أثارت قضية إقدام حوالي 12 نائبا من البرلمانيين الحاليين على تقديم استقالاتهم إلى رئيس مجلس النواب ومن أحزابهم التي ينتمون إليها، بهدف الترشح بلون سياسي آخر ضمن انتخابات السابع من أكتوبر المقبل، جدلا قانونيا وسياسيا كبيرا، حول أحقية هؤلاء من الناحية القانونية والأخلاقية للقيام بهذا السلوك قبيل الانتخابات البرلمانية الجديدة، وخاصة الذين ترفض أحزابهم منحهم التزكية، أو الذين تقترح عليهم أحزابهم الترشح في دوائر تكون حظوظهم فيها ضعيفة للظفر بمقعد برلماني، مما يدفعهم إلى البحث عن "أدوات أخرى"، لعلها تسعفهم في نيل المقعد المرغوب. وفي هذا الصدد، اعتبر أستاذ العلوم الإدارية والمنازعات العمومية، حفيظ إدمينو، أن ظاهرة "الترحال" من هذا النوع "عادية"، وسبق أن شهدنا أطوارها في 2011 عندما أقدم عدد من المستشارين البرلمانيين آنذاك على تقديم استقالاتهم من المجلس من أجل الترشح بمجلس النواب قبل أن يرفضها المجلس الدستوري. وشدد إدمينو، على أنه لا توجد موانع قانونية تمنع البرلمانيين من الاستقالة من مجلس النواب ومن أحزابهم ثم الترشح باسم حزب سياسي آخر، لكنه استدرك بالقول، إن الموانع الموجودة هي موانع وقيود ذات طبيعة أخلاقية. وتساءل المتحدث "كيف لبرلماني قضى ولاية برلمانية كاملة تحت ولاية حزب سياسي معين وبعد انصرام المدة يغير لونه السياسي"، مشددا على أن هذا السلوك يضرب في العمق أخلاقيات العمل السياسي والحزبي في المغرب. ويرى أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن المجلس الدستوري الذي سينظر في هذه الاستقالات بعدما يحيلها عليه مكتب مجلس النواب، ليس دوره القبول أو رفض هذه الاستقالات، بل دوره يتمثل في السهر على تطبيق أحكام الدستور، سواء تلك الواردة في النص صراحة أو روح الدستور. لكن في المقابل يؤكد الأستاذ إدمينو، أنه في مثل هذه الحالات مطلوب أيضا بشكل أساسي احترام القوانين والأنظمة الأساسية للأحزاب السياسية التي يستقيل منها هؤلاء البرلمانيون أو السياسيون، وكذلك يجب أن تحترم الأنظمة الأساسية للأحزاب التي سيلتحق بها هؤلاء. وقال المتحدث، إن واقع الحال يؤكد أن الأنظمة الأساسية للأحزاب في معظمها لا تضع قيودا وشروطا في مثل هذه الحالات. ودعا إلى ضرورة العمل على إعادة النظر في القوانين الأساسية للأحزاب السياسية، بحيث تصبح الاستقالات من أحزاب والالتحاق بأخرى محاطة بعدد من الضمانات، رغم أن حرية الانتماء مضمونة، يضيف إدمينو. وأضاف أن حرية الانتماء والاستقالة أيضا يجب أن تخضع لقواعد مؤسساتية، بحيث تصبح هناك مؤسسات مختصة تقبل أو ترفض الاستقالات، وتبت في التزامات المنتسبين لهذه الأحزاب، للتحقق من مدى أدائهم لانخراطاتهم والتزاماتهم لكي لا يصبح الذهاب والإياب من وإلى الأحزاب بهذه العشوائية التي تؤثر سلبا وتضرب الحياة السياسية في العمق.