يواصل نائب وزير الدفاع الوطني الجزائري، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد قايد صالح، جولاته عبر مختلف النواحي العسكرية، والتي يستغلها لبعث رسائله إلى الحراك الشعبي الذي تعرفه الجزائر منذ 22 فبراير المنصرم، والذي يطالب برحيل النظام الفاسد وكل رموزه بما فيهم قايد صالح نفسه، الذي ظل إلى وقت قريب يساند بوتفليقة ويدعم ترشحه لولاية خامسة قبل ان ينقلب عليه بعد ان تأكد بأن الشعب عازم على إسقاطه. ويحاول قايد صالح أن يوهم الرأي العام الجزائري والدولي بان الأمور تسير بشكل طبيعي بالبلاد، حيث يؤكد دائما في خطاباته التي يلقيها من الثكنات العسكرية بمناسبة زياراته المتكررة للنواحي العسكرية، الضرب على وتر العلاقو بين الشعب والجيش الشعبي، وخلط الأوراق والهروب إلى الامام في محاولة لإفشال الحراك الشعبي الذي أضحى يطالب برحيل المؤسسة العسكرية ويرفض حكم العسكر الذي يجثم على أعناق الجزائريين منذ استقلال البلاد سنة 1962. آخر خرجات قايد صالح، كانت صباح اليوم الثلاثاء بورقلة حيث نوّه بما أسماه ب"الهبة الشعبية التي تعم كافة أنحاء الوطن.. تعبيرا عن التفاف الشعب بقوة حول جيشه"! والدعوة إلى "التوجه المكثف إلى صناديق الاقتراع يوم 12 ديسمبر المقبل، لإنجاح الانتخابات الرئاسية"! وفي كلمة توجيهية له خلال زيارة العمل والتفتيش، التي يقوم بها للناحية العسكرية الرابعة بورقلة، قال الفريق قايد صالح "أود أن أؤكد مرة أخرى (...) أننا نسجل بإعجاب شديد بل وباعتزاز أشد، هذه الهبة الشعبية التي تعم كافة ربوع الوطن.. والتي جاءت للتعبير عن التفاف الشعب حول الجيش الوطني الشعبي لإنجاح الانتخابات الرئاسية المقبلة"!. و أضاف قايد صالح، حسب ما أفاد به بيان لوزارة الدفاع الوطني، لقد "خرجت مختلف فئات شعبنا الأبي، عن بكرة أبيها، رجالا ونساء، شبابا وطلبة وكهولا وشيوخا، في أروع صور التلاحم والتضامن والتفاف الشعب بقوة حول جيشه، يهتفون كلهم، بصوت واحد، بشعارات وطنية معبرة، تدعو في مجملها إلى التوجه المكثف إلى صناديق الاقتراع يوم 12 ديسمبر المقبل، لإنجاح الانتخابات الرئاسية والمساهمة بالتالي في صناعة المستقبل الواعد، فذلكم هو الشعب الجزائري، وتلكم هي الجزائر". من يستمع إلى كلمات قايد صالح سيكذب ما يراه يوميا، وخاصة كل جمعة وثلاثاء، في شوارع المدن الجزائرية وسيشكك في ما يسمعه من شعارات غاضبة من المؤسسة العسكرسة والتي تطالب برحيل نظام العسكر وبناء دولة مدنية ديمقراطية. ويعتقد قايد صالح أن زمن الدعايات الاعلامية الرسمية لايزال يجدي نفعا، بعد ان تطورت وسائل الاتصال وأصبح باستطاعة العالم ان يطلع على ما يجري في الجزائر وحتى في ثكنات قيد صالح، بمجرد نقرة على الحاسوب او الهاتف النقال.. وفي محاولة لتهدئة الشعب الجزائري، جدد الفريق تأكيده على أن "الجيش الوطني الشعبي يتعامل دوما مع الشعب بالفعل والعمل وليس بالقول فقط"، وهو شعار يتنافى مع هتافات الشعب في مسيراته. وفي هذا الإطار يصر قايد صالح على القول بأن "الأقوال الصادقة بالنسبة لنا في الجيش الوطني الشعبي، هي تلك التي يتم تجسيدها ميدانيا وواقعيا والتي يلمس المواطنون صدقها ويشعرون بوفائها وإخلاصها"، قبل ان يضيف بأن "لا طموحات سياسية لدينا ولا أهدافا أخرى غير الأهداف الوطنية، أي الأهداف التي هي في مصلحة الجزائر وشعبها، هذا الشعب الذي نفتخر بأننا ننحدر من صلبه، ونفتخر أيضا بأننا على دراية عميقة وشاملة بتوجهاته المبدئية، هذه التوجهات الشعبية التي كنا دوما وسنبقى نحافظ حيالها على مواقفنا الثابتة ونسعى دوما في ذات الوقت إلى أن نكون مصدر أمن شعبنا ومنبع حمايته"، إلى آخر الاسطوانة المشروخة التي دأب قايد صالح على ترديدها على مسامع الشعب الجزائري.. وفي محاولة لقلب الحقائق وتحويل الغضب الشعبي في الشوارع إلى مسيارت تسبح بحمد الجيش وقايد صالح، لم يخجل هذا الأخير من القول بأن "الشعب الجزائري أدرك بفضل وعيه وبعبقريته المعهودة وحسه الوطني المشهود وعبر هذه المسيرات الشعبية الوفية لوطنها والمؤيدة لجيشها وقيادته الوطنية المجاهدة" خلفيات "الأطراف الحاقدة التي أزعجتها هذه اللحمة بين الشعب وجيشه"، وهي عبارات تحاول إخفاء الحقيقة بغربال الوهم.. وإمعانا منه في تخوين الحراك الشعبي والتقليل من زخمه قال قايد صالح لقد "تيقن هؤلاء الأعداء أن الخط الأصيل الوفي لثورة نوفمبر المجيد، هو الخط الذي يحصد الانتصار تلو الانتصار، وأن الحق يعلو ولا يعلى عليه، وكلمة الفصل تكون دوما للأحرار وللمخلصين الذين يحفظون عهد الشهداء الأبرار ويقفون سدا منيعا ضد مفتعلي الأزمة من العصابة ومن والاهم، الذين فقدوا كل صلة مع الشعب الجزائري وفقدوا كل علاقة مع تاريخه ومبادئه الوطنية الأصيلة". هكذا إذن، وبكل بساطة يواصل قايد صالح نعت المسيرات المليونية التي تخرج كل اسبوع، بالعصابة والخونة واعداء الوطن، مواصلا هلوساته بالقول إن هؤلاء قد وجدوا الرد المناسب من لدن الشعب الجزائري عبر كافة أرجاء الوطن، الذي برهن ولا يزال وسيبرهن مستقبلا، بأنه شعب وفي، بطبيعته وبعفويته، لمن يراهم حماة له ويراهم قريبون منه، كلما اشتدت المحن والملمات".. وفي مفارقة عجيبة تنم عن عمى مرضي، أصرّ قايد صالح على القول: "طوبى لهذا الشعب الكريم، الذي نراه اليوم يذود بقوة عن الجيش الوطني الشعبي، فاللحمة بين الشعب والجيش هي لحمة كاملة الأركان فلا انفصام لها، وذلك هو النصر المبين للجزائر، وذلكم هو الخسران المبين لأعدائها"، متناسيا بان الشعب لم يعد يهتف ب"الجيش والشعب خاوة خاوة" وبأن الشعارات التي ترفع اليوم هي "لا لحكم العسكر" و"دولة مدنية وليس عسركرية". ولا يرى قايد صالح في المسيرات المليونية التي تجوب الشوارع كل اسبوع سوى ما أسماه ب"الالتفاف" و"الإحاطة الصادقة" بالجيش من جانب الشعب، مضيفا أنه "المسيرات الشعبية "العفوية، الداعمة للجيش الوطني الشعبي وللانتخابات الرئاسية"، تأكدت من خلالها "الخصال التي عرف بها هذا الأخير خلال الثورة التحريرية ومرحلة مكافحة الإرهاب"!!! .تلك كانت بعض الهلوسات التي جادت بها قريحة قايد صالح هذا الثلاثاء، ونترك للقارئ ان يحكم على مضامينها من خلال مقارنتها بما يجري على ارض الواقع