فوض لحسن الداودي، وزير التعليم العالي وتكوين الأطر، أمر التعليم في المغرب إلى الله، وقال إن «البشر لا يحسنون التدبير الفعال»، مرددا أكثر من مرة «اللهم دبر لنا فإنا لا نحسن التدبير». وفهم البعض من كلام الوزير ما يشبه العجز عن حل معضلات التعليم العالي بالمغرب. وأنحى الداودي، الذي كان يتحدث في ندوة دولية نظمتها الإيسيسكو (المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة) والبنك الدولي حول التعليم العالي بالرباط، (أنحى) باللائمة على الدول الكبرى في عجز تعليم الدول المتخلفة والفقيرة في اللحاق بالركب العالمي، مشيرا إلى أن «18 في المائة من خريجي الجامعات والمعاهد العليا يتم أخذهم من بلدانهم الأصلية بمغريات الأجور المرتفعة، دون النظر إلى أن تكوينهم جد مكلف بالنسبة للبلدان الفقيرة»، مردفا أن «أعداد مهولة من الأطباء والباحثين الأفارقة يتم تكوينهم بأموال الفقراء دافعي الضرائب وبعد ذلك تأتي الدول الكبرى لأخذهم إلى مختبراتها الكبرى بدون أن تصرف عليهم درهما واحدا». ودعا وزير التعليم العالي الدول المجتمعة في الندوة وكل الدول الكبرى إلى ضرورة وضع اليد في يد الدول الفقيرة حتى تحصل هناك نوع من الشراكة لا تهضم حقوق هذه الدول، «لأن لاعب كرة القدم عندما ينتقل من ناد إلى آخر يُشترى بالملايين، لكن الباحثين لا يلزمهم غير أخذ جوازات السفر والبحث عن مكان مغر بالنسبة إليهم، في تجاهل كلي لانعكاس ذلك على الاقتصاد الوطني». وطالب الوزير الدول الكبرى بالاستثمار في التعليم في البلدان النامية والفقيرة وبناء المختبرات «إذا أردنا أن تكون هناك أسواق منافسة»، مؤكدا على أن «التعاون والشراكة هي الكفيلة بتعويض البلدان الفقيرة النزيف المستمر لطاقاتها». إلى ذلك، تحدث الداودي عن إشكالية التعليم في المغرب، خاصة صعوبة ملاءمة التعليم مع سوق الشغل، واصفا هذا الشعار ب»الفضاض وغير الدقيق، لأن الملاءمة جد صعبة بالنسبة لبلد يعتمد على الاستثمارات ولا ينتج التكنولوجيا مثلا»، متسائلا :»هل يعني ملاءمة التعليم مع سوق الشغل مثلا تقليص شعب الفلسفة وغيرها من الشعب الأدبية والتوجه نحو العلوم؟»، منبها إلى أن المغرب قد يبذر الكثير من الأموال، بدون أن يكون لشعار الملاءمة أية نتائج ملموسة، مشيرا إلى أن «هذه الإشكاليات كبيرة جدا، وتستدعي ثقافة تدبير عالمي، لأن الدولة كبيرة بالنسبة للمشاكل الصغرى، لكنها صغيرة بالنسبة للمشاكل الكبرى، موجها خطابه للحاضرين قائلا : «البحث العلمي إشكالية كبرى، ولا بد من التعاون والتشارك لنفكر جميعا في الجودة التي نريدها». جدير بالذكر، أن الندوة الدولية التي نظمتها الإيسيسكو بشراكة مع البنك الدولي ومكتب المجلس الثقافي البريطاني بالمغرب، عرفت حضور 100 من رؤساء الجامعات من مختلف دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لوضع استراتيجية مشتركة تهدف إلى إصلاح التعليم العالي ووضع بطاقة معيارية لقياس جودة الجامعات في المنطقة العربية.