منذ انطلاق حراك 22 فبراير، لم تلجأ قوات الشرطة إلى استخدام “العنف” ضد المتظاهرين، إلا تجاه بعض الأشخاص الذين يرغبون في الوصول إلى قصر المرادية. على العكس من ذلك إتسمت كل المظاهرات بسلمية كبيرة، فماذا تغير يوم الثلاثاء 9 أبريل، وهو التاريخ الذي تولى فيه عبد القادر بن صالح رئاسة الدولة خارج الإرادة الشعبية؟ تفاجأ الجزائريون وهم يُشاهدون مقاطع فيديو وصور لقوات الشرطة وهي تُصوب خراطيم المياه نحو الطلبة الذين خرجوا إلى شوارع العاصمة في مسيرة الثلاثاء، التي إتسمت بسلمية عالية وتنظيم محكم، مع الالتزام برفع مطالب سياسية خالصة، في مقدمتها رفض تولي عبد القادر بن صالح رئاسة الدولة، والباءات الثلاث الآخرين (الطيب بلعيز، نور الدين بدوي ومعاذ بوشارب). بن صالح رئيس مسيرة الطلبة كانت عادية جدًا، ولم تقترب قوات الشرطة لصدهم. كل شيء تغيير في حدود الساعة الحادية عشر من صبيحة يوم الثلاثاء 9 أبريل، أي مباشرة عقب انتهاء اجتماع البرلمان الذي جرت أطواره في قصر الأمم، بنادي الصنوبر البحري(غرب العاصمة)، نُصب بموجبه عبد القادر بن صالح رئيساً للدولة لمدة تسعين يوماً. في تلك الأثناء، بدأ أفراد الشرطة في منع المتظاهرين من التقدم، مع أن الحشد كان سلمياً إلى حد بعيد، وبدا وكأنهم تلقوا تعليمات من مسؤوليهم، حيث جرى في بداية الأمر إستخدام الغاز المسيل للدموع، قبل أن يتطور الوضع إلى استعمال خراطيم المياه. بالرغم من ذلك إلتزم الطلبة بسلميتهم وتجنبوا الإحتكاك مع قوات مكافحة الشغب الذين رفض كثير منهم التعرض للطلبة، حتى أن أحد أفراد قوات مكافحة الشغب(حفظ النظام العام) إنسحب من الصف، وقال بالحرف الواحد”لا أستطيع أن أصد الطلبة”. تعليمة المنع.. ما حقيقتها؟ قبل مسيرة الطلبة المصادفة ليوم 9 أفريل، تداولت عدة مواقع إلكترونية، وصفحات على الفايسبوك، معلومات تُفيد بمنع حكومة نور الدين بدوي ( المرفوضة شعبيًا) لكل المسيرات المنظمة على مدار الأسبوع والاكتفاء فقط بمسيرات الجمعة. واقعة الثلاثاء، قد تؤكد بطريقة غير مباشرة صدقية التعليمة، وتعطي الإنطباع أن السلطة الحاكمة، غيرت من طريقة تعاملها مع المحتجين، بعدما ضمنت تمرير المادة 102 من الدستور التي سمحت عبد القادر بن صالح صاحب ال 77 عامًا وأحد المقربين من بوتفليقة ومحيطه، بالجلوس على كرسي المرادية لمدة 3 أشهر. ترقب لموقف الجيش في خضم الأحداث التي وقعت، تَرقب الجزائريون خطابًا جديدًا لقائد أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، المتواجد في زيارة ميدانية إلى الناحية العسكرية الثانية بوهران، بعدما عبرت أصوات عدة في الحراك الشبابي عن رفض “تعيين” بن صالح رئيساً موقتاً. غير أن قايد صالح، إكتفى بالتأكيد على أن “الجيش سيبذل قصارى جهده لضمان السلام للشعب الجزائري” في أول تعليق لقائد الجيش بعد تعيين بن صالح، الذي إستلم بشكل مؤقت رئاسة الدولة حتى انتخاب رئيس جديد. وتعهد الفريق صالح، عقب متابعته تمريناً بالذخيرة الحية عنوانه “حسم 2019 ” بأن المؤسسة العسكرية ”ستواصل ترقية القوات المسلحة، بما ينسجم مع حق الشعب الجزائري في الاطمئنان على حاضر البلاد، ومستقبلها“. وفي غياب رسائل واضحة عن الحراك الشعبي، فُهم خطاب قايد صالح على أنه ”دعم من قيادة أركان الجيش لتولي عبد القادر بن صالح وظيفة الرئيس المؤقت، خصوصًا وأنه أكد في وقت سابق، أن تسوية الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد لن يكون خارج الإطار الدستوري، بمعنى أن اللجوء إلى الحلول السياسية التي يطالب بها الشارع مرفوضة. وقابل الشارع الجزائري موقف قائد أركان الجيش، بكثير من التساؤلات والتحفظ، بعدما تعهد في وقت سابق بضرورة تطبيق نص المادتين 7 و8 من الدستور، التي تعيد السلطة إلى الشعب، هذا وينتظر الجزائريون، تصريحات أكثر وضوحًا من الفريق، حول المستجدات التي تعيشها البلاد لأنها سترسم ملامح المرحلة المقبلة على الأقل. عن موقع "كل شيء عن الجزائر" بتصرف