رغم أن حركة "الغاضبون" الاحتجاجية ظهرت في عهد الحكومة الاشتراكية، للتنديد بأسباب الأزمة ونتائجها وبالفساد والبطالة، فإن المتظاهرين يواصلون الاحتجاج ضد سياسات حكومة المحافظين الحالية برئاسة ماريانو راخوي، معبرين عن رفضهم لإجراءات التقشف، وفشل الحكومة في انعاش اقتصاد يحتضر. وعاودت "حركة الغاضبين" الإسبانية النزول منذ مساء أمس الأحد إلى شوارع عدد من المدن الإيبيرية.
ففي مدريد٬ توافد "الغاضبون" من كل جهات العاصمة على ساحة بويرتا ديل سول (بوابة الشمس)٬ في عودة رمزية للمكان حيث ولدت حركتهم في 15 ماي 2011، كما أطلقت دعوات للاحتجاج في نحو 80 مدينة بجميع أنحاء إسبانيا طيلة أيام ثلاث للمطالبة ب"ديمقراطية حقيقية".
ورفع "الغاضبون"٬ الذين يعتزمون مواصلة احتجاجاتهم إلى غاية بعد غد الأربعاء بتنظيم سلسلة من التجمعات الموضوعاتية٬ شعارات ضد الطبقة السياسية والبنوك تعكس تذمر وسخط الإسبان من خفض الإنفاق الذي قررته حكومة ماريانو راخوي في قطاعي الصحة والتعليم.
ورغم التغيير الذي قامت به الحكومة والتدابير التي اتخذتها من أجل إنعاش الاقتصاد وخلق مناصب الشغل٬ فإن "الغاضبين" الإسبان يتظاهرون كل يوم أحد تقريبا احتجاجا على السياسات الاقتصادية للدولة والتدابير التقشفية التي تبنتها٬ وكذا للمطالبة بإصلاحات عاجلة.
كما تحتج حركة 15 ماي العفوية٬ نسبة إلى المظاهرات التي شهدتها إسبانيا في 15 ماي 2011 تلبية لنداء أطلق حينها على شبكة الإنترنت٬ على آثار الأزمة الاقتصادية بهذا البلد٬ مما أدى إلى ارتفاع معدل البطالة إلى أزيد من 27 في المائة من الساكنة النشيطة.
وفضلا عن التدابير الاقتصادية٬ يحتج "الغاضبون"٬ أيضا٬ على البطالة التي يعاني منها مواطن إسباني من كل أربعة٬ وعلى انعدام الأمن الاجتماعي٬ والفساد٬ والتمثيلية السياسية السيئة٬ وتجاوزات الرأسمالية٬ والنظام الانتخابي الذي رهن البلد بيد حكومة الحزبين والذي أظهر محدوديته.
وتنظم حركة "الغاضبين"٬ التي حازت زخما كبيرا وتأييدا ودعما شعبيين واسعين في شبه الجزيرة الأيبيرية٬ منذ أشهر تجمعات شعبية بجميع المدن الإسبانية للتعبئة من أجل الاحتجاج بكثافة في الساحات الرئيسية بالمدن٬ ولتجديد التأكيد على مطالبها السياسية والاجتماعية.
من جهتها اتخذت السلطات تدابير أمنية لمراقبة سير المظاهرات عن كثب٬ ومنع المتظاهرين من احتلال وسط العاصمة مدريد ليل نهار كما فعلوا قبل عامين٬ حين نصبوا الخيام في الساحات الرئيسية بالمدن خاصة ساحة بويرتا ديل سول في مدريد حتى موعد الانتخابات في 22 أيار 2011.
يشار إلى أن الاقتصاد الإسباني يعيش٬ منذ سنوات٬ على إيقاع أزمة خانقة زادت في حدتها عدة عوامل مصاحبة٬ من بينها على الخصوص معدل البطالة المرتفع٬ الذي يعد من بين الأعلى في أوروبا٬ والركود الاقتصادي الذي يزداد تفاقما يوما بعد يوم.