عكس ما درج عليه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي ظل يعالج في مستشفيات فرنسا طيلة فترة مرضه، اختار الرئيس الحالي عبد المجيد تبون وطاقمه الطبي ألمانيا للعلاج، فما سبب تغيير الوجهة الطبية لرأس الدولة في الجزائر؟ بوتفليقة.. "فال دوغراس" منذ إصابة الرئيس السابق بنوبة إقفارية عابرة في أبريل 2013، ألزمته الكرسي المتحرّك لأكثر من ست سنوات، ظل الرجل يعالج في مستشفى "فال دو غراس" في العاصمة الفرنسية. واعتاد الجزائريون على سماع اسم هذا المستشفى في نشرات الأخبار طيلة مرض الرئيس، الذي استمر إلى غاية الإطاحة به عبر انتفاضة شعبية انطلقت شرارتها في 22 فبراير 2019. لكن الاستثناء حدث هذه المرة مع الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، الذي نُقل إلى ألمانيا، بعد أن أعلن بيان سابق للرئاسة دخوله في حجر صحي اختياري لخمسة أيام، عقب اكتشاف إصابات بكورونا بين طاقمه الرئاسي، وأعلن تبون بنفسه دخوله في حجر اختياري على حسابه بموقع تويتر. و"ثمّن" أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، الدكتور رضوان بوهيدل، على حسبه في فيسبوك اختيار ألمانيا بدل فرنسا لمعالجة الرئيس واعتبره "مؤشّرا جيدا". وكتب بوهيدل "تعلمت أن أرى الأمور بإيجابية.. نقل الرئيس لألمانيا وليس لفرنسا مؤشر جيد...". أما المحلل السياسي الدكتور ساعد ساعد فشكّك في وجود الرئيس في ألمانيا، وقال إن الرئيس "موجود في روسيا للعلاج، وهذا ليس تخمينا ولا تحليلا، هناك اتفاقيات استراتيجية تخص التعاون العسكري والطبي أيضا بين البلدين في هذا المجال، وطابع السرية عال جدا في هذه الاتفاقيات". من جهته قلّل المحلل السياسي حسين بولحية من احتمال اختيار ألمانيا بدل فرنسا، بسبب وجود "أزمة" في العلاقات بين الأخيرة والجزائر.
وقال بولحية إن الأمر "مرتبط أساسا بالإحراج الكبير تجاه فرنسا بعد مهاجمة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإسلام والرسول الكريم وردة الفعل الجزائرية عبر بيان المجلس الإسلامي الأعلى، والغضب الشعبي المتصاعد". وأضاف أنه من "الطبيعي أن يختار النظام دولة غير فرنسا، ربما مُكرها وليس لأنه يريد ذلك، وبالتالي وقع الاختيار على ألمانيا وربما حتى روسيا، لكنني أستبعد أن يكون لهذا الاختيار علاقة بكسب الود الشعبي". ولئن اختلفت التأويلات حول اختيار نظام الجنرالات لألمانيا أو حتى روسيا كوجهة لعلاج الرئيس الذي عينته المؤسسة العسكرية لكي تختبئ وراءه وتمارس السياسة والتحكم في الشأن العام دون ان تكشف عن وجهها، إلا ان التكتم الذي احيط به مرض عبد المجيد تبون وحقيقة وضعه الصحي والوجهة التي سفّر إليها، تكشف بالملموس ان لا شيء تغير وان نفس الممارسات ونفس السلوكيات التي دأب عليها النظام لاتزال هي الجارية والمعمول به ..