في الجزائر صارت السيناريوهات والهندسات الإخراجية والتلفزيونية المصاحبة لترشيح الرئيس بوتفليقة هي محور الاستحقاق الرئاسي المرتقب، وفي وضعية مثيرة للشفقة فعلا بات الحديث، عبر مختلف مواقع الانترنيت أو في مختلف مجالس الكلام، متمحورا حول الفيديو الذي يقدم صوت «الرايس» بعد افتقاده لحوالي 22 شهرا، ولو أنه لم يتضمن سوى بضع كلمات عمل الموظبون كثيرا من أجل إنجاح فبركتها التلفزيونية. في أوضاع المرض لا يمكن للمرء سوى الدعاء بالشفاء، ولكن عندما يصير ذلك حاملا للغايات السياسية والانتخابية، يتحول الأمر إلى موضوع حديث وكتابة و... شفقة. أهلنا في البلد الجار يستحقون فعلا أحسن مما يحدث لديهم اليوم، وهم يريدون انتخابات ديمقراطية نزيهة وليس التأكد من سلامة يد الرئيس التي بها وقع طلب الترشح في حضرة رئيس المجلس الدستوري، وهم أيضا يشعرون ب «الحكرة» عندما يصر رئيس مريض على الترشح لعهدة رابعة، ويأتي وزيره الأول ليبرر ذلك بالقول إن المستشارة الألمانية ميركل فعلت ذلك لثلاث مرات... ليست الغاية هنا إعطاء الدروس أو التدخل في شأن خاص بأشقائنا الجزائريين، وإنما الأمر يتعلق بلفت انتباه إلى تفاقم عقلية عبثية متحكمة في نظام جار لبلدنا، وهي عقلية تؤطر سير النظام برمته وتحدد رؤيته بما في ذلك للعلاقة مع بلادنا. النظام الجزائري لا يريد النظر بعينين مفتوحتين لما يجري في محيطه الإقليمي والدولي من تحولات، وما تحققه الشعوب من ديناميات إصلاحية وديمقراطية وتنموية، بل هو لا يريد الإنصات حتى لنبض شعبه وللمطالب المعبر عنها يوميا من لدن شباب الجزائر ومثقفيها ونخبها، واختار بدل كل ذلك... التكلس والجمود. إن النظام الذي يصر اليوم على ترشيح رئيس لم يقو على الكلام منذ أكثر من عشرين شهرا، هو نفسه الذي يصر كذلك على تمتين العداء للمغرب الجار، واقتراف المناورة تلو المناورة ضد وحدته الترابية، وإغلاق الحدود البرية معه، كما أنه هو نفس النظام الذي يصر على عدم التنسيق مع المملكة في مختلف الملفات الإستراتيجية والأمنية برغم النداءات المتعددة التي يوجهها المنتظم الدولي. هي إذن عقلية باتولوجية اتضحت اليوم سلبياتها ومخاطرها ليس فقط على مستوى المنطقة المغاربية والإفريقية والمتوسطية، وإنما أيضا بالنسبة للانتظارات الديمقراطية والتنموية المعبر عنها داخليا من طرف الشعب الجزائري. عقلية تكشف العجز الكامل عن إدراك رهانات المرحلة داخليا وإقليميا ودوليا، لكنها في النهاية لن تقود بلادها وشعبها سوى نحو... الأوهام. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته