لا يمكن الحديث عن تغيير في الجزائر، كما سبق أن أشرنا إلى ذلك في مقال سابق، دون مساس بالعقيدة العتيقة لنظام العسكر بخصوص النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، واستمرار دعمه لمرتزقة البوليساريو وإيوائهم على أراضي الجزائر بالجنوب الغربي.. إن الحراك الشعبي في الجزائر، الذي يطالب برحيل النظام ورموزه، لن ينجح في مهمته إلا إذا استطاع تحييد مؤسسة الجيش عن التدخل في الشؤون السياسية، وجعله يلتزم بثكناته وترك أمور السياسة لحكومة مدنية ورئيس منتخب بشكل ديمقراطي من طرف الشعب، مصدر السلطات وصاحب الكلمة الفصل في تقرير مصير البلاد ونموذج السلطة التي يرغب فيها..
واهم من يعتقد أن تغيير النظام في الجزائر، سيتحقق دون حل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وذلك بالقطع مع مواقف النظام العسكري الداعم للبوليساريو والمناهض لمصالح المغرب ووحدته الترابية، والمعيق للبناء المغاربي..
إن مِحرار التغير بالجزائر ومقياس درجة نجاح الحراك الشعبي في تحقيق مطالبه، هو الموقف من الصحراء المغربية، إذ أن استمرار النظام الجزائري في دعم مرتزقة البوليساريو واستدامة هذا النزاع المفتعل يعني بكل بساطة أن لا شيء تغير في الجزائر وأن كل هذه النضالات التي خاضها الشعب ذهبت سدى..
ولنا في بيان اصدرته وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، اليوم الاربعاء، دليل على ما نقول، حيث أن الجزائر عبرت من خلال وزارة صبري بوقادوم- المرفوض من طرف الشعب الجزائري شأنه شأن باقي الوزراء ورئيس الدولة المؤقت- على استمرار النظام في دعم البوليساريو وترديد الأسطوانة المشروخة التي ما فتيء يرددها نظام العسكر حول ما يسمى ب"تقرير مصير الشعب الصحراوي"..
إن بيان اليوم، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن نظام العسكر ما يزال يهيمن على السلطة بالجزائر وان قايد صالح هو الذي يحكم الجزائر، ولن يسمح بتغيير النظام لأن مؤسسة الجيش هي التي حكمت الجزائر ولاتزال، وذلك منذ استقلال الجزائر والانقلاب على الحكومة الانتقالية المدنية من طرف الهواري بومدين (محمد بوخروبة)..
إن أي تغيير بالجزائر يمر بالضرورة عبر تحييد الجيش وجعله تحت تصرف الشعب وليس العكس، كما يرغب في ذلك قايد صالح، الذي يماطل ويراوغ في افق ترهل او انقسام الحراك الشعبي حتى يتسنى له تأمين استمرار النظام القديم تحت غطاءات خادعة..
إن على الشعب الجزائري أن يفرض موقفه على قايد صالح ومؤسسة الجيش، وذلك بدفعه إلى القطع مع البوليساريو والسماح للمحتجزين بالرجوع إلى وطنهم المغرب، لإنهاء هذا النزاع المفتعل الذي كان النظام الجزائري ومؤسسة الجيش المسؤولين عن افتعاله لعرقلة مسيرة المغرب والبناء المغاربي، وتبرير الميزانيات الضخمة التي كان يصرفها على التسليح وشراء المعدات الحربية من خلال صفقات حان الوقت للشعب الجزائري لمحاسبة المسؤولين عنها، والناهبين للأموال العمومية، وضمنهم قايد صالح الذي ادعى امس الثلاثاء بانه يحوز وثائق حول عمليات فساد ثقيلة..