تشكل زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى المغرب والتي تمتد على يومين حدثا تاريخيا، سواء من الناحية السياسية أو الإقتصادية، وستمكن هذه الزيارة الأولى من نوعها التي يقوم بها الرئيس الفرنسي منذ انتخابه السنة الماضية، من التوقيع على مجموعة من الإتفاقيات ستصل في المجمل إلى 19 اتفاقية وبروتوكول حكومي، وهي الإتفاقيات التي سيتم التوقيع عليها أمام رئيسا الدولتين المغربية والفرنسية، جلالة الملك محمد السادس وفرنسوا هولاند، حيث يرافق هولاند في هذه الزيارة وفد هام يتكون من تسعة وزراء وعدد من رجال الأعمال. وتؤكد هذه الزيارة التي ينتظر أن تخرج بمجموعة من القرارات، ليس فقط على الأهمية والتعددية وعمق العلاقات التي تربط البلدين ولكن تؤكد التلاحم والارتباط المتجدد دائما بينها، على اعتبار أن فرنسا تمثل الشريك الإستراتيجي الأول للمغرب، وأيضا بالنظر إلى مواقف فرنسا من مجموعة من القضايا المغربية وفي مقدمتها قضية الصحراء، حيث جدد الإليزيه عشية الزيارة الرسمية التأكيد على موقف فرنسا الثابت، والداعم لمبادرة الحكم الذاتي التي أطلقها المغرب. وبخصوص الاتفاقيات التي سيتم توقيعها فتشمل عدة ميادين مهمة بالخصوص التربية والتكوين والفلاحة والصيد البحري وتجهيزات قطاع السكك الحديدية والتشغيل والثقافة وميدان الطاقات المتجددة، كما أن هذه الاتفاقيات تهم أيضا متابعة فرنسا على أرض الواقع لتحقيق المشاريع ومختلف القطاعات الوطنية المغربية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عزم جلالة الملك محمد السادس و الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على الرفع من وتيرة الاتفاقات الثنائية في أفق مجالات جديدة تلبي رغبات و طموحات الشعبين و ذلك من خلال اتفاقيات إستراتيجية تعود بالخير على البلدين. هذه الاتفاقيات همت القطاعات الحيوية والحساسة وذات الأولوية ترمي إلى التطور البشري الذي يجعل المواطن في قلب السياسات الإستراتيجية داخل البلدين كما أن هذه الاتفاقيات تؤكد كذلك الدعم المستدام والمتجدد لفرنسا لسياسة الاوراش الكبيرة التي اطلقها المغرب تحت السياسة النيرة لصاحب الجلالة نصره الله و التي ترمي الى التطور. الاتفاقيات المتميزة المتجهة نحوز المستقبل التي تربط البلدين التي لها هدف أسمى الرامي إلى تطوير العنصر البشري على جميع المستويات و في جميع مناطق المملكة. في وقت سابق قال الوزير الأول الفرنسي جان مارك إيرو "إن العلاقات المغربية الفرنسية لا تنحصر في القضايا الاقتصادية بل هي علاقات إنسانية وأخوية" وشدد على أنها علاقات "عريقة وغنية وبعيدة على أن تنحصر في القضايا الاقتصادية"٬ مضيفا أن العلاقة بين البلدين هي أولا "إنسانية وأخوية". وقال إيرو "ليس من قبيل الصدفة أن يكون صاحب الجلالة الملك محمد السادس هو أول قائد دولة يستقبل من طرف الرئيس الفرنسي بعد انتخابه مباشرة، بل هي إرادة مشتركة لإعطاء إشارة قوية" لأن "شراكتنا علاقة تقوم على رابح رابح". هذه هي طبيعة العلاقات الفرنسية المغربية ولا يمكن أن يفهمها إلا من يعرف طبيعة تسلسلها التاريخي، وهي علاقات تتجه دائما نحو المستقبل ولا تنظر للماضي. إنها علاقة التكافؤ والندية والشراكة المتطورة.