ينتظر الجزائريون، كعادتهم كل ثلاثاء، رسائل قايد صالح التي دأب على تمريرها في خطاباته أمام العسكر كلما زار ناحية عسكرية.. ويقوم قايد صالح، منذ أمس الأثنين بزيارة للمنطقة العسكرية الخامسة، حيث ينتظر أن يلقي اليوم الثلاثاء خطابا أمام افراد الجيش بقسطنطينة، قد يحمل في طياته رسائل إلى الحراك الشعبي خاصة بعد أن رفض هذا الأخير كل القرارات التي يريد رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع فرضها وتمريرها لضمان استمرار النظام القديم تحت ثياب جديدة.. ويراهن قايد صالح منذ بدء الحراك الشعبي، يوم 22 فبرار المنصرم، على فشل الحراك الشعبي وخفوت جذوته، وذلك من خلال سيناريوهات ثلاثة: السيناريو الأول، يتمثل في انقسام الجزائريين وقد حاول قايد صالح تجريب هذه الخطة، من خلال إذكاء النعرات القبلية والإثنية واللعب على ورقة القبائل، إلا أن وعي الشعب أفشل هذا المخطط، إذ أن الجزائريون يحملون دون عقدة رايات الجزائر بموازاة العلم الأمازيغي رمز هويتهم، دون أن يشكل ذلك أي مشكل كما كان الأمر من قبل، عندما كرس النظام العسكري لغة الكراهية بين القبائل وباقي الشعب الجزائري.. أما السيناريو الثاني، فيقضي بخلق القلاقل وبعض أحداث العنف لكي يتسنى للعسكر أن يتدخل لقمع الحراك أو إعلان حالة الطوارئ، وهو ما فطن له الجزائريون من خلال رفع شعار السلمية والمحافظة على حراكهم بعيدا عن اعمال العنف والتخريب، رغم استفزازات القوات العمومية وخطابات قايد صالح.. السيناريو الثالث، الذي يعول عليه قايد صالح ومؤسسة الجيش، هو ترهل الحراك الشعبي واندثاره بفعل الزمن، إلا أن الجزائريون واعون كل الوعي بهذا المخطط من خلال النزول كل جمعة بأعداد أكثر وفي مسيرات ضخمة تؤكد أن رهان قايد صالح لن ينجح مع شعب راهن على تحقيق مطالبه كاملة ومنها رحيل قايد صالح نفسه، باعتباره رمزا من رموز النظام القديم، وتحييد المؤسسة العسكرية عن ممارسة الشأن السياسي والتحكم في دواليب الحكم في البلاد، وقد عبر الجزائريون عن ذلك من خلال شعاراتهم الرافضة لحكم العسكر، والمطالبة برحيل قايد صالح، الذي لم يعد صالحا كما يقول الجزائريون.. فهل سيفهم قايد صالح أن الجزائريين لا يرغبون فيما يريد فرضه عليهم من مخططات ترمي إلى تابيد النظام القديم، ويعمل أخيرا على تلبية مطالب الحراك ومواكبته وتأمين الانتقال إلى مرحلة جديدة وفق إرادة الشعب، الذي يعتبر مصدرا لكل السلطات، وليس إرغامه على مسايرة المؤسسة العسكرية في مخططاتها التي لن تؤدي إلا إلى إعادة إنتاج النظام في حلة أخرى، وهو ما ملّ منه الجزائريون منذ ان سطت المؤسسة العسكرية على ثمار الاستقلال بعد انقلاب بوخروبة على الحكومة الانتقالية سنة 1962..