قال عبد الفتاح الفاتحي، الخبير والمتخصص في شؤون الصحراء المغربية، إن بناء برنامج انتخابي على استعداء جار شقيق لهو قمة الاستهتار بمطالب الشعب الجزائري الخارج اليوم إلى الشارع للمطالبة بإصلاحات عميقة، وأن مقترح برامج المرشحين للرئاسية في الجزائر أقل بكثير من توقع الاحتياجات الشعبية. وأوضح الفاتحي في تصريح ل"تليكسبريس"، أنه بعد تصريحات المرشح عبد القادر بن قرينة رئيس حركة البناء الوطني المتعلقة بتصدير المخدرات بكميات كبيرة وبمبالغ خيالية ترقى حد مليارات الدولارات على حد ادعائه، فهو بذلك يعاود الشروط المستحيلة التي كان قد اشترطها العسكر الجزائري جوابا على سياسة اليد الممدودة التي اقترحها المغرب لتطبيع العلاقات بين البلدين الجارين. وأكد الفاتحي، أنه في سياق ترديد أسطوانة العسكر الجزائر هرولة رئيس الوزراء السابق عبد المجيد التبون إلى ترديد الشرط الثاني للعسكر الجزائري، بإعلانه خلال حملته الانتخابية المطالبة بتقديم اعتذار رسمي مقابل قبول الجزائر فتح الحدود المغلقة. وزاد الفاتحي بالقول، "الحق أن هذه الشعارات السياسية التي يحاول المرشحون بها استمالة الطغمة العسكرية المهيمن في البلاد، دون التوجه إلى تقديم إجابات حقيقية لمطالب الشعب الجزائري، الذي يواصل حراكه السياسي شبه اليومي". مضيفا، أن بناء حملات الانتخابات الرئاسية للجزائر على استعداء المغرب، هو منطق تخريبي للتلاحم الشعبي بين الشعوب المغاربية، وإعلان عن مزيد من هدر الزمن السياسي، وتعطيل بناء اتحاد المغرب الكبير، وأن الاستثمار في استعداء المملكة ورقة متجاوزة اليوم، وعلى المرشحين الانكباب على التحديات الداخلية الحقيقية للبلاد بدل تصريف مطالب الإصلاح إلى الخارج وخاصة نحو المغرب. وقال الدكتور الفاتحي، إن ارتهان الحملات الانتخابية لتأكيد الولاء للعقيدة العسكرية الجزائرية، والتي لا تزال تفترض المغرب عدوا استراتيجيا للجزائر، يجعل تلك الحملات الانتخابية فاقدة لشرعية السياق والظروف السياسية والشعبية لها، والتي تطالب بإصلاحات جوهرية تتجاوز عقم العقيدة العسكرية التقليدية. مؤكدا، أن بعض المرشحين للانتخابات الجزائرية لا يمتلكون جرأة تمثيل مطالب الشعب الجزائري، ولذلك يحاولون تسخين حملاته الباردة سياسيا بكيل التهجمات على المغرب، وقيادة حملة استعداء ضده. وخلص الفاتحي، إلى أن مسعى استمرار القايد صالح التحكم في مفاصل اللعبة السياسية الجزائرية، بعد إقالة بوتفليقة، دعت بعدد من رموز العهد القديم صياغة شعارات انتخابية مؤيدة للعقيدة العسكرية الجزائرية. مما فوت على الجزائر تقديم مرشحين حقيقيين يستوعبون حتمية الإصلاحات الجذرية في السياسة الجزائرية، ومنها إعادة النظر في سياسة الجوار مع الجار المغربي. والأحرى، يضيف الفاتحي، أن ينكب المرشحون بتوجيه برامج حملاتهم الانتخابية لاقتراح الحلول للمشاكل التي تعيشها البلاد والتي أخرجت الجزائريين للاحتجاج، بدلا من الارتهان إلى العقيدة العسكرية التي طالما تسببت في هدر الكثير من الفرص الحقيقية لتنمية المنطقة المغاربية، وأن الخطأ التي يرتكبوه المرشحون لرئاسية جزائرية مصطنعة قد يزيد من الاحتقان الجزائري الداخلي، وقد يقود الأمر إلى تداعيات أمنية خطيرة، ذلك أن مطالب الشارع الجزائري اليوم أكبر من الاستجابة لها باستعداء شعب شقيق.