لايزال تقرير منظمة "هيومان رايتس ووتش" حول الوضع الحقوقي بمخيمات تندوف، يثير ردود فعل الباحثين والمتخصصين في مجال حقوق الانسان والقانون الدولي، وذلك بسبب تغاضيه الطرف عن الانتهاكات والتجاوزات والمضايقات التي تمارسها القيادة الانفصاليون على المحتجزين بمخيمات العار ... وفي هذا الاطار أكد الباحث في القانون الدستوري علي الحنودي أن تقرير منظمة "هيومان رايتس ووتش" يجانب الحقائق من منطلق انه يكيل بمكيالين، اذ في الوقت الذي يبدي "حرصه" على توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مجال حقوق الانسان رغم الجهود الحثيثة التي بذلها ويبذلها المغرب في هذا المجال تشريعا وميدانيا، فإنه يمر بشكل سطحي عما يقع في مخيمات تندوف.
وأوضح الحنودي، حسب ما اوردته و م ع، أن تقرير هيومان رايتس ووتش يتغاضى الطرف عن الانتهاكات والتجاوزات والمضايقات، التي تمارس ضد المحتجزين الصحراويين بتندوف دون حسيب ولا رقيب، حيث تصادر حقوقهم وحرياتهم في التنقل والتعبير والرأي ناهيك عن ابسط الحقوق الانسانية الاخرى.
ورأى علي الحنودي انه " من الأجدر أن توفر المنظمات الحقوقية الدولية جهودها ليس لتأخير مسلسل تسوية النزاع المفتعل في الصحراء المغربية بشتى المبررات، و تبخيس جهود المغرب في مجال حقوق الانسان في محيط إقليمي متوتر وغير مستقر، بل للوقوف بشكل دقيق على أوضاع الصحراويين المحتجزين السائدة منذ عشرات السنين في مخيمات العار وحرمانهم من ابسط الحقوق تحت رحمة حفنة من العساكر، مع رفض الجزائر باتفاق مع (البوليساريو) إحصاء ساكنة هذه المخيمات لطمس الواقع وتسويف مطالب المحتجزين الصحراويين ".
وقال الباحث إن الدعوة المغرضة لتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو لمراقبة حقوق الانسان في الصحراء المغربية "خرق لمبدأ كونية حقوق الانسان وتغريد خارج سرب التوافقات الدولية الهادفة الى تعزيز الاستقرار وضمان السلم والأمان بالمنطقة" .
وأضاف أن التزام المغرب بالمواثيق والتشريعات والمعاهدات الدولية المؤطرة لمجال حقوق الانسان وأولوية المرجعية الدولية ،التي تسمو عن المواثيق الوطنية كما هو منصوص عليه دستوريا ، يعني ان المملكة متشبثة بمبدأ كونية حقوق الانسان قولا وفعلا ،كما نوه بذلك المجتمع الدولي في مختلف المحافل ،و"هو عكس قناعات أعداء الوحدة الترابية ،الذين لا يعترفون الا بقانون واحد هو قانون الغاب المتجاوز" .
وأكد أن المعايير الدولية لحماية حقوق الانسان "لا يمكن ان تطبق إلا كاملة بمنظور شمولي ودون تجزيء" وبالتالي فإن الوضع الاجتماعي والحقوقي والاقتصادي المأساوي الذي يعيش عليه المحتجزون الصحراويون يستدعي اهتمام المنظمات الدولية ،دون ان نغفل مصادرة حقهم في العودة الى ارض آبائهم وأجدادهم ،وهذا لا يمكن مقارنته مع الوضع العام بالأقاليم الجنوبية للمملكة حيث الامان والاستقرار بكل تجلياته ، وهو واقع يشهد على التضحيات التي بذلها المغرب بكل مكوناته للارتقاء بالواقع الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والتنموي في هذه المنطقة العزيزة على كل الشعب المغربي.
وشدد علي الحنودي على أن قوة المغرب في تلاحم كل مكوناته وتطلعه لبناء المستقبل وثبات وصحة وعدالة مواقفه ،وهو مصر وعازم على مواصلة جهوده لتحقيق التنمية في كل ربوع المملكة وضمان الحريات والحقوق ،التي تحصنه ضد الممارسات الجائرة والعدائية ،وتمكنه من تجاوز بعض الخطابات السياسوية الموسمية التي سرعان ما تنمحي بحكم الواقع.
من جانبه أكد رئيس المعهد المغربي للعلاقات الدولية، جواد الكردودي، أن التقرير الأخير الذي أصدرته منظمة (هيومن رايتس ووتش)، غير عادل.
وأوضح الكردودي، في تصريح لذات الوكالة، أن تقرير المنظمة الحقوقية " أغفل الجهود الكبيرة التي يبذلها المغرب من أجل النهوض بوضعية حقوق الإنسان، وخصوصا تلك المبذولة من قبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي يشتغل كمؤسسة وطنية، تتوفر على لجان جهوية بمختلف مناطق المملكة، بما فيها الأقاليم الجنوبية".
من جهة أخرى، اعتبر رئيس المعهد المغربي للعلاقات الدولية أن طلب المنظمة توسيع صلاحيات بعثة المينورسو في الصحراء لتشمل مراقبة حقوق الإنسان "أمر غير مقبول"، لأن في ذلك "مس بسيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية، ولأن المغرب قادر لوحده على ضمان النهوض بحقوق الإنسان في كافة ترابه، بما في ذلك الصحراء".
وأبرز الكردودي، بالمقابل، أن جبهة البوليساريو والسلطات الجزائرية ترفضان إجراء إحصاء لعدد اللاجئين في مخيمات تندوف، وذلك بالرغم من الطلبات العديدة التي قدمتها الأممالمتحدة بهذا الخصوص.
وشدد، في السياق ذاته، على أن مخيمات تندوف، بجنوب الجزائر، تشهد تدبيرا يطبعه التعتيم الكامل على مستوى حقوق الإنسان، حيث تتسرب من حين لآخر حالات للخروقات المرتكبة هناك، مبرزا، في السياق ذاته، أن منع الأشخاص من الخروج من تندوف يعد، في حد ذاته، خرقا سافرا لحقوق الإنسان.