أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي لحسن الداودي٬ اليوم الإثنين بالرباط٬ أن جودة التعليم تعد إشكالية يصعب تدبيرها وتقتضي استيعاب الواقع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي لكل دولة على حدة. وأوضح الوزير٬ في افتتاح ورشة عمل إقليمية تنظمها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) حول موضوع حوكمة الجامعات وضمان الجودة في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا٬ أن إشكالية الجودة تكتسي طابعا معقدا في المغرب "لأننا نسعى للتحكم في الكم لاستيعاب العدد المتزايد من الطلبة من خلال الرفع من عدد المقاعد والأساتذة ومواجهة الاكتظاظ الذي يعد عائقا حقيقيا أمام تحقيق الجودة".
وبخصوص ملاءمة التكوين مع سوق الشغل٬ أشار الداودي إلى أن ذلك يزداد صعوبة في الدول التي لا تنتج التكنولوجيا٬ لأنها رهينة في ذلك بحاجيات الاستثمارات القادمة إليها٬ في حين أن الدول المنتجة للتكنولوجيا تلائم التكوين بالموازاة مع تطوير التكنولوجيا داخل الجامعة.
من جهة أخرى٬ أشار الوزير إلى أن الدول المتقدمة مدعوة للمساهمة في تكوين الخبرات والكفاءات وتطوير البحث العلمي داخل الدول النامية في إطار مقاربة مربحة للطرفين٬ بدل الاستفادة من هذه الخبرات دون مقابل للدول النامية التي تتحمل تكاليف تكوينها٬ مبرزا الارتفاع المتزايد في عدد الأطباء والباحثين بإفريقيا الذين يتوجهون للغرب سنويا.
وأضاف الداودي أن هذه الإشكالية تقتضي تدبيرا عالميا في إطار شراكات تعقدها الدول المتقدمة على مستوى البلدان النامية لضمان تكوين أسواق صاعدة والزيادة في الطلب٬ معتبرا ورشة العمل الإقليمية هاته فرصة لمناقشة هذه الإشكالية.
من جهته٬ قال المدير المساعد بالإيسيسكو السيد أحمد مختار إن التعليم العالي مطالب بالتكيف مع التغيرات بالنظر لدوره المحوري في تنمية المجتمعات٬ مؤكدا أن هذه الندوة تشكل مناسبة لتقييم حكامة الجامعات الذي طالما كان غائبا داخل البلدان الإسلامية.
وأضاف أن تقييم حكامة الجامعات٬ تحت إشراف البنك الدولي٬ سيساهم في فهم وقياس الاختلالات من أجل وضع خطة للارتقاء بالتعليم العالي٬ مشيرا إلى أن خطة عمل الإيسيسكو برسم السنة القادمة ستركز على موضوع التعليم العالي.
أما مدير المجلس الثقافي البريطاني بالمغرب السيد مارتن روز فأبرز أن التعليم العالي وحكامة الجامعات يدخل ضمن اهتمامات المجلس في المنطقة وعبر العالم٬ مضيفا أن الجامعات مطالبة بالاشتغال بشكل جيد من أجل توفير التقنيات والمهارات التي تضمن فرص العمل.
وأبرز روز أن الجامعات تواجه إشكالية ارتفاع عدد الطلبة أمام تقلص الميزانية٬ مما يستدعي حكامة تستجيب للتحديات ولمعايير الاستقلالية والفعالية والقابلية للتطور.
من جانبه٬ سجل مسؤول قطاع التعليم بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالبنك الدولي السيد مراد الزين أن منظومات التعليم العالي عبر العالم تواجه تحديات تتعلق بالاستجابة لحاجيات سوق العمل وتيسير ولوج الطلاب للجامعات٬ إلى جانب التمويل.
ولمواجهة هذه التحديات٬ دعا السيد زين الى التفكير في تطوير شبكة لدعم التعليم العالي من أجل تحسين الممارسات والاستفادة من التجارب٬ وذلك على ضوء النتائج التي حققتها أداة البنك الدولي المصممة لتقييم أداء المؤسسات.
ويشارك في الورشة٬ المنظمة بتعاون مع البنك الدولي ومركز مرسيليا للاندماج المتوسطي والمجلس الثقافي البريطاني بالرباط على مدى يومين٬ أزيد من 100 من رؤساء الجامعات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وخبراء وباحثون دوليون في مجال أنظمة التعليم العالي وتدبير الجامعات لوضع استراتيجية مشتركة لإصلاح التعليم العالي.
ويستعرض اللقاء نتائج عملية قياس حوكمة الجامعات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا باستخدام بطاقة الفحص التي طورها البنك الدولي وشملت أكثر من 100 جامعة٬ وذلك في أفق إطلاق شبكة من المؤسسات لدعم تحديث أنظمة التعليم العالي بالمنطقة وتبادل المعارف والخبرات.
واتسع نطاق استخدام بطاقة الفحص لحوكمة الجامعات بسرعة منذ انطلاق تجربتها سنة 2010٬ حسب البنك الدولي الذي اعتبر أن هذه الأداة لا تستجيب فقط لحاجة أنظمة التعليم العالي لأساليب تساعدها على تقييم أدائها٬ وإنما أيضا لدعوات إقليمية تطالب بمؤسسات أكثر شفافية وتقدم خدمات أفضل بالموازاة مع التحولات السياسية الراهنة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.