السلوك الجزائري الأخير ضد المغرب يقدم دليلا آخر على طبيعة باتولوجية يعاني منها أركان النظام الجزائري تجاه البلد الجار، وهم لا يترددون في استغلال أي شيء من أجل الاستفزاز، وبغاية إدامة التوتر بين البلدين، وأيضا لتحويل نظر شعبهم عن المشاكل الحقيقية التي يعاني منها، وعن المآزق المحيطة هذه الأيام بالمستقبل السياسي للبلاد. إن المشكل الجوهري يكمن هنا بالذات، أي في هذه العقلية المرضية والمفتقدة لأي بعد نظر، وهذا هو ما صار، منذ سنوات، يمثل خطرا حقيقيا على الأوضاع الأمنية والإستراتيجية في المنطقة برمتها. أما الإقدام على طرد لاجئين سوريين، وضمنهم أطفال ونساء وشيوخ، فهذا أولا ينم عن حقد وكراهية للشعب السوري، ويفضح تواطؤ النظام العسكري الجزائري مع مثيله في دمشق، بالإضافة الى كون هذه الرعونة السلطوية تعتبر خرقا واضحا للقوانين والمواثيق الإنسانية الدولية، وتفضح ادعاءات السلطات الجزائرية بشأن الأخوة العربية والإسلامية، والتضامن مع الشعوب، وغير ذلك من الشعارات الزائفة. وعندما عبر المغرب عن استيائه، فذلك كان ردا عن الخروق القانونية المتعمدة، وعن الاعتداء على السيادة المغربية، وأيضا عن افتقاد القرار الجزائري لأي معنى، لا في القانون ولا في العلاقات بين الدول ولا في الأخلاق والقيم، كما أن المملكة فضحت الاستفزاز الجزائري انطلاقا مما هو متضمن في جوازات المطرودين أنفسهم وليس بالاعتماد على الأقوال والنوايا فقط، وكل هذا كان يفرض على السلطات الجزائرية أن تخجل وتعمد إلى إيجاد حل ضمن مقتضيات العمل الديبلوماسي والعلاقات الثنائية، بدل الهروب إلى الأمام، والنفي المطلق لما تضمنه الاحتجاج المغربي من أدلة ووقائع... واضح إذن أن الجريمة الإنسانية، وهي هكذا فعلا، المقترفة من لدن النظام الجزائري في حق اللاجئين السوريين، كانت مناورة أخرى للإساءة إلى المملكة واستفزازها، وهي تمثل تجليا آخر من تجليات التصعيد ضد بلادنا من لدن الجار الشرقي... أما ما يتعلق باللاجئين السوريين، فالمغرب يلتزم بمواقف واضحة منذ البداية، وهو يرفض جرائم النظام البعثي الديكتاتوري ويندد بها، ولم يتردد دائما في إبداء التضامن والمساندة للشعب السوري، سياسيا وعمليا وإنسانيا، كما أن منظمات مدنية غير حكومية نجحت هي أيضا في احتضان عشرات الأسر السورية الهاربة من جحيم الحرب وتمكينها من الاستقرار والإحساس بالأمان والكرامة، وهذه المبادرات الشعبية والاجتماعية التلقائية من طرف المغاربة هي التي فضحت خسة السلوك الجزائري ولا إنسانيته. إن المغاربة يواصلون احتضان اللاجئين السوريين ومساندتهم لاعتبارات إنسانية وحقوقية، لكنهم أيضا يرفضون الرعونة الجزائرية واستهداف الحدود الوطنية والسيادة الترابية... وإذ يدركون أن النظام العسكري الجزائري تلفه هذه الأيام المنغلقات، وهو لا يتردد في الرمي بكل جنونه نحو المغرب، فهم مجمعون على ضرورة التحلي بكثير من اليقظة الأمنية والديبلوماسية والسياسية لحماية الحدود والسيادة ورد كل المناورات الجزائرية وفضحها أمام العالم كله. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته