فتحت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية المكلفة بالجرائم المالية بولاية أمن فاس، تحقيقا في الخروقات المالية التي شابت بعض الصفقات بجهة درعة تافيلالت، التي يترأسها الوزير السابق والقيادي بحزب العدالة والتنمية، الحبيب الشوباني، وذلك بعد شكاية وضعتها المعارضة لدى نائب الوكيل العام المكلف بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس. وأكدت مصادر مطلعة أن الشرطة القضائية استمعت في البحث التمهيدي لرئيس الجهة، الحبيب الشوباني، يوم الثلاثاء 21 يوليوز المنصرم، إلى وقت متأخر من الليل، بعدما وصل متأخرا إلى مقر الفرقة بولاية أمن فاس، كما استمعت في نفس اليوم إلى اثنين من نوابه، ويتعلق الأمر بيوسف أمنزو، عن حزب الحركة الشعبية، الذي كان مكلفا ب«هندسة» صفقة اقتناء حافلات النقل المدرسي بمبلغ ستة ملايير سنتيم، وعبد الله الصغيري، وهو برلماني سابق عن حزب العدالة والتنمية. وتوصل الشوباني ونائباه باستدعاءات للمثول أمام فرقة الشرطة القضائية عن طريق المصلحة الجهوية للشرطة القضائية بالرشيدية. شكاية تفضح خروقات واختلالات وأوضحت ذات المصادر، حسب ما أوردته صحيفة "الأخبار"، أن المعارضة وضعت شكاية لدى النيابة العامة يوم 15 يناير 2018، أحالها الوكيل العام للملك في اليوم الموالي على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وتتضمن العديد من الخروقات والاختلالات تتعلق بصرف المال العام، من بينها تعويضات التنقل ونفقات الإطعام، التي كلفت مبالغ كبيرة، استفادت منها جمعيات رياضية بطرق ملتوية عن طريق شركة في ملكية رئيس جماعة ينتمي إلى حزب العدالة والتنمية، لأن ميزانية الجهة لا تتضمن نفقات تتعلق بنقل الفرق الرياضية، وتم تمرير هذه الصفقة تحت غطاء نقل الضيوف، وكذلك صفقة اقتناء حافلات النقل المدرسي. وكشفت المصادر نفسها أن الشوباني منذ حصوله على منصب رئيس الجهة، وهو يراكم العديد من الأخطاء في تدبير شؤون ميزانية الجهة، حيث سبق لوزارة الداخلية أن اعترضت على إدراج بعض البنود في الميزانية، كما رفض الخازن الإقليمي التأشير على عدة فواتير ونفقات غير قانونية، من بينها فاتورة إطعام «ضيوف» بمطعم فاخر بالرباط. ومن بين الملفات التي كانت موضوع تحقيق من طرف الشرطة القضائية، صفقة اقتناء 150 حافلة للنقل المدرسي، وهي الصفقة التي كلفت حوالي ستة ملايير سنتيم، وأثارت الكثير من الجدل القانوني، وذلك إثر اندلاع صراعات بين رئيس الجهة ورؤساء المجالس الإقليمية، حيث كان يسعى كل طرف للركوب على هذه المبادرة، واستغلالها انتخابيا. وأفادت المصادر بأن صفقة شراء الحافلات تمت بتدخل من النائب الثالث لرئيس الجهة، يوسف أمنزو، عن حزب الحركة الشعبية، الذي تربطه علاقات قوية بالشوباني، تثير الكثير من التساؤلات في أوساط المتتبعين بالجهة. كما استمعت الشرطة القضائية في وقت سابق للنائب الأول للرئيس، مصطفى العمري، الذي أنكر علاقته بهذه الصفقة، كما استمعت الشرطة لموظفين بالمجلس، والمدير السابق للمصالح والمدير الحالي. تفاصيل صفقتي حافلات النقل المدرسي وحسب بعض الوثائق، تضيف الجريدة، فقد فوت مجلس الجهة صفقتين لاقتناء حافلات للنقل المدرسي، رغم أن هذا الأمر من اختصاص المجالس الإقليمية، فازت بهما شركتان في ملكية «س،أ» وهي زوجة برلماني من إقليم طاطا، وابنة برلماني يتحدر من مدينة طانطان، وبلغت قيمة الصفقة الأولى حوالي ملياري سنتيم، فازت بها شركة تسمى «تادوب» حديثة التأسيس يوجد مقرها بمدينة آيت ملول، وحسب السجل التجاري لهذه الشركة فإنها تأسست بتاريخ 20 مارس 2017، والمدة الفاصلة ما بين تأسيس الشركة وحصولها على الصفقة لا تتجاوز ثلاثة أشهر. وفي سنة 2018 فوت المجلس صفقة ثانية بمبلغ أربعة ملايير، فازت بها شركة «جنرال سوليسيون أوطو»، وهي كذلك شركة حديثة التأسيس يوجد مقرها ب«المامونية» بالرباط، ومسجلة كذلك باسم زوجة برلماني من إقليم طاطا، وتأسست يوم 19 أكتوبر 2017، ومقر الشركة هو في الأصل مقر اجتماعي لشركة متخصصة في بيع مواد التجميل والمستلزمات الطبية، تملكها زوجة البرلماني، التي فازت بالصفقة الأولى باسم شركة أخرى. وحصلت الشرطة القضائية على كل الوثائق المرتبطة بالصفقتين، كما فتحت تحقيقا بشأن شيك بنكي بقيمة 15 مليون سنتيم، تم تحويله إلى الحساب البنكي لأحد نواب الرئيس، له علاقة بهاتين الصفقتين، ما يثير شبهات حول تفويتهما إلى شركتين حديثتي التأسيس في ملكية نفس الشخص. ورفض المدير العام للمصالح السابق بمجلس الجهة التوقيع على محضر استلام الحافلات، لأن النقل المدرسي بالعالم القروي ليس من اختصاص الجهات، وهو اختصاص لمجالس العمالات والأقاليم، كما أن تبويب ميزانية مجالس الجهات لا يتضمن اقتناء سيارات النقل المدرسي. وقام مجلس جهة درعة تافيلالت باقتناء هذه الحافلات من الميزانية المخصصة لسيارات المصلحة، ووقع مهندس الصفقة، يوسف أمنزو، على محضر استلام هذه الحافلات، رغم أنه كان متواجدا بألمانيا في مهمة رسمية. ومن بين الملفات المعروضة على الشرطة القضائية، حصول أحد نواب الرئيس على مبالغ مالية من ميزانية الجهة، تم تبريرها على أنها تعويضات عن التنقل. تفاصيل الاستماع..اتهامات خطيرة ضد الشوباني وبخصوص تفاصيل جلسة الاستماع، التي كان الحبيب الشوباني موضوعا لها يوم 21 يوليز المنصرم، ذكرت مصادر موثوقة، أن موضوع الاستماع شمل أيضا نائبا الشوباني وهما يوسف أومانزو عن حزب ”الحركة الشعبية“ وعبد الله الصغيري عن حزب ”العدالة والتنمية“. وتم التحقيق مع الحبيب الشوباني، حسب موقع برلمان.كوم الذي اورد الخبر استنادا إلى ذات المصادر، بخصوص ملف تمرير في ظروف مشكوك فيها، لصفقتين متعلقتين ب 150 مركبة مخصصة للنقل المدرسي لشركتي ”تادوب“ و“أوتو سولوشن أوتو“، التي يديرها الزوجان مصطفى تامرانتي وسكينة أوباركة، بميزانية إجمالية بلغت 59.628.257.00 درهما، دون تسجيل هاتين الشركتين في سجل الطلبات الخاصة بالشركات التي يتعامل معها المجلس، بالإضافة إلى أنها تحمل أرقاما وهمية لإضفاء طابع قانوني على المعاملات المذكورة أعلاه. ولم يستطيع الرئيس، حسب ما ذكرته ذات المصادر، تقديم حجج مقنعة، مكتفيا بالتهرب من مسؤولياته كرئيس للجهة، مؤكدا أن نائبيه يوسف أومانزو وعبد الله الصغيري هما المكلفان بهذا الملف. وفيما يتعلق بإدراج اسم يوسف أومانزو في المحضر الافتتاحي للقضية، على الرغم من غيابه، فإن الشوباني لم يقدم أي إجابة، واستمر بالقول إن الأخير هو المسؤول الأول عن الملف أكثر من مساعديه الآخرين. وعندما تم سؤاله حول إقصاء شركة auto readli لصاحبها عبد الله الركراكي، على الرغم من أنها قدمت أثمنة منخفضة (سعر السيارة الواحدة بريدلي اطو هو 390.000 درهم، مقابل السعر الذي قدمته شركة سكينة أوباركة والذي يصل إلى 440،394 درهم، وهو ما يعني أنه تسبب للمجلس في خسارة مبلغ 440،444 درهما)، أتقن الشوباني من جديد فن التهرب، تضيف ذات المصادر، من خلال إسناد المسؤولية إلى نائبيه المذكورين. وفي الوقت نفسه، نفى أن يكون مارس ظغوطا على سكرتيره الخاص محمد الهداوي لإجباره على التوقيع على محضر فتح الأظرفة دون تقديم أي بيانات تدعم أقواله، على عكس تصريحات محمد الهداوي الذي اعترف بأنه كان موضوعا ل "إساءة استخدام السلطة". وفيما يتعلق بنفقات السفر الباهظة الممنوحة لعبد الله الصغيري (8400 درهم في 2016، 700.39 درهم في 2017 و800.70 درهم في 2018 (على الرغم من أنه كان في تواريخ معينة خارج المملكة)، أرجع الشوباني هذا الامر إلى خطأ غير مقصود من جانبه. وبخصوص عدم احترام بنود العقد المبرم بين مجلس الجهة وعبد الوهاب الفقير (نائب الرئيس السابق للمجلس الحضري بأرفود والمنتمي لحزب العدالة والتنمية، ورئيس شركة ”ميران“ التي قامت بتأجير حافلات صغيرة لنقل ضيوف المجلس المذكور، سيارة ذات 50 مقعدا بسعر 9680 درهما لليوم الواحد و30 مقعدا بسعر 129.5 درهما)، نفى الحبيب الشوباني علمه بانتماء رجل الأعمال المذكور إلى حزب العدالة والتنمية، مشيرا إلى أن الاتفاق المسبق ينص على نقل الفرق الرياضية الصاعدة في جهة درعة تافيلالت، مضيفا أن تعديل العقد المذكور مدفوع بعدم وجود قسم مخصص لنقل الفرق الرياضية، وهو الأمر الذي تطلب إدخال هذه التكاليف في قسم نقل الضيوف. وعلى ضوء أقوال الحبيب الشوباني، تم الاستماع إلى يوسف أومانزو وعبد الله الصغيري اللذان أكدا بشكل عام تصريحات الشوباني واعترف يوسف أومانزو بتوقيع محضر فتح الأظرفة لطلبيات 50 مركبة ممنوحة لشركة سكينة أوباركة ومصطفى تدامانتي رغم غيابه، وبرر التحويل الذي حصل على حسابه بمبلغ 155 ألف درهم من شركة ”تادوب“، خمسة أيام قبل إبرام عقد حيازة المركبات المعنية، بحقيقة أن الأمر يتعلق بقرض، رغم أن حسابه المصرفي يسير إلى وجود رصيد يتجاوز بكثير المبلغ المذكور، مما يشير إلى وجود علاقة مشكوك فيها. وذكر المصدر أن ضباط الفرقة الوطنية الجهوية للشرطة القضائية بولاية أمن فاس قد أحالوا عند إنهائهم المهام المكلفين بها، تقريرا على الوكيل العام باستئنافية فاس للاختصاص النوعي لاتخاذ الإجراء القضائي المتعين بعد اطلاعه على محتويات الأبحاث المنجزة.