بدأ المغرب ورواندا خلال سنة 2021 مرحلة جديدة لتطوير علاقات التعاون بينهما، والتي تعكس طموحهما المشترك للمضي قدما نحو شراكة استراتيجية متجددة. وتم التأكيد على هذه الإرادة المشتركة لإعطاء زخم جديد لعلاقاتهما المتميزة، التي تجسدت بكل خصوصياتها خلال الزيارة الملكية لرواندا في أكتوبر 2016، بقوة سنة 2021 خلال الاجتماعات المكثفة التي جمعت بين المسؤولين بالبلدين. وهكذا، وطيلة هذه السنة ، أكد البلدان وجددا التأكيد على التزامهما الدائم من أجل توطيد العلاقات الثنائية في عدة مجالات، لا سيما من خلال اتفاقات التعاون الثنائي ومشاريع الشراكات، فضلا عن تبادل الزيارات بين كبار المسؤولين. ففي أكتوبر الماضي، استقبل رئيس جمهورية رواندا، فخامة السيد بول كاغامي، بكيغالي، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة. وأعرب الرئيس كاغامي، خلال هذا الاستقبال، عن مشاعر الصداقة والتقدير الكبير لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، معبرا عن التزام رواندا بتعزيز التعاون متعدد القطاعات بشكل أكبر بين الرباط وكيغالي. كما أعرب رئيس الدولة عن إعجابه الكبير بالإنجازات العديدة التي حققها المغرب، الذي أصبح، تحت القيادة المتبصرة لجلالة الملك، نموذجا مرجعيا في إفريقيا في مختلف المجالات. وتبادل الرئيس الرواندي والسيد بوريطة وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حيث أشاد رئيس الدولة بالجهود المعترف بها التي يبذلها المغرب ليصبح قطبا للسلام والاستقرار في إفريقيا. وفي إطار علاقات الصداقة والأخوة التي تجمع المملكة المغربية بجمهورية رواندا ، وتماشيا مع رغبة البلدين الشقيقين في تعزيز علاقات التعاون بينهما، أجرى السيد بوريطة مباحثات عبر تقنية التواصل المرئي ، مع نظيره الرواندي ، السيد فانسون بيروتا، والتي أشاد خلالها الوزيران بأواصر الصداقة والتضامن الممتازة القائمة بين البلدين الشقيقين، وأثنيا على مشاعر التقدير والاحترام التي تميز العلاقات بين قائدي البلدين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس وشقيقه فخامة الرئيس بول كاغامي. وفي ما يتعلق بالتعاون الثنائي، جدد الجانبان التأكيد على رغبتهما في بذل قصارى جهودهما لتعزيز علاقاتهما وتكثيف وتنويع تعاونهما، بهدف إضفاء طابع استراتيجي متعدد القطاعات عليه. كما سلطا الضوء على الدور الهام للشراكة بين القطاعين العام- الخاص والخاص- الخاص والتي تشكل عاملا رئيسيا في تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية ، داعيين في هذا الصدد الفاعلين الاقتصاديين في البلدين إلى تكثيف جهودهم لإرساء شراكة مربحة للجانبين، قوية ومستدامة، كرافعة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ومدرة للثروة المشتركة. واتفق الوزيران أيضا على الاستفادة من أوجه التكامل بين البلدين في إطار شراكة مربحة للجانبين، والعمل من أجل جعل البلدين نقطة ارتكاز لبعضهما البعض في الدفاع عن المصالح المشتركة على المستويات الإقليمية والقارية والدولية. وفي أبريل الماضي، أعرب المغرب ورواندا عن إرادتهما المشتركة في إضفاء دينامية جديدة على تعاونهما في المجال البرلماني من خلال تعزيز آليات الحوار والتشاور بين المؤسستين التشريعيتين للبلدين. وتم التعبير عن هاته الإرادة خلال مباحثات جمعت بكيغالي بين السيد محمد التويمي بن جلون، نائب رئيس مجلس النواب، والسيدة دوناتيل موكاباليسا، رئيسة مجلس النواب الرواندي. وأكدت السيدة موكاباليسا خلال هذا اللقاء، على أهمية الإرادة السياسية وتطابق وجهات نظر قائدي البلدين، بخصوص التنمية في جميع تجلياتها على صعيد البلدين، وإرساء شراكة استراتيجية متجددة ونموذجية جنوب - جنوب، تستجيب لتطلعات البلدين والشعبين الصديقين. وشددت السيدة موكاباليسا بهذه المناسبة، على أهمية التعاون البرلماني بين المؤسستين التشريعيتين، ودوره في تعزيز وتعميق العلاقات بين البلدين، مؤكدة على أهمية تشكيل مجموعة للصداقة البرلمانية المغربية – الرواندية. وفي مارس، اتفقت الرباط وكيغالي على تعزيز شراكتهما في مجالي الإسكان والتعمير، وذلك خلال مباحثات بالرباط جمعت وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، نزهة بوشارب، مع سفيرة رواندا بالمغرب، زينا نيراماتاما. وتدارس الجانبان ، بهذه المناسبة، السبل الكفيلة بتجسيد محاور بروتوكول-الاتفاق الموقع في مارس 2019 بين حكومتي البلدين، المتعلق بالإسكان والتعمير ونزع الطابع المادي والرقمنة الترابية والتكوين. واتفق الطرفان في هذا السياق على تنظيم لقاء بين القطاعات المعنية بالبلدين، من أجل تحديد مجالات التعاون ذات الأولوية المتضمنة في بروتوكول-الاتفاق هذا، والمتعلقة أساسا بتقاسم الخبرات والمعارف في مجال بناء السكن الاجتماعي، وبرنامج مدن بدون صفيح، والتخطيط الحضري، ونزع الطابع المادي والرقمنة الترابية، بالإضافة إلى ولوج الشباب الروانديين إلى معاهد الهندسة المعمارية المغربية. كما تقرر القيام ببلورة خارطة طريق على أساس مجالات التعاون ذات الأولوية، وذلك بهدف التنفيذ الأمثل لهذه الشراكة، والتي تسعى كذلك إلى تعزيز التبادلات بشأن آليات تمويل التنمية الحضرية والولوج إلى السكن، وتطوير تبادل التقنيات الجديدة في مجال الإسكان والبناء وتقاسم المعلومات حول الوقاية ومحاربة السكن غير اللائق. وعلى مستوى التعاون الاستشفائي الجامعي، تم في شتنبر الماضي توقيع اتفاقيتي إطار للشراكة بين المركز الإستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط، والمستشفى الجامعي لكيغالي ومستشفى "الملك فيصل" بالعاصمة الرواندية. وتهم الاتفاقيتان اللتان تندرجان في إطار الاتفاقات الحكومية في مجال الصحة بين المغرب ورواندا، مختلف جوانب التعاون، لا سيما تقاسم المعارف العلمية، والتكوين وتبادل الخبرات. ويهم بروتوكول الاتفاق الأول تطوير الفرص التي يوفرها البحث العلمي وتبادل المعلومات والوثائق في كافة القطاعات المرتبطة بهذا المجال، فيما يشمل الاتفاق الثاني مختلف أوجه التعاون ، بما في ذلك الارتقاء بالمهارات الطبية المهنية وتطوير بعض التخصصات الاستشفائية. وتجسد الاتفاقيتان الأواصر الممتازة التي تجمع بين المغرب ورواندا وتعكسان عزم البلدين على تطوير التعاون القائم على التضامن وإثراء وتقوية المهارات في مجال الاستشفاء. واتسع نطاق علاقات التعاون بين الرباط وكيغالي خلال هذه السنة ليشمل مجال الرياضة، وخصوصا كرة القدم. ففي يوليوز المنصرم، أعلن نادي رايون سبورت الرواندي عن توقيع اتفاقية شراكة تمتد لخمس سنوات مع فريق الرجاء الرياضي. وقال جان فيديل أويزو، رئيس نادي رايون سبورت، في بلاغ "يسعدنا توقيع هذه الشراكة مع نادي الرجاء الرياضي، ونتطلع إلى علاقة مثمرة سويا" ، مشير ا إلى أن الناديين سيعملان سويا على العديد من المشاريع، لاسيما تطوير اللاعبين الشباب وتبادل اللاعبين ودعم استخدام التكنولوجيا في كرة القدم. كما يهدف الناديان، بموجب ذات الاتفاقية، إلى " تبادل الخبرات، وتنمية المواهب، وتنظيم مباريات ودية بين الفريقين وتعزيز التعاون الثنائي في مجال الرياضة والتسيير". وفي هذا الصدد، أكد الخبير الجيوسياسي الرواندي، إسماعيل بوكانان، أن المغرب أصبح شريكا "متميزا" لرواندا في عدة مجالات استراتيجية. وأبرز أستاذ العلوم السياسية بجامعة رواندا، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن "الاجتماعات الدورية رفيعة المستوى التي تجمع مسؤولي البلدين وعشرات اتفاقيات التعاون الموقعة تبرز الاهتمام الكبير الذي يوليه البلدان لشراكتهما متعددة القطاعات". وأشار إلى أن البلدين عازمان اليوم على إرساء شراكة استراتيجية موجهة نحو المستقبل، مسجلا أن مذكرات التفاهم واتفاقيات الشراكة الموقعة بين الرباط وكيغالي تضاعفت أكثر من أربع مرات منذ سنة 2016 ، تاريخ الزيارة التاريخية التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى رواندا. وأضاف أن المغرب هو البلد الوحيد في شمال إفريقيا الذي تقيم معه رواندا علاقات وثيقة، معتبرا أن ذلك يفسر ب "تقارب وجهات نظر البلدين حول العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، لاسيما الاندماج بالقارة الإفريقية وإصلاح الاتحاد الإفريقي والسلام والأمن في إفريقيا والتعاون جنوب- جنوب ". وخلص السيد بوكانان، وهو أيضا مستشار في العلاقات الدولية لدى منظمات إقليمية ودولية ، إلى أن التعاون متعدد القطاعات بين البلدين يشمل مجالات متنوعة من قبيل الفلاحة، والتجارة، والصناعة، والبيئة، والتنمية المستدامة، والطاقة، والسياحة، والتعليم، والتعمير، والصحة، وإعداد التراب، والسلامة النووية والإشعاعية.