تحول بقدرة قادر قابض رسوم السوق البلدي بزواغة العليا إلى رجل أعمال بامتياز بعدما كان في الأمس القريب يتوسل عملا أو وظيفة بسلم “1′′، قبل أن تمطر عليه سماء السوق ذهبا، ويصبح مقاولا ومنعشا عقاريا وصاحب أملاك وسيارة فاخرة من النوع « 4×4 » ، من خلال إجبار أصحاب السلع تسديد رسوم ” غير قانونية” تتراوح بين 20 و 55 درهم دون تمكينهم من وصل الأداء، وسط سخط الساكنة التي استنكرت بشدة صمت السلطات المحلية حيال ما يجري. الحركة الدؤوبة تحيط بالسويقة، سيارات متراصة ودراجات، وحركة سير صعبة، فوضاوية في بعض الأحيان، تبرهن على الإقبال المكثف على المكان، تتراكم السلع وتتعايش البضائع بشكل غريب وسط هذه الفوضى الظاهرة. في قلب سوق زواغة، تظن أنك أخطأت العنوان وحللت بمكان غير المكان الذي تبحث عنه، دكاكين ضيقة ومتراكمة ازدحام وأوحال أمام فضاء بيع السمك، ومياه متسخة تجري بين الممرات، ومرافق صحية تحولت في ظلام دامس إلى محلات تجارية، بحيث جولة واحدة بهذا السوق، الذي يعج بالحركة وضجيج الباعة، كافية ربما لان تعطيك انطباعا عن غياب تدبير المجال الحضري وعنوانا على فوضى عارمة في أجواء طالما أثارت استنكار المواطنين أمام الملأ وأفرزت مجموعة من ردود الفعل والاستنتاجات على مستوى الرأي العام المحلي أمام مجموعة من الاختلالات ومظاهر الفساد. مساحات وفضاءات تنشر عليها سلع من كل الأشكال والألوان، من المواد الغذائية إلى الأجهزة مستعملة والملابس الجديدة والبالية، ومواد أخرى لا يعرفها إلا من هم في حاجة إليها داخل سوق يحلو للبعض أن يسميه «الجوطية» أو «السويقة» بالرغم من أنه مكان أصلا أقيم لتأهيل وتنظيم الحركة التجارية بالمنطقة،غير إرادة البعض جعلته قبلة لكل من تستهويهم تجارة «الخوردة» من داخل الحي وخارجه، لما تذر هذه التجارة من أموال على أصحابها، والتي فتحت شهية صاحبنا ودفعته إلى إغراق المكان بهذا النوع مقابل المزيد من استخلاص الرسوم لفائدة حسابه. وتزايدت أطماع القابض ومن معه مما جعله يفسح المجال أمام توسع «السويقة» واكتساحها لمختلف جنبات الشوارع والأرصفة المحيطة، وبطبيعة الحال، تختلط عربات الباعة المحملة بالسلع من كل حدب وصوب، مشهد متكرر كل يوم، صور تشتبك فيها الحركات بالألوان وتختلط فيها الأوضاع المقززة بالآمال الكبيرة، لتخفي وراءها حقائق مرة. إن أكثر شيء يثير الاستغراب في سوق زواغة، حيث أصبح سوقا لسلع لا تصلح للاستهلاك، تباع بدون حسيب ولا رقيب، يختلط الجديد بالقديم، والصالح بالطالح في المبيعات، لكن العنوان واحد، الفوضى.. الفوضى، حسب تعبير «بوشتى. ع»، «هاد السوق فيه الفوضى.. كلشي تيدير غير لي كالو راسو، مكاين نظام، التجار ما معروفين، هادشي غادي كيكثر». نعم، إنها الفوضى «الخلاقة» استمرت منذ فترة، وأدت إلى اغتناء البعض، واستغلالهم لمواقف السيارات والدراجات بمختلف أصنافها بطريقة غير قانونية، بل ووصولهم مراكز القرار بالمدينة، حسب تصريح أحد التجار بالسوق. هكذا، يتضح أن سوق زواغة، الذي يعد مجرد نموذج من العشرات الأسواق بفاس، التي تعيش على نفس الإيقاع والتي لا تعرف فوضى فحسب، بل تعرف تنظيما للفوضى، تستغل للاغتناء، كما تستغل في الحملات الانتخابية وقلب موازينها، على حد تعبير «العربي». وقد تركنا «السويقة» في فوضاها المنظمة، وقد تولدت لدينا أسئلة أخرى جراء تصريحات بعض الباعة التي اختصرت العبارة واكتفت بالإشارة. فمن هو المخرج الحقيقي للفيلم المطول « الفوضى والثراء دون سند» والذي يئسه الجميع ؟ ماهي حجم المبالغ المحصل عليها من السوق بهذه الطرق الملتوية والتي كانت من المفروض أن تستخلص لفائدة صندوق مجلس الجماعي لفاس، كما تنص عليه القوانين؟ وهل بسياسة الفوضى والسيبة يمكن النهوض بمسلسل الإصلاح والتنمية؟ أسئلة كبرى، على المسؤولين الإجابة عنها لوضع حد لهذا التسيب الذي ينعش الفساد ويزيد من توثر الشارع.