لم يكتف النظام الجزائري بتصريف سعاره ضد المغرب بواسطة أبواقه الإعلامية، أو حتى من خلال تصريحات بعض وزرائه، وإنما اختار هذه المرة اللعب الفاضح، ولم يتردد الرئيس، الذي لم يتمكن الجزائريون من مشاهدته مباشرة منذ شهور بسبب مرضه، في كتابة رسالة وتكليف وزيره في العدل بتلاوتها في ندوة تافهة بأبوجا النيجيرية، وهي كلها استهداف للمملكة وتحريض عدواني ضد وحدتها الترابية. هذه المرة، النظام الجزائري يزيل عنه، إذن، كل الأقنعة ويخرج عاريا أمام الجميع، ليؤكد بلا لف أو دوران أنه الخصم الأول والوحيد للمغرب في وحدة ترابه وفي سيادته على صحرائه، وأن (البوليساريو) ما هي إلا صنيعته التي يلجأ إلى استعمالها عند الحاجة. منذ فترة أدرك المغاربة وكافة المتابعين للشأن المغاربي أن النظام الجزائري دخل في تصعيد عدواني ضد المغرب، وقد كشف عن ذلك من خلال تصريحات بعض وزرائه، ومن خلال ما تكتبه بعض صحفه المعروف ارتباطها بأجهزة المخابرات والجيش، وأيضا من خلال ترويج مغالطات بليدة عن صحة جلالة الملك، وقد بلغ جنون جنرالات قصر المرادية مبلغه اليوم عبر إخراج الرئيس العليل ليكتب رسالة شاردة لم يكن صدفة تزامنها مع إعلان ترشيحه ولاية رئاسية رابعة. عندما يحاول النظام العسكري الجزائري اليوم تسلق عمود حقوق الإنسان والديمقراطية فلا يوجد سوى الضحك جوابا عن هذا الابتذال. كيف لبلاد لا تخجل في زمن الحراك الشعبي والتحولات الجوهرية في المنطقة أن ترشح رئيسها المريض لولاية رئاسية رابعة أن تتحدث اليوم عن الديمقراطية؟ وكيف لبلاد نفطية لا تستطيع حتى تلبية الحاجيات الاجتماعية الأساسية لشعبها أن تتحدث عن العدالة الاجتماعية والكرامة؟ إن مشكلة الجزائر الشقيقة، ومنذ عقود، تكمن أساسا في رعونة جنرالاتها، وفي عمى النظام العسكري الذي يقود البلاد وكل المنطقة إلى المجهول، ويهدد السلم والأمن والاستقرار. ولهذا نجدد هنا التضامن مع الشعب الجزائري لكي يتخلص من قهر العسكر، ولكي ينفتح على جيرانه، ولكي يتفاعل مع ما يجري في المنطقة والعالم، ولكي يستطيع العيش في أمن واستقرار وعدالة وتقدم. أما نحن في المغرب، فنعرف أن النظام الجزائري يسعى اليوم لتهريب أزمته الداخلية جراء استبداد الجهاز العسكري وسيطرته على مفاصل الدولة والمجتمع، وهو يحاول من جديد إيهام شعبه ب «العدو الخارجي»، أي المغرب، والإصرار على التحريض عليه واستهداف وحدته الترابية. ونعرف أيضا أن النظام الجزائري لم يقبل يوما امتلاك المغرب أي دور في شؤون المنطقة، وخصوصا على صعيد الساحل والصحراء، ولم يقبل النجاحات الديبلوماسية التي تراكمت في الفترة الأخيرة للمملكة على صعيد إفريقيا، ومن ثم فهو اليوم يحاول نسف كل ذلك، ومن المؤكد أن مناوراته ودسائسه تمثل اليوم مخاطر حقيقية على استقرار المنطقة برمتها. ونعرف ثالثا، أن بلادنا توجد فوق أرضها في الصحراء ولا ترعبها كل هذه المناورات البليدة التي جربها النظام الجزائري طيلة عقود، كما أن شعبنا وقواه الحية يواصلان المسار الديمقراطي والتنموي لبلادهم ضمن النموذج الإصلاحي المتميز الذي توافق عليه المغاربة. النظام الجزائري اليوم أصيب بسعار بين، ولن يكتفي بالمناورات وسط القارة الإفريقية أو على الصعيد الديبلوماسي العالمي، وإنما قد يتجه نحو تهريب المزيد من أموال الجزائريين ومواردهم إلى الجبهة الانفصالية، وتقوية تمويلها، وذلك بما يزيد في تأجيج العنف والشغب داخل أقاليمنا الجنوبية، وربما بما يقود الجبهة جزائرية الصنع والرعاية إلى تهديد استقرار وأمن المنطقة، وكل هذا ممكن من طرف نظام عسكري مجنون مثل الذي يسيطر على البلد الجار، ولهذا من الواجب اليوم تقوية التعبئة الوطنية واليقظة وسط شعبنا وقواه الحية، وتمتين الجبهة الداخلية للدفاع عن القضية الوطنية الأولى لشعبنا، ولتحميل المجتمع الدولي كامل المسؤولية في صيانة الأمن والاستقرار والسلم في شمال إفريقيا وفي المتوسط وفي الساحل والصحراء. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته