حاول وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة امس ان يكون مقنعا في التمهيد لإعلان قطع علاقات نظامه العسكري مع المغرب من خلال اغراقه في تفاصيل مملة غايتها اخفاء الحقائق التاريخية وتزييف المواقف والوقائع الانية وتقديمها كمبررات كافية لقطع العلاقات. وكان يكفي لعمامرة، على العكس من ذلك، تقليص المسافة واختصار الزمن والقول بكل بساطة "ان المغرب هزمنا هزيمة نكراء في الصحراء، وعرى حقيقتنا كنظام ايل للسقوط، بعد صراع مرير دام ازيد من 46 سنة بالتمام والكمال، انفقنا خلالها الاف ملايير الدولارات، وراهنا على إقامة كيان تابع لنا فيها، يعزل المغرب عن عمقه الافريقي ويتيح لنا امكانية العبور الى المحيط الاطلسي.. واليوم لا غالب الا الله، هزمنا ولم يبق لنا من خيار سوى قطع العلاقات الديبلوماسية" وكفى الله المؤمنين شر الكذب. رغم ذلك وللامانة فلربما كان هذا ما رمى اليه الوزير الجزائري، قصدا او عفوا، عندما قال: ".. وترفض الجزائر كذلك منطق الأمر الواقع والسياسات أحادية الجانب بعواقبها الكارثية على الشعوب المغاربية" .. وهو يقصد في الحقيقة ان نظام العسكر "يرفض الأمر الواقع المتمثل في انتصار المغرب في الصحراء وما يترتب على هذا الانتصار من عواقب كارثية بالنسبة له" !!. قدم لعمامرة من جهة اخرى نموذجا لما تنطوي عليه ادعاءاته من كذب وجبن ورعونة عندما برر قطع علاقات نظامه مع المغرب ب " الأعمال العدائية والتعاون البارز والموثق للمملكة المغربية مع المنظمتين الإرهابيتين المدعوتين ماك ورشاد" .. بينما الحقيقة التي لا غبار عليها في هذا الصدد هي ان نظام العسكر يعرف اسماء قادة هذين التنظيمين واماكن اقامتهم في لندن وباريس، وقد فشل فشلا ذريعا في جلبهم عبر مذكرات متكررة للانتربول، لكنه لا يجرؤ على الاحتجاج ولا يتهم الدول، التي تأوي هؤلاء وتمنحهم حق اللجوء السياسي، بدعم الارهاب، في مقابل الرمي بهذه التهمة زورا وبهتانا في وجه المغرب !! لقد جعل مسؤولو نظام العسكر من الجملة الاعتراضية التي رد بها ممثل المغرب لدى الاممالمتحدة عمر هلال على استفزازات لعمامرة في اجتماع دول عدم الانحياز، قضية مصيرية بالنسبة لمستقبل العلاقات بين البلدين، حتى انهم طلبوا توضيحات من الرباط واستدعوا سفيرهم للتشاور. ويبقى الغريب في موقف هؤلاء انهم اقاموا الدنيا ولم يقعدوها جول مجرد جملة عمر هلال الاعتراضية، لكنهم لا زالوا يتجاهلون او يتجنبون حتى الان، وبعد مرور ست سنوات، الرد على الموقف الرسمي للمغرب بخصوص قضية تقرير مصير الشعب القبايلي، ذلك الموقف الذي عبر عنه المستشار عمر ربيع عضو تمثيلية المغرب الدائمة في المنتظم الاممي، مطلع نوفمبر 2015، حينما اكد داخل اللجنة الثالثة على حق الشعب القبايلي في تقرير المصير، داعيا الى تمكين هذا الشعب من الحكم الذاتي!! وبعيدا عن هذه الحيثيات المفتعلة بل والسخيفة التي يبرر بها لعمامرة قرار نظام العسكر قطع علاقاته مع المغرب، فان الجنرالات يعرفون ان هزيمتهم على ارض الصحراء المغربية وانهيار المليشيات الانفصالية التابعة لهم وفشل مشروعها الهادف الى استئناف المواجهات العسكرية مع المغرب، اصبحت بمثابة كارثة سياسية بالنسبة لنظامهم المتهالك، بحيث اصبحوا يعتبرون انه لا سبيل للتعامل مع هذه الهزيمة التاريخية النكراء الا بدفن اعناقهم في الرمال، وقطع العلاقات مع المغرب المنتصر، وتلك هي طريقة الانظمة المنهزمة في رد الفعل على هزائمها المنكرة عبر الازمان!! تعرف قيادة نظام العسكر ان سيطرة المغرب العسكرية على الميدان، وتحريره لمعبر الكركرات، والغاء المنطقة منزوعة السلاح حتى الحدود الموريتانية، وفتح اكثر من 22 دولة صديقة وشقيقة قنصليات لها في مدينتي العيون والداخلة، واعتراف الولاياتالمتحدة بمغربية الصحراء، وبلوغ التنمية الاقتصادية والاجتماعية اوجها في الاقاليم الصحراوية، وجاهزية الجيش الملكي المغربي المادية والمعنوية ومن حيث العدة والعتاد للضرب بيد من حديد على ايدي كل من تسول له نفسه تجريب التحرش بالوحدة الترابية للملكة، كلها عوامل عجلت بهذا النصر المغربي التاريخي المؤزر وبهزيمة نظام العسكر واتباعه من انفصالي البوليساريو النكراء. وقيادة نظام العسكر تعرف كذلك ان الملك محمد السادس عندما قدم لها مبادرة المصالحة والسلام في خطاب العرش الاخير كان يقوم بذلك وهو يقف على ارضية صلبة اساسها هذا النصر العظيم، لذلك ردت على مبادرته بتجاهل في بداية الامر ثم بتشكيك وقلة ادب في مرحلة ثانية، ثم بالاعلان عن قطع العلاقات في الاخير، وذلك دون ان تنتبه، بسبب غبائها، الى ان الملك قدم لها ضمن مبادرته السلمية جميع الضمانات الكفيلة بالحفاظ على ماء وجهها، وهكذا رفضت يد السلام والاخوة الممدودة لها بكل رعونة!! وبالنظر الى ان المغرب هو المنتصر في هذه المعركة المصيرية بالنسبة له وبالنسبة للمنطقة كلها فإني لا اظن انه سيرد على التصعيد بالتصعيد وذلك في انتظار الرد السلمي المأمول من الشعب الجزائري الشقيق !!