التقط المتابعون لسير الحملة الانتخابية للرئاسيات الجزائرية المقررة في 17 أبريل الجاري، تصريح ثلاثة مرشحين بالتزامهم العمل على فتح الحدود البرية مع المغرب، وهذا يعني بداية أن ملف الحدود بين البلدين الجارين هو مطلب شعبي مطروح أيضا في الجزائر، ولهذا اهتم به المرشحون، وقدموا بشأنه وعودا والتزامات للناخبين، وهذا عكس ما دأب السياسيون والعسكريون الجزائريون على ترديده باستمرار، كون الرباط هي التي تلح على فتح الحدود لأن المغرب بحسبهم هو المستفيد من ذلك. في البداية كان مرشح جبهة المستقل عبد العزيز بلعيد قد تعهد بفتح الحدود البرية بين المغرب والجزائر، وأيضا فتح الحوار بينهما لحل الخلافات، ثم خرجت المرشحة لويزة حنون، الأمينة العامة لحزب العمال، بالموقف ذاته، واعتبرت فتح الحدود أفضل طريقة لمواجهة «القنابل الموقوتة» التي تستهدف البلدان العربية، ومنذ أيام التحق بالمرشحين المذكورين مرشح ثالث هو رئيس الوزراء الأسبق علي بن فليس، الذي قال بأنه يتوفر على تصور متكامل لإحياء المغرب الكبير، وسيعمل من أجل فتح الحدود البرية مع المغرب، وضمان التنقل بين البلدان المغاربية ببطاقة التعريف الوطنية أو باستحداث جواز سفر مغاربي. نعرف أن عزف مرشحي الانتخابات الرئاسية الجزائرية اليوم على الوتر الوحدوي هو مجرد مناورة لكسب الأصوات وللتفاعل مع القاعدة الانتخابية، ونعرف أن بن فليس مثلا هو رئيس وزراء سابق لم يقدم شيئا عمليا لتحقيق ما يعد به اليوم، كما نسجل أن هذا الالتزام المصرح به من لدن المرشحين جاء مقترنا بشروط وتعابير تكشف التردد والخشية، خصوصا أن حملة الرئيس المرشح عبد العزيز بوتفليقة وكل الناطقين باسمه لم يصدر عنهم أي موقف لحد الآن في هذا الاتجاه، وكل هذا يزيد من تأكيد الطبيعة الدعائية لما صرح به المرشحون الثلاثة، ويكشف على أن موضوع فتح الحدود البرية مع المغرب يعود القرار فيه لجنرالات «المرادية»، الحكام الفعليين في الجزائر. وبرغم ما سبق، فإن بروز ملف فتح الحدود البرية مع المغرب في الخطاب الدعائي لدى مرشحي الرئاسيات الجزائرية يكشف عمق انشغال الشعب الجزائري بهذا الانتظار الاجتماعي والإنساني، وبالتالي اضطرار السياسيين لتقديم وعود والتزامات بغاية الحصول على الأصوات، وهنا نعيد التأكيد على أن النظام العسكري الجزائري ما عليه سوى أن يحسن الإنصات إلى شعبه، لأن أهلنا في الجزائر يحسون ويدركون بأن استقرار بلادهم ومستقبلها يوجدان في الاقتراب من المغرب، وفي الحرص على تقوية الاندماج المغاربي، وفي الابتعاد عن عقلية المناورة والهيمنة والتحكم. الانتخابات الرئاسية الجزائرية ستنتهي، وفي الغالب سيحصل بوتفليقة على عهدته الرابعة، حتى ولو كان على سرير المرض، وحتى إن لم يحضر أي تجمع انتخابي، ولكن المشكلة توجد في المستقبل، أي ما بعد استحقاق 17 أبريل. عندما تصم الجزائر آذانها عن كل ما تشهده المنطقة والعالم من تحولات، وعندما تنأى بذاتها ونظامها عن كل ديناميات الانفتاح والتحديث والدمقرطة، فهي هنا تتحول إلى خطر حقيقي ليس فقط بالنسبة لشعبها، وإنما بالنسبة لعموم المنطقة. الشعب الجزائري جدد اليوم التأكيد على تطلعه إلى فتح الحدود البرية مع المغرب، وعبر عن عدم اقتناعه بمختلف المناورات والنزاعات التي يفتعلها نظام بلده ضد الجار الغربي، بل وعن رفضه لها. في حين لا يهتم النظام العسكري الجزائري سوى بهواجسه الأمنية والهيمنية والتسليحية، وبمعاداة المملكة، فإن الشعب الجزائري وجه له اليوم صفعة قوية يرفض من خلالها كامل هذه المنظومة، ويطالب بالتواصل مع جيرانه وأهله في المغرب، وبالاندماج والتعاون المغاربيين. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته