عاد الفريق قايد صالح، نائب وزير الدفاع الوطني الجزائري، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، إلى تكذيب نفسه والانقلاب على مضامين خطابه الذي ألقاه يوم الثلاثاء، خلال زيارته إلى الناحية العسكرية الأولى بالمدية. فبعد الرفض الذي لقيته رسائل قايد صالح التي وجهها في ذات الخطاب إلى الحراك الشعبي، أصدرت وزارة الدفاع الوطني الجزائرية بيانا تنتقد فيه ما سمته "طريقة تحليل ونشر مضمون كلمة الفريق أحمد قايد صالح"، معتبرة أنها "قراءات مغلوطة"!. واعتبر بيان الوزارة أن الأمر يتعلق ب"محاولة تضليلية مفضوحة، قامت بعض عناوين الصحف الوطنية في نسخها الصادرة نهار الأربعاء 24 أبريل 2019، بتقديم قراءات مغلوطة لبيان وزارة الدفاع الوطني المتعلق بكلمة السيد الفريق نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، التي ألقاها، الثلاثاء 23 أبريل 2019، أمام إطارات الناحية العسكرية الأولى". القراءات التي قال عنها بيان الجيش بأنها مغلوطة، هي تلك التي رأت في تدخلات قايد صالح خرقا للدستور ومسا باستقلالية السلطة القضائية، إذ أن رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي هو الذي أعطى الأوامر بتحريك المتابعات ضد من أسماهم برموز الفساد، وهو الذي أمر رئيس المجلس الدستوري باعلان حالة شغور منصب الرئاسة و دفع بوتفليقة إلى الاستقالة، وهي أفعال خارجة عن نطاق المهام الموكولة لقايد صالح وتعد خرقا سافرا للدستور الذي يتبجح كل يوم يالاحتكام إلى مقتضياته.. بيان وزارة الدفاع الوطني اعتبر ما قيل بهذا الخصوص، مجرد افتراءات "جاء بها محررو هذه المقالات الصحفية التضليلية، سيما المتعلقة بالأوامر "المزعومة" للسيد الفريق نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، بخصوص فتح الملفات المرتبطة بالفساد وتسيير المرحلة الانتقالية". كما أن وزارة قايد صالح "سجلت باستغراب هذه التأويلات غير البريئة وتؤكد مرة أخرى عزيمة وإصرار الجيش الوطني الشعبي على أداء مهامه بما يخوله الدستور". وبعد ذلك عاد البيان إلى العزف على نفس الوتر وترديد اسطوانته المشروخة من خلال القول إنه "في إطار روح الواجب الوطني يندرج التزام وتعهد السيد الفريق نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي بضمان سلامة وأمن مواطنينا خلال مسيراتهم السلمية، ومرافقة الهبة الشعبية في مسار البناء الديمقراطي، إلى جانب توفير الضمانات الكافية للهيئات القضائية لأداء مهامها بكل حرية دون قيود ولا ضغوطات، خاصة في مجال مكافحة الفساد ونهب المال العام". وهذه مجرد مغالطات يرمي من خلالها مدبجو البيان إيجاد مخرج لقايد صالح من التصريحات التي تورط فيها والتي تكشف بما لا يدع مجالا للشك بأنه هو الآمر والناهي في البلاد، وأن كل الأجهزة والمؤسسات تتحرك بأوامره، وكل رسائله وخطاباته تؤكد ذلك بما فيها خطاب يوم الثلاثاء المنصرم بالبليدة، حيث عاد للحديث عن نظرية المؤامرة ومعزوفة "الجيش والشعب خاوة خاوة"، محذرا ومهددا الأعداء الوهميين والحراك الشعبي والمواطنين الذين يقفون ضد الحكومة الحالية ورئيس البلاد المؤقت وكل خطط قايد صالح الرامية إلى تطبيق الفصل 102 من الدستور بحذافيره رغم الرفض الشعبي لذلك، ومطالبة الشعب الجزائري بتطبيق الفصلين 7 و8 الذي ينص على سيادة الشعب الذي يعتبر مصدر كل السلطات.. وزارة الدفاع الوطني، وفي تهديد آخر مكشوف كما دأب على ذلك قايد صالح، أعلنت شجبها بقوة لما أسمته ب" المغالطات الإعلامية"، وقالت إنها "تحتفظ بحق اللجوء إلى الطرق القانونية لوضع حد لمثل هذه الحملات التضليلية والتحريضية للرأي العام"، وهذي أول مرّة يتحدث عنها قايد صالح ب" الطرق القانونية" التي كان لا يلتفت إلى خرقه لها في السابق سواء من خلال خطاباته أو من خلال أوامره وقراراته.. إن مشكل الجزائر اليوم يكمن في قايد صالح، رئيس البلاد الفعلي، ومؤسسة الجيش التي يجب ان تنسحب من الشأن السياسي وتلتزم بالمهام الموكولة لها دستوريا وعدم التطاول على صلاحيات السلطات الأخرى، والسماح للشعب باختيار ممثليه الذين سيسهرون على المرحلة الانتقالية للمرور إلى جزائر حرة ديمقراطية بنظام مدني يختاره الشعب الذي يعتبر سيد نفسه ومصدرا للسلطات، أما محاولات قايد صالح وزمرته فإنها ترمي إلى استمرار النظام البائد بطرق ملتوية كما كانت مؤسسة الجيش تفعل منذ الاستقلال من خلال تعيين الرؤساء والتحكم في المؤسسات..