ظواهر متفاحشة للإعتداء على المواطنين من طرف محترفي الإجرام بكل أحياء ومراكز مدينة فاس أي دور للمواطن في دعم عمل رجال الأمن؟
تفاحشت بشكل كبير مظاهر التعدي على المواطنين بمختلف أعمارهم، في أجسادهم وممتلكاتهم بكل إحياء ومراكز المدينة، فلا تمر ساعة إلا ونسمع الضحايا يحكون عن ما وقع لهم بشكل هيتشكوكي بحيث لا يسلمون بأجسادهم إلا بتخليهم عن كل ما يملكونه من نقود أو هواتف وغيرها... هذا الإنفلات الكبير الذي تعيشه المدينة بالرغم من تثبيت الكاميرات التي حملت مجلس المدينة ميزانية ضخمة يبدو أنها لا تزال لم تشغل بعد، والتي أثارت جدالا بيزنطيا كبيرا وأسماها البعض بآلات للتجسس على المواطنين في الوقت التي هي وضعت لحمياتهم في مثل هذه الحوادث الخطيرة التي تفض مضجعهم صباح مساء، وعلى مدار الأسبوع... وإذا كان تاريخ تشغيل هذه الكاميرات دخل حيز التنفيذ، فما هي النتائج المتوصل إليها في ضبط المجرمين، والمنحرفين الذين يعتدون على المواطنين ويهددون سلامتهم وأمنهم...؟ وإذا كان أغلب الملاحظين يعزون هذه الظاهرة إلى البطالة والوضعية الاجتماعية لمن يمارسونها، فإن الحقيقة المرة التي يغض عليها الطرف، هي أن من يعتدي على حرية الاخرين في منظومة اجتماعية يحميها القانون، يعتبرون مجرمين محترفين، ذلك أن حمل السلاح الأبيض في حد ذاته خروجا عن القانون الذي يعاقب على ذلك، فما بالك بإلحاق الضرر بالمعتدى عليهم من المواطنين الغلابي صغارا وكبار ذكورا وإناثا، فلم يكن الفقر والخصاص قط عاملا لحمل السيوف وغيرها من الأدوات لقطع الطريق والتعدي على الأفراد وتهديد سلامتهم وسلب كل ما يملكون أمام مرآى ومسمع من المواطنين الذين يأبون التدخل متذرعين بعدة ذرائع منها المساءلة والإشهاد وغيرها، وربما الخوف من المجرمين المعتدين... !! وإذا كانت العديد من الأحياء نظمت نفسها بتأسيس وداديات وجمعيات وتعاونيات للحفاظ على أمن ونظافة وهدوء تلك الإحياء، وحققت وتحقق نتائج هامة على هذه المستويات، بحيث انعدام السرقات والإعتداء على المواطنين، وتحقيق الحد الأدنى من النظافة طبعا بتنسيق مع السلطات المحلية والمنتخبة، هذه التنظيمات أثبتت نحاعتها حيث يحس القاطن بالطمأنينة والأمان... وهذا جانب هام من مساهمة المواطن في الحد من عدة ظواهر اجتماعية سلبية، وهو الدور الذي يجب أن يعمم في كل الأحياء لضبط كل الاختلالات فيها، وهذه التنظيمات تسهل بشكل كبير الاتصال بالجهات المسؤولة أمنية أو سلطات محلية أو منتخبة. ظاهرة أخرى تساهم في تنامي ظاهرة الإعتداءات على المواطنين، والمتمثلة في عدم التبليغ من طرف عدد كبير من المواطنين بما وقع لهم، وما تعرضوا له من اعتداءات، وهو ما يمكن السلطات الأمنية أيضا من رصد وتتبع المجرمين حسب الزمان والمكان، ووضع كمائن لإلقاء القبض عليهم في وقت وجيز، علما بأن المصالح الأمنية تتبع وترصد النقاط السوداء في مختلف الأحياء، ولاشك أن الكاميرات المثبتة من طرف المسؤولين تأخذ بهذا المعطى لمحاربة المجرمين المتربصين بالمواطنين. والإعتداء لا يقتصر على شريحة واحدة من المواطنين، بل تشمل الجميع، إلا من أنجاه الله من هؤلاء المنحرفين، وقد التقيت صدفة برئيس مجلس عمالة فاس الذي حكى لي بأن زوجته تعرضت لاعتداء غاشم من طرف مجرمين سلباها تحت تهديد السلاح الأبيض كل ما تملك من هاتف ونقود وكادا أن يلحقا بها أضرارا على مستوى أصابعها سلبها خاتم زواجها وسلسلة في عنقها على مرأى ومسمع، وهي متوجهة إلى مقر عملها.. وحكاية أخرى من زميل صحفي من مكناس قال لي عبر الهاتف بأن ابنة أخته وهي تدرس بكلية الطب بفاس تعرضت لسلب هاتفها وما تملكه مرتين، وللتذكير فإن كلية الطب توجد في منطقة طريق صفرو وتعج بالطالبات والطلاب !!!
وخلال الجمع العام لغرفة الصناعة التقليدية دورة فبراير المنعقد يوم الأربعاء 29 فبراير 2012، تعرض ابن أحد الأعضاء لاعتداء غاشم من طرف المجرمين بالمدينة القديمة، حيث تعرض لهجوم بالسلاح الأبيض أسفر عن جرح غائر في وجهه، وهو اعتداء شنيع على شاب في مقتبل العمر أفسد وجهه، وتطلب مصاريف مادية لأسرته التي هي بحاجة إلى تلك الأموال المهدورة نتيجة هذا الاعتداء من أجل السرقة وسلب ما لديه !! وهناك حكايات أخرى لا مجال لسردها في هذه الورقة التي لا نريد منها سوى إيجاد الحلول الملائمة لهذه الظاهرة الخطيرة، فلا يمكن للأمن أن يصاحب المواطن كل مواطن لعمله أو دراسته أو تجارته، فرجال الأمن يقومون بدورهم في هذا الباب، ونظرة خاطفة على مختلف المناطق والمراكز الأمنية تكفينا عن طرح التساؤلات، يبقى الأهم من هذا هو الضرب على يد هؤلاء المجرمين الذين يعيثون الفساد ويبثون الفوضى واللاأمان داخل المدينة، لأن من يقومون بذلك هم مجرمون محترفون ليس الهدف لديهم من السرقة الأكل والشرب، بل إلحاق الضرر بالفرد والمجتمع وزعزعة أمنه واستقراره... كما أن المواطن يجب عليه أن يقوم بدوره في هذا الباب حسب ما سلف ذكره، حيث نكون جميعا معنيين بهذه الظاهرة، لأننا نعيش جميعا في هذا التجمع الذي هو المدينة بكل متناقضاتها، فهناك الغني وهناك الفقير، ولا أظن بأن الفقر هو الذي يدفع إلى حمل الآلات الحادة والأسلحة البيضاء وإلحاق الضرر بالمواطنين سوى لأنهم يملكون أشياء زائدة عن المعتدين؟! وإذا كان مدير الأمن الوطني قد عقد مؤخرا اجتماعات مركزية وجهوية حول هذه الظاهرة التي استفحلت كباقي الظواهر التي تفشت بشكل غير مسبوق ومنها احتلال الملك العمومي والبناء العشوائي وغيرها... فلاشك بأن هناك خطة أمنية لمواجهة هذه الظاهرة وغيرها لإرجاع الأمن والأمان والطمأنينة للمواطنين؛ إلا أن طابع الاستعجال هو الذي يجب أن يطبع هذه الخطة، وأن يحس المواطنون بأن الأمور ستتغير مع تنامي وعي المواطن الذي يجب أن يساهم بشكل كبير في هذه الظواهر التي طفت على السطح لأسباب يعرفها الجميع !!