نظم مساء امس الجمعة بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة حفل لتخليد الذكرى الثامنة والخمسين لتأسيس الأمن الوطني تحت شعار " الأمن قضية الجميع". وفي مستهل الحفل استعرض محمد حصاد وزير الداخلية، الذي كان مرفوقا بالسيدين الشرقي اضريس الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية وبوشعيب ارميل المدير العام للأمن الوطني، تشكيلة من مختلف أفواج الشرطة الذين يتلقون تكوينهم بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة.
وبهذه المناسبة ألقى المراقب العام، مدير المعهد الملكي للشرطة علي أمهاوش كلمة، باسم المدير العام للأمن الوطني، قدم من خلالها بعضا من منجزات المديرية العامة للأمن الوطني برسم السنة المنصرمة حيث رصد مختلف المشاريع التي تم إنجازها أو التي توجد قيد الإنجاز حاليا.
وأكد أمهاوش، أن اختيار المديرية العامة للأمن الوطني شعار "الأمن قضية الجميع" لتخليد احتفالات هذه السنة يعكس العلاقة التلازمية القائمة بين الأمن ومحيطة الخارجي، ويجسد فلسفة الشرطة المواطنة في تفاعل إيجابي مع المجتمع وفي تواصل دائم مع المواطن، مشيرا إلى أنه يكرس أيضا مفهوم الإنتاج المشترك للأمن على اعتبار أن الأمن متى كان مكسبا جماعيا فهو أيضا تكلفة اجتماعية ينبغي على الجميع المساهمة في تحقيقه وتوفير الظروف الملائمة للتمتع به.
وأبرز أنه تجسيدا لهذه المقاربة التشاركية للأمن في مفهومه الواسع، فقد تميز برنامج العمل الخاص بالمديرية العامة للأمن الوطني برسم السنة الجارية باطلاق النسخة الثانية من الحملة التحسيسية في الوسط التعليمي بشراكة بين الأمن الوطني ووزارة التربية الوطنية واللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير وفعاليات المجتمع المدني، مشيرا إلى استفادة أكثر من 799474 تلميذ وتلميذة يمثلون 6014 مؤسسة تعليمية عمومية من الحملة منذ انطلاقتها الموسم الدراسي الماضي.
وفي سياق المقاربة نفسها، أحدثت المديرية العامة للأمن الوطني، يضيف مدير المعهد الملكي للشرطة خلايا لا ممركزة للتواصل على صعيد جميع ولايات الأمن والأمن الجهوي والإقليمي، مهمتها تأمين الاتصال الدائم مع منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام وضمان الحق في المعلومة الأمنية بما لا يتعارض مع الضوابط القانونية والمهنية، إلى جانب المساهمة في تدعيم الإحساس بالأمن لدى المواطن من خلال إبراز الجهود المبذولة في مجال مكافحة الجريمة وتوضيح حقيقة القضايا والحوادث المشوبة بالتحريف أو الإثارة.
وأضاف أن استراتيجية المديرية العامة تتضمن أيضا مخطط عمل خاص بتدعيم التدخلات الأمنية في الشارع العام وتكثيف الدوريات الراجلة والمحمولة بهدف توطيد الإحساس بالأمن لدى المواطن والوقاية من تجليات الانحراف وزجر مختلف السلوكات الإجرامية، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه قد تخرج من المعهد الملكي للشرطة برسم السنة الجارية 2659 متدربا مؤهلين معرفيا ومهنيا ومدركين جيدا أهمية البعد الوقائي في عمل الشرطة.
كما أشار إلى استفادة 93973 موظفا من حلقات التكوين المستمر في تخصصات شرطية مختلفة، إلى جانب تلقي 1709 موظفا تكوينا متقدما في سائر الميادين التقنية والعلمية المرتبطة بالجريمة، فضلا عن تنظيم 118 نشاطا تكوينيا في مجال التعاون الأمني الدولي استفاد منها 1409 موظفا للأمن سواء داخل المغرب أو خارجه.
وأبرز أمهاوش أنه إدراكا من المديرية العامة للأمن الوطني بأهمية التكوين في مجال بناء القدرات وتنمية المهارات فقد وضعت برنامج تكوين خاص بموظفي الأمن الوطني العاملين بالأقاليم الجنوبية للمملكة، شمل عروضا ومداخلات في مجال التحقيق الجنائي وآليات التعاون الأمني الدولي فضلا عن إبراز تقنيات التدخل بالشارع العام واستعراض الممارسات السليمة للمحافظة على الأمن والنظام العامين.
وبخصوص الجانب المؤسساتي، يضيف أمهاوش، فقد أحدثت المديرية العامة أربع فرق جهوية للشرطة القضائية إلى جانب إحداث خمس مختبرات جهوية لتحليل الأثار التكنولوجية ومعالجة المعطيات الرقمية وربط 218 دائرة للشرطة و112 قاعة للمواصلات بالشبكة المركزية للإعلاميات وذلك تسهيلا لعملية ولوج قواعد المعطيات وإجراء التحريات التقنية اللازمة وبالسرعة الممكنة.
كما تطرق مدير المعهد الملكي للشرطة إلى جانب من الخدمات الطبية والصحية والرياضية التي حرصت المديرية العامة للأمن الوطني على توفيرها لفائدة أسرة الأمن الوطني بتعاون مع مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية لموظفي الأمن الوطني وذلك تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية الرامية إلى النهوض بالأوضاع الاجتماعية للعاملين في القطاع.
واستعرض السيد أمهاوش من جهة أخرى جانبا من المنجزات التي تم القيام بها تكريسا لمبدأ تقريب الإدارة من المواطنين وتطويرا للخدمات الأمنية المقدمة للمرتفقين ومن بينها على الخصوص الارتقاء بالمنطقة الاقليمية للأمن بالرشيدية إلى أمن جهوي وإحداث أربع دوائر جديدة للشرطة وخلق مصلحتين لحوادث السير بالإضافة إلى تعزيز المنظومة المؤسساتية للمحافظة على البيئة بالمملكة من خلال إحداث مصلحة مركزية وثلاث فرق جهوية للبيئة.
وتميز هذا الحفل بتقديم رجال وضباط الشرطة المتدربين من الجنسين عروضا مختلفة ومتنوعة تبرز مدى المهنية والاحترافية والجودة العالية التي تطبع التدريبات والتكوينات الأساسية والتخصصية التي يتلقونها بالمعهد من أجل تمكين رجال الشرطة من الكفاءات والمهارات الضرورية لأداء واجبهم النبيل في حفظ أمن المواطنين واستقرارهم وفي سعيهم الدؤوب لتنفيذ القانون على أكمل وجه.
وإلى جانب تقديم جانب من عمل شرطة الحدود وشرطة البيئة، فقد حرصت المديرية العامة للأمن الوطني على أن تشمل هذه العروض دور الفاعل الجمعوي في التحسيس بمخاطر الإدمان على المخدرات والوقاية من الجنوح والانحراف، ومساهمة المواطن في المحافظة على مجاله الطبيعي بالتعاون مع فرق البيئة، بالاضافة إلى انخراط الجميع من فاعلين مدنيين ومؤسساتيين في إرساء قواعد سلوكية نموذجية تشجب الرشوة وتقطع بشكل نهائي مع جرائم الفساد الإداري.
إثر ذلك، زار وزير الداخلية والوفد المرافق له معرضا أقيم بالمناسبة تضمن لوحات ورسومات من إبداع متدربي المعهد الملكي للشرطة.
كما تميز هذا الحفل ، الذي حضره على الخصوص وزير التربية الوطنية والتكوين المهني السيد رشيد بلمختار وقائد الدرك الملكي الجنرال دوكور دارمي حسني بنسليمان ووالي جهة الغرب الشراردة بني احسن عامل اقليمالقنيطرة السيدة زينب العدوي وعدد من سامي الشخصيات المدنية والعسكرية، بتدشين مختبرين للتكوين في مجال تحليل المعطيات الرقمية، وتوقيع اتفاقية تعاون وشراكة بين المديرية العامة للأمن الوطني وجامعة ابن طفيل.
وقد توج هذا الحفل بتوشيح صدور عدد من رجال الأمن بأوسمة ملكية اعترافا بالمجهودات التي بذلوها في أداء مهمتهم في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار والسهر على حماية وضمان سلامة الأشخاص والممتلكات.
ويشكل تخلد ذكرى تأسيس الأمن الوطني في 16 ماي 1956 على يد جلالة المغفور له محمد الخامس، أكرم الله مثواه، كتكريس لمظهر من مظاهر استكمال السيادة الوطنية عقب استقلال المملكة، مناسبة لتسليط الضوء على الأدوار الجسيمة التي تقوم بها هذه المؤسسة على الصعيد الوطني.
ويساهم الأمن الوطني من خلال تجنده المستمر للحفاظ على أمن الأشخاص والممتلكات، والتصدي لأي محاولة إجرامية تستهدف أمن الوطن والمواطنين، بشكل فعال في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد.