مما جاء في البيان المشترك المصري المغربي الصادر يوم الجمعة 16 يناير 2014 في نهاية زيارة وزير خارجية مصر السيد سامح شكري للمملكة المغربية ما يلي : " اتفق الجانبان على دراسة المقترحات المطروحة لإقامة مراكز لوجستية مغربية ومصرية في منطقة قناة السويس وفي ميناء طنجة المتوسط لتيسير نفاذ كل منهما إلى أسواق جديدة ." كلام جديد وتعبير إجرائي عملي ودقيق عن الرؤية الاقتصادية الاستراتيجية البعيدة المدى للبلدين العربيين.. كلام يضرب في الصميم الصيغ النمطية الفضفاضة التي نسمعها في البيانات المشتركة بين الدول العربية والتي تدور حول النفاق والنفاق المضاد والإشارات الاستعدائية لطرف أو أطراف غائبة ، كلام حول كيف يجب أن تُبْنَى العلاقات بين الشعوب على أساس المصالح الاقتصادية والتنموية المشتركة لصالح المستقبل والمصير المشترك ، و لايحتاج تنفيذ هذا الكلام إلا للنية الحسنة والإرادة الفولاذية المدعمة بالثقة المتبادلة والشفافية بين البلدين، وهما العنصران اللذان يمكن أن يواجه بهما المغرب ومصر كل محاولات التشويش على علاقتهما كما حدث قبل زيارة وزير خارجية مصر للمغرب حينما تدخلت الأيادي القذرة بين مصر والمغرب .
البوليساريو البعير الأجرب :
لقد كانت الإشاعات التي تدور حول التقارب المصري مع البوليساريو من أهم عوامل التوتر الذي شاب العلاقات بين مصر والمغرب في الأيام الأخيرة ، فبعد إهانة الصحفية أماني الخياط للشعب المغربي بكونه يعيش من الدعارة والمخدرات، وبعد خرجة الممثل المريض الذي يتوهم أنه فعلا رئيس للمخابرات المصرية المدعو يوسف شعبان واصفا الشعب المغربي ذا الأصل الأمازيغي بأنه شعب جله من أصول يهودية ، فهو المسكين لا يفرق بين قوم بني إسرائيل الذين عاشوا بين مصر وفلسطين وعانوا من طغيان الفراعنة، وبين قوم الأمازيغ وموطنهم الأصلي من جنوب ليبيا إلى المغرب الأقصى، إنه الجهل الجَهَلُوتُ بعينه بل بعينيه الجاحظتين ..
بعد هذه الحملات جاءت خرجة الكتاب الذي جمعه الصحفي المصري أسامة إبراهيم بعنوان "الصحراء الغربية بعيون مصرية" هذا الكتاب الذي تبنى أطروحة الجزائر الرسمية المُطالِبة بفصل الصحراء عن المملكة المغربية، والترويج لأطروحة تقرير المصير وما إلى ذلك من العبارات النمطية الجاهزة التي سرقها حكام الجزائر والبوليساريو من قاموس القضية الفلسطينية ...
لكن زيارة وزير خارجية مصر للمغرب التي سبقتها تصريحات دبلوماسية مصرية بأن مصر مع الوحدة الترابية للمملكة المغربية وأن العلاقات المصرية المغربية لن تؤثر فيها الإشاعات المغرضة الصادرة عن البوليساريو وصنيعتها لإشعال الفتنة بين مصر والمغرب نزلت على البوليساريو وحكام الجزائر كالماء المثلج الذي أطفأ لهيب الفتنة في مهدها ... وجاء البيان المشترك المصري المغربي الصادر يوم الجمعة 16 يناير 2014 في نهاية زيارة وزير خارجية مصر السيد سامح شكري للمملكة المغربية ليدق أخر مسمار في نعش الوهم الذي ران على عقول البوليساريو فترة كانت كالحلم فأصبحت كابوسا حقيقيا يقض مضجع سكان الرابوني وقصر المرادية ... يقول البيان المشترك بهذا الخصوص: "بالنسبة لمسألة الصحراء، أكد وزير الخارجية المصري التزام مصر بالوحدة الترابية للمملكة المغربية وبالحل الأممى لقضية الصحراء وتأييدها لما جاء بقرارات مجلس الأمن حول المشروع المغربي للحكم الذاتي والترحيب بالجهد المغربي الجاد وذي المصداقية لدفع العملية قدما نحو الحل. "...
وهكذا ينقلب حلم البوليساريو في استمالة مصر إلى كابوس يؤكد أن البوليساريو أصبح كالبعير الأجرب يتهرب منه الجميع ...
وزارة الخارجية الفرنسية تتهرب من البعير الأجرب ( البوليساريو):
كذلك روجت البوليساريو لنشاط في مدينة لومان الفرنسية حضره وزير الزراعة الفرنسي استيفان ليفول حيث تدعي البوليساريو أنه استمع لأطروحة البوليساريو ، مما يُفْهَمُ منه أن فرنسا قد غيرت موقفها من قضية الصحراء ، وكم طَبَّلَتْ وسائل الإعلام الجزائرية وربيبتها للبوليساريو بهذا الحدث الخيالي مما دفع الناطق الرسمي للحكومة الفرنسية رومان نادال إلى نفي هذه الادعاءات وهو ما أكدته وزارة الخارجية الفرنسية نفسها حيث ذكرت بأن موقف فرنسا من هذا النزاع لم يتغير أبدا وبأن وزير الزراعة الفرنسي حضر نشاطا دعت إليه بلدية المدينة عدة جمعيات ناشطة على المستوى المحلي فقط لا غير .
إن البؤس الذي تعيشه البوليساريو وصنيعتها من حكام الجزائر يدفعهم جميعا لفبركة سيناريوهات من الخيال المريض الذي يسبحون فيه منذ 40سنة ، يختلقون الحوادث ويروجون لها في إطار بروباغاندا الفُقاعات التي ما أن تظهر حتى تختفي بسرعة البرق ، وهي موجهة للشعب الجزائري وحده دون غيره حتى يقال بأن ما يُصْرفُ من أموال على قضية الصحراء قد جاء بالنتائج المرجوة وهو ما يدخل في باب النصب والاحتيال على الشعب الجزائري ، أما بضعة الصحراويين في مخيمات تندوف فقد انتهى بهم المطاف إلى الاقتناع التام بأنهم مجرد رهائن لدى العسكر الحاكم في الجزائر...
عود على بدء :
سواء كانت مصر أو فرنسا أو غيرهما فالأمر يتعلق ببناء العلاقات مع المغرب على أساس المصالح المشتركة بين الشعوب ، ففي التعبير الوارد في البيان المشترك المصري المغربي الذي تصدر هذا المقال خير عصارة يمكن أن يستخلصها المرء لما يجب أن تكون عليه طبيعة العلاقات بين الدول :
* الاحترام المتبادل بين الدول .
* بناء العلاقة على المصالح المشتركة بين الشعوب .
* البحث الجاد عن المواقف السليمة والذكية للحفاظ على العلاقات من كل تهور يدمر تلك المصالح المشتركة .
* تجنب الكذب على الشعوب لأن حبل الكذب قصير جدا ، وهي السياسة التي تبناها حكام الجزائر طيلة 51 سنة ، وهاهي الظروف تكشف اليوم كل أكاذيبهم وتعري عورة الشياتين من الجزائريين .
إن حكام الجزائر أعداء الشعب الجزائري وأعداء الشعوب العربية لا يفكرون سوى في تدمير الجزائر دولة وشعبا ، فعقولهم رُكِّبَتْ كذلك ، فحتى سيدتهم فرنسا تجلدهم بين الفينة والأخرى كالأطفال الجانحين عديمي التربية ...