ظل مشروع القانون الجنائي الجديد مجمدا منذ سنة 2016، بسبب غياب إجماع سياسي على بعض مقتضياته. وتم تجديد المهلة لتقديم التعديلات عدة مرات، دون التمكن من الحسم فيه. والنتيجة أن الحكومة تتجه اليوم نحو سحب هذا القانون. وبالإضافة إلى بعض الأحكام المتعلقة بالإجهاض والحريات الفردية، التي لاتزال محط خلاف عميق بين مكونات الأغلبية الحكومية، فإن هناك مادة أخرى ترتبط بتجريم الإثراء غير المشروع. وكان مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بالعلاقات مع البرلمان وحقوق الانسان، قد صرح في وقت سابق بأن "تجريم الإثراء غير المشروع هو سبب البلوكاج في مشروع القانون الجنائي". ودخل مشروع القانون الجنائي مرحلة بلوكاج جديد، بعد اندلاع خلاف بين فريق البيجيدي بمجلس النواب وحلفائه بشأن جريمة الإثراء غير المشروع، التي تضمنها المشروع "المحتجز" منذ حوالي أربع سنوات في مجلس النواب. فبعد إيداع الأغلبية تعديلاتها في 10 يناير 2019، أثير جدل داخل الحزب بعد تعبير وزير الدولة، مصطفى الرميد، عن استيائه منها لأنها "تفرغ جريمة الإثراء غير المشروع من محتواها»، فعاد فريق البيجيدي ليقترح تقديم «تعديل استدراكي" على هذه الجريمة، لكن حلفاءه رفضوا ذلك، فتقرر رفع هذا الخلاف إلى زعماء أحزاب الأغلبية للبت فيه. التعديل الاستدراكي للبيجيدي ينص على الحفاظ على نص الجريمة كما أحالته الحكومة، مع إضافة الذمة المالية لزوجة الموظف إلى دائرة مراقبة الإثراء غير المشروع، لأن النص الذي أحالته الحكومة ينص فقط على مراقبة الذمة المالية للموظف وأبنائه القاصرين إذا عرفت زيادة كبيرة غير مبررة.