما جر البلاد فى فوضى طائفية واجتماعية، فوضى دمرت العراق وجعلتها تفكر أن الهدف الحقيقي للغزو ليس إطاحة الرئيس الراحل "صدام حسين" بل إطاحة العراق نفسه من خريطة الأمم". وتؤكد "شعبان" وجهة نظرها ضاربة مثل ما حدث فى "ليبيا"، فالإطاحة بالرئيس الراحل "معمر القذافي" انتهت بجر البلاد إلى أتون حرب أهلية وطائفية لم تهدأ منذ 3 سنوات، مشيرة إلى أن ما يحدث بسوريا ليس بالأمر المختلف، فالهدف هو ليس "بشار الأسد"، بل سوريا نفسها وجيشها، مشيرة إلى العمليات الإرهابية التي تواجه الجيش المصري في سيناء، هي محاولة واضحة لإنهاكه وإدخال البلد فى دوامة من الفوضى التي طالت أغلبية بلدان الشرق الأوسط، لافتة إلى عمليات قتل الجنود اللبنانيين مؤخرا فى مدينة طرابلس على يد متطرفين. وأبدت "شعبان" عدم تفهمها لحقيقة الدور الذي تقوم به "داعش" فى المنطقة، فهى ترى أن التنظيم المسلح ممول بشكل مثير للتساؤلات من جانب حلفاء للولايات المتحدة بل ومن أجهزة المخابرات الأمريكية. وأضافت حملاته الإعلامية يبدو جليا أنها من صنع محترفين من مستوى دولي وليس مجرد هواة، كما أن تأخر التحرك الأمريكى ضدها، يجعل "شعبان" ترى أنه ليس ثمة تحرك حقيقى ضد ذلك التنظيم. لم تتحرك أمريكا عندما اجتاح التنظيم المسلح مدينة الموصل وأجزاء من شمال العراق، لكنها شكلت تحالفا لمواجهة "داعش" بعمليات جوية غير مجدية عندما اتجه التنظيم صوب الأراضي الكردية، وأضافت شعبان إن هذا يجعلني أبدى تشككي من حقيقة وجود هذا التنظيم المسلح في المنطقة. واشنطن والمعايير المزدوجة شارك وفد مصري يضم عددا من الإعلاميين وممثلين عن الكنيسة ووزارة الأوقاف واثنين من السفراء السابقين، فى نقاش فى واشنطن، على مدار أسبوع إبتداء من 21 أكتوبر، مع مسئولين من الإدارة الأمريكية وعدد من خبراء مراكز الأبحاث، بشأن ثورة 30 يونيو 2013 والإطاحة بحكم جماعة الإخوان من السلطة، مؤكدين أن هذا كان لمصلحة التحول السياسي الديمقراطي لمصر. النقاش الذي نظم بأحد فنادق فيرجينيا، بدعوة من منظمة "الوحدة من أجل تنمية وادي النيل" التي تعمل على دعم العلاقات مع دول النهر الكبير، فضلا عن عدد من المنظمات الدينية فى الولاياتالمتحدة، شهد اتهامات الوفد المصري لمراكز الأبحاث الأمريكية ونشطاء حقوق الإنسان فى واشنطن بالعمل بمعايير مزدوجة من خلال وصف خلع الرئيس الأوكراني المنتخب بأنه "ثورة" بينما اعتبرت إسقاط مرسى "انقلابا". وبحسب صحيفة المونيتور الأمريكية فإن الإعلامية ريهام السهلي قالت إن الرئيس المعزول محمد مرسى انتهك الدستور من خلال الاستيلاء على سلطات ديكتاتورية فى 22 نوفمبر 2012 وقمع بوحشية المتظاهرين أمام القصر الرئاسي، وأشارت إلى ارتفاع مستوى الجرائم في عهد مرسى حتى إن المصريين كانوا يخشون السير فى الشوارع أو إرسال أطفالهم للمدارس. فى المقابل، انتقد الأمريكيين تعامل الحكومة المصرية مع أنصار جماعة الإخوان، وقال نيكولاس فيليوتس، السفير الأمريكى السابق لدى مصر: "ليس من الكافى أن تتحدثوا عن كم كان مرسى سيئا". المعروف أن واشنطن راهنت على ما يسمى تنظيمات الاسلام السياسي لتحقيق مخطط الشرق الأوسط الجديد. وتقول المونيتور إن الهجوم المصرى على طريقة تعامل الأمريكان مع الأحداث في مصر، يبدو أنه كان يهدف، جزئيا، إلى التغلب على التوترات فى العلاقات بين الطرفين قبيل مؤتمر اقتصادي كبير فى شرم الشيخ، فبراير 2015، حيث تأمل الحكومة المصرية في جذب استثمارات أجنبية كبيرة من خلاله، مصادر رصد أخرى أكدت أن هدف الوفد المصري تشجيع وسائل الاعلام والمحللين على طرح تساؤلات حول حقيقة الدور الأمريكي في الفوضى التي تعرفها المنطقة العربية. الوفد المصرى التقى آن باترسون، مساعدة وزير الخارجية الأمريكية والسفيرة السابقة لدى مصر، وغيرهم من مسئولى وزارة الخارجية، بالإضافة إلى ميليسا روجرز، مديرة مكتب البيت الأبيض لشئون العقيدة والشراكة مع الجوار، وعدد من أعضاء الكونغرس بينهم باربرا بوكسر وليندساى غراهام وكريس فان هولين، كما شارك عدد من خبراء الشأن المصري البارزين لدى معهد السلام ومؤسسة كارنيغى للسلام الدولى، وقال القس أندريه ذكى، مدير عام الهيئة الإنجيلية القبطية للخدمات الاجتماعية الذى شارك ضمن الوفد المصري، أنهم حملوا رسالة بشأن حاجة مصر إلى دعم الولاياتالمتحدة لها فى الحرب على الإرهاب، مشيرا إلى أن المسئولين والمحللين الأمريكيين تحدثوا بشأن ما إذا كان ينبغى اعتبار جماعة الإخوان منظمة إرهابية، حيث جادلوا بأن الحكومة المصرية لم تقدم "أدلة كافية" تجعل الإخوان جماعة إرهابية. وتقول الصحيفة إنه من خلال النظر إلى المنطقة عبر عدسة مكافحة الإرهاب، خفضت الولاياتالمتحدة برنامج تعزيز الديمقراطية، لكن لا تزال هناك قيود على المساعدات الأمريكية لمصر، إذ يؤكد العديد من المحليين فى واشنطن أن مصر لا يمكنها تحقيق الاستقرار، بينما تعمل عل قمع حركة الإخوان. وانتقدوا قانون المنظمات غير الحكومية الذي دفع العديد من المنظمات الدولية، الممولة من الخارج مثل مركز كارتر، لغلق مكاتبها فى القاهرة، بينما هناك حاجة إلى مراقبين لمتابعة الانتخابات البرلمانية المقبلة. من جانبه، قال محمود كارم، سفير مصر السابق لدى بلجيكا واليابان وحلف الناتو، خلال اللقاءات التى استمرت أسبوعا، إن وسائل الإعلام الأمريكية والباحثين "لا يعرفون المشاعر الحقيقية ونبض الشوارع المصرية". وحث كارم، الذى يرأس أيضا المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان، على استئناف حوار استراتيجي رسمي بين وزارتي الخارجية المصرية والأمريكية. وقال كارم، في تصريحات للمونيتور، أن الأمريكيين يمكن أن يعملوا على تعزيز المصالحة فى مصر من خلال إبلاغ قادة الإخوان بضرورة نبذ العنف". وأشار إلى أن هذا من شأنه أن "يبشر بالخير داخل المجتمع المصري". العلاقات مع المخابرات الأمريكية المعروف أن موضوع علاقة الإخوان المسلمين ووكالة الاستخبارات الأمريكية "سي اي ايه" يكثر حوله النقاش. البعض يرى أن لا علاقة توجد بين الجماعة وأمريكا وما هي إلا محاولة للتشويه والبعض الآخر يؤكد أن وثائق "سي اي ايه" والإدارة الأمريكية تؤكد وجود علاقة ما بين الطرفين تعود إلى خمسينات القرن الماضي وخلال فترة الحرب الباردة بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفييتي، التي لعب خلالها الإخوان دورا مهما في مقاومة المد الشيوعي. في حوار تلفزيوني جرى قبل أشهر لبرنامج "هنا العاصمة" مع الاعلامية المصرية لميس الحديدي أكد عبد الحكيم عبد الناصر نجل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر ان العلاقة الحميمية بين الاخوان وأمريكا مثيره للاندهاش والشواهد تؤكد وجود اتفاق بين الطرفين على تأمين مصالح واشنطن الاستراتيجية في المنطقة. وقال عبد الحكيم عبد الناصر أن تأمين المصالح الامريكية الاستراتيجية بمصر مستمر منذ أربعين عاما وحتى اللحظة الحالية. في فبراير 2011 وفي مقال نشرته "نيويورك ريفيو أوف بوكس" ذهب الصحفي الكندي آيان جونسون إلى وصف العلاقة بين الإخوان وأمريكا إلى أنها أكثر من حميمية. يقول صاحب كتاب "مسجد في ميونيخ" 2010، الذي يعرض نشاط الإخوان في أوروبا ودورهم فى تجنيد عناصر تبنت في ما بعد الفكر الجهادي، إن ما بين الإخوان والمخابرات الأمريكية تراضيا حقيقيا يرجع إلى الخمسينيات من القرن الماضي وهو "تراض صامت" تم بمقتضاه الاتفاق على معاداة الشيوعية وتهدئة أي توترات للمسلمين في أوروبا. يكشف جونسون في مقاله اطلاعه على أحد الكتب للرئيس الأمريكي السابق دوايت ديفيد أيزنهاور يروي فيه تفاصل اجتماع حضره سعيد رمضان مندوب الإخوان المسلمين وصهر مؤسس ومرشد الجماعة حسن البنا وهو والد الباحث المصري طارق رمضان الذي يحمل الجنسية السويسرية. الكاتب الكندي كشف أيضا أن "سي آي إيه" دعمت سعيد رمضان بشكل علني وكانت تعتبره عميلا للولايات المتحدة وساعدته بالتالي في الخمسينيات والستينيات في الاستيلاء على أرض مسجد ميونيخ وطرد المقيمين ليبني المسجد عليها والذي يعد من أهم مراكز الإخوان المسلمين في أوروبا. وقد كشف الكاتب أيضا دور المخابرات البريطانية في مساعدة سعيد رمضان لترتيب انقلاب ضد عبد الناصر سنة 1965 والعملية التي انتهت بالقبض على غالب عناصرها في ما عرف تاريخيا بقضية تنظيم الإخوان التي أعدم بسببها سيد قطب. في يوليو 2012 وفي حوار مع "الأهرام العربي" اعترف سعد الدين إبراهيم، أستاذ علم الاجتماع ومدير مركز ابن خلدون، بأنه لعب دور الوسيط بين الإخوان والأمريكيين في زمن الرئيس المصري السابق حسني مبارك عبر تسهيل اللقاءات بين القياديين في جماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر وعصام العريان والمرشدين محمد بديع ومحمد مهدي عاكف مع المسئولين الأمريكيين. يذكر أنه وفي شهر نوفمبر 2013 تدخلت الولاياتالمتحدة بكل ثقلها الدبلوماسي لمنع الإمارات العربية المتحدة من محاكمة ثلاثين مواطنا إماراتيا ومصريا في "محكمة أمن الدولة" في أبوظبي، وهي المحاكمة الثانية خلال تلك السنة لمتهمين تربطهم علاقات ب جماعة "الإخوان المسلمين" بتهمة العمل على قلب نظام الحكم وبتأسيس وإدارة منظمة سرية تابعة ل "الجماعة" سعت إلى إسقاط الحكومة. وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي زار أبوظبي في ذلك التوقيت فشل في وقف المحاكمة. معاهد دراسات في واشنطن هاجمت الإمارات ودعت إدارة البيت الأبيض لتكون أكثر حزما. لوري بلوتكين بوغارت زميلة أبحاث في برنامج سياسة الخليج في معهد واشنطن كتبت: من بين دول "مجلس التعاون الخليجي" الست، تبنت دولة "الإمارات" النهج الأكثر عدوانية تجاه العناصر المحلية ل "الجماعة". وهي تظل الدولة العضو الوحيدة التي تحاكم أفرادا علانية بسبب علاقاتهم ب "الإخوان" منذ بدء الانتفاضات العربية الأولى في عام 2011. لقد كانت "جماعة الإصلاح" على مدى عقود المؤسسة المدنية الأكثر تنظيما في دولة "الإمارات" وكان يُنظر إليها في بعض الأحيان على أنها تشكل تهديدا أمنيا داخليا. كما كان الإماراتيون المرتبطون بها من المشاركين الرئيسيين في الدعوات الأخيرة للإصلاح السياسي. المنظمات غير الحكومية خلال شهر يونيو 2014 كشفت وثيقة حصلت عليها مؤسسة "ميدل إيست بريفينغ. إم. إى. بى"، وبموجب أمر قضائي وفقا لقانون حرية المعلومات أن إدارة الرئيس باراك أوباما ظلت تدعم في الخفاء جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الحركات فى الشرق الأوسط التى تخدم وتتوافق مع أهداف السياسة الأمريكية فى المنطقة، في إطار "مبادرة الشراكة الشرق أوسطية" التي تديرها وزارة الخارجية الأمريكية، بهدف تغيير الأنظمة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وكشفت الوثيقة الصادرة في 22 أكتوبر 2010 بوضوح برامج وزارة الخارجية الأمريكية التي تستهدف مباشرة بناء منظمات مجتمع مدنى، خصوصا المنظمات غير الحكومية، من أجل تغيير السياسات الداخلية في الدول المستهدفة لمصلحة السياسة الخارجية الأمريكية وأهداف الأمن القومي للولايات المتحدة. وتركز الوثيقة على القرار الرئاسي رقم 11 الذي لا يزال يصنف تحت مسمى "سرى" ولم يكشف عنه للعامة. ووفقا ل"إم.إى.بى" يحدد القرار خطط أوباما المتعلقة بدعم جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الحركات المتحالفة مع الإسلام السياسي، التي تتوافق مع أهداف السياسة الخارجية الأمريكية فى المنطقة. واشنطن عززت منذ سقوط الاتحاد السوفيتي في العقد الأخير من القرن الماضي من توظيف التنظيمات التكفيرية والإرهابية في تعزيز مسار "الفوضى الخلاقة" مع استعمال "جماعة الإخوان" فى لملمة أشتات هذه التنظيمات المفرطة فى التطرف وتجميع طاقتها لتكون لصالح واشنطن وليس ضدها. واعتمدت إدارة أوباما فى هذا على تقارير أصدرتها مراكز "كارنيغى" و"راند" وغيرهما تصنف الإخوان على أنهم معتدلون وبراغماتيون ويمكن التفاهم معهم. التحرك على جبهتين يسجل المراقبون أنه بعد أن فشلت الولاياتالمتحدة ورغم كل أشكال الضغط في إعادة تنظيم الإخوان إلى السلطة في مصر، تركزت الجهود الهادفة إلى زعزعة السلطة الجديدة في القاهرة على محورين تعميق الأزمة الإقتصادية وضرب المؤسسة العسكرية بكل فروعها وخاصة الصناعية منها. شكلت الأعمال الإرهابية أهم وسيلة لنشر جو من عدم الإستقرار وهو ما كان من شأنه يقود إلى تخويف المستثمرين وضرب السياحة. نجاح الأجهزة الأمنية في مصر في الحد من التفجيرات وأعمال العنف الأخرى داخل المناطق الحضرية عطل جزء من المخطط، ولهذا انتقل التركيز على العمليات المسلحة إلى شبه جزيرة سيناء بموازاة مع تكثيف التحركات الإرهابية في المناطق المحاذية للحدود مع ليبيا. في تعليقها على مقتل 31 جنديا فى تفجير إرهابي في الشيخ زويد، الجمعة 24 أكتوبر، قالت مجلة نيوزوويك "بينما يركز الغرب أنظاره على تقدم تنظيم داعش في الشمال، بالقرب من تركيا، فإن الإرهابيين يفتحون جبهة جديدة في سيناء". وأشارت المجلة الأمريكية، يوم السبت 25 أكتوبر، إلى أن الهجوم الذي استهدف القوات المصرية مؤشر على كيف يمكن أن تتحول شبه جزيرة سيناء من منطقة الجذب السياحي ذات المنتجعات الجميلة، إلى كابوس جهادي"، موضحة أن الهجمات التي استهدفت القوات المصرية تؤكد أن سيناء هي أحدث جبهة في حرب داعش لتأسيس دولة الخلافة فى أنحاء الشرق الأوسط. ولفتت المجلة إلى أن مصدر عسكري سرعان ما عزا تبادل إطلاق النيران، إلى جماعة أنصار بيت المقدس الإرهابي، وأشارت المجلة إلى الطموح الواسع للتنظيم، فضلا عن مشاركته لرؤية تنظيم داعش نحو دولة الخلافة العالمية، وقالت "تتكون الجماعة من إسلاميي غزة وشيوخ السلفية والشباب الصغير، الذى يعانى البطالة أو الأمية والبدو الساخطين، فضلا عن المقاتلين الجهاديين الذين نشأوا في العراق أو الأردن، فضلا عن المصريين العائدين من ساحات القتال فى سورياوالعراق، كما تضم الجماعة الإرهابية أيضا بعض المجندين من مناطق بعيدة مثل أفغانستان، حيث يعتقد الزعيم الحالى لتنظيم القاعدة المصرى المولد، أيمن الظواهري، أن الثورة الإسلامية يجب أن تبدأ من مصر"، وتشير المجلة إلى أن فصائل عدة من أنصار بيت المقدس أقسمت بالولاء لداعش، والتي تزعم تلقيها التدريب على يد داعش". وقالت المجلة الأمريكية: إنه بعد ساعات قليلة من إعلان مصر أن أنصار بيت المقدس مسئولة عن إطلاق النار، أصرت إسرائيل على أن الأمر يتعلق بمحاولة لتهريب مخدرات من قبل عصابات التهريب. الأنفاق مع نهاية شهر أكتوبر 2014 أعلن الجيش المصري عن اكتشاف عشرات الأنفاق أسفل منازل تم إخلاؤها خلال الأيام السابقة. وعبر مصدر عسكري عن انزعاجه الشديد إزاء اكتشاف فتحات أنفاق داخل 87 منزلاً من إجمالي 120 منزلا فقط مع بداية عملية الإخلاء، مشيرا إلى أن الأجهزة المعنية في محافظة شمال سيناء أوشكت على الانتهاء من إخلاء منطقة الشريط الحدودي برفح من المواطنين، تمهيدا لإقامة المنطقة العازلة على امتداد الحدود بطول أكثر من 13300 متر وبعمق 500 متر كمرحلة أولى مع قطاع غزة بمعرفة عناصر من المهندسين العسكريين الذين يقومون بعمليات كشف للمنازل قبل إخلائها لمعرفة ما إذا كانت في داخلها أنفاق. وأوضح أن المخطط يقضي بإخلاء 802 منزل تقطنها 1156 أسرة بطول الشريط الحدودي، وقد تم منح من تم إخلاؤهم حتى الآن تعويضات بقيمة حوالي 20 مليون جنيه. كشفت تقارير أمنية مصرية أن تنظيمات فلسطينية تستثمر نحو 140 مليون دولار سنويا لحفر الأنفاق التي يعمل بها ما لا يقل عن 12 ألف فلسطيني، وتبلغ تكلفة النفق الواحد 100ألف دولار. وأكدت أن هذه الأنفاق تستخدم لتهريب السلاح إلى سيناء مصحوبة بالمواد المستخدمة في صناعة العبوات الناسفة، ونقل أطر مسلحة للتدريب والتأهيل في معسكرات خان يونس ودير البلح تحت رعاية تنظيمات فلسطينية، مضيفة أنه تم وضع الإشراف على حفر الأنفاق ضمن اختصاصات "بلدية رفح الفلسطينية"، وتراقب بمعرفة الأمن الوطني المنتشر على الشريط الحدودي. وكشفت التقارير أن حركات فلسطينية خصصت منذ أحداث يناير 2011 بمصر وهو التاريخ الذي شهد توسعا كبيرا في إنشاء الأنفاق وتشغيلها وحدة خاصة لحفر الأنفاق، وكشفت الأجهزة الأمنية المصرية أن الوحدة الهندسية تزود كل نفق بأطنان من الأسمنت حتى لا ينهار ويكون عريضا إلى حد يسمح بتحرك الأفراد بسهولة، وبعضها مجهز بسكك حديدية خفيفة وعربات نقل سريعة وفتحات جانبية. ووفقا لما كشفه مسؤول فلسطيني في تلك الوحدة الهندسية لجهاز أمني مصري رفيع المستوى، فقد أنهت تنظيمات فلسطينية حفر الكثير من الأنفاق أثناء الحرب الأخيرة مع إسرائيل، ويتم حفر مداخل الأنفاق في الطوابق السفلية من المنازل والمساجد والمدارس وغيرها من المباني العامة. ومن جهة أخرى، قال المسؤول الفلسطيني، إن حفر الأنفاق عملية يدوية شاقة وطويلة، حيث يستغرق حفر نفق واحد عدة أشهر، ولا تستخدم المعدات في الحفر، لأنها تسبب ضوضاء، قد تلفت إنتباه المخابرات المصرية، ويتم استخدام حيل مختلفة لإزالة مخلفات الحفر من موقع النفق، أما صيانة الأنفاق فهي بسيطة إلى حد ما ولا تحتاج إلى شيء سوى النظافة ما لم تكن هناك مياه جوفية تحتاج إلى تفريغ، لكن بدون تبطين النفق بجدران وأسقف خرسانية سوف يتدهور النفق تدريجيا ويحتاج إلى إعادة حفر، لأن طبيعة التربة في غزة رملية ولينة. الخبير الأمني، خالد عكاشة، ذكر أن الفلسطينيين استلهموا فكرة إنشاء الأنفاق من "الفيت كونغ" التي حفرها مقاتلو الجبهة الوطنية لتحرير جنوبفيتنام خلال حرب فيتنام مع الولاياتالمتحدة، وعرفت الأنفاق الفيتنامية التي امتدت على طول 200 كلم تحت الأرض باسم أنفاق كوشي. وقال عكاشة إن أول نفق تم اكتشافه من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي عام 1983 أي بعد أقل من عام من تطبيق اتفاقية "كامب ديفيد" بين مصر وإسرائيل، وكانت الأنفاق في تلك الفترة محدودة، وحاولت سلطات الاحتلال السيطرة عليها ومنعها وهدمها خوفا من دخول السلاح لفصائل المقاومة، خاصة مع بداية الانتفاضة الأولى عام 1987، مضيفا أنه قبل عام 2000 كانت الأنفاق تعمل على تهريب السلاح أساسا ولكن بعضها كان لتهريب المخدرات والذهب التي كانت تدر أرباحا طائلة. وقال إنه مع بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 بدأت الأنفاق تأخذ منحى آخر وهو تهريب السلاح لفصائل المقاومة، وازداد عددها وتوسع نشاطها، وعملت سلطات الاحتلال على تفجيرها، لكن ذلك لم يمنع من مواصلة العمل بها، بل استمرت وتواصلت مرة أخرى دون توقف. ولكن مع مقدم سنة 2011 أخذت الأنفاق تستخدم لتهريب السلاح إلى داخل مصر لدعم الجماعات الإرهابية. عمر نجيب [email protected]