قام الظل يوما بثورة .في حق أكبر و أعظم شجرة .اتهمها بالقهر واستغلال النفوذ . ركب موقفه للتمرد .إليها قرر أبدا لن يتودد أو يعود. قالت : لا تفعل فأنت الأجود . خذ ما شئت وافعل ما تريد .عن أماكنك أبدا لا تحيد . أجابها بلهجة المُجِدّ :ماذا أستفيد ؟ تستغلينني دون مقابل .في دائرتك دوما أنا مكبل . يستريح في كنفي كل عابر سبيل .يرتمي في أحضاني الشارد والنبيل .يحتمي بي الراعي والغنم .يدعون لك وحدك.بطول المقام ...يجهلون انني صاحب النعم .أداس عمدا بمئات النعال والأحذية .أنت في الواجهة فوق الهضبة ، مكرمة معززة .وأنا من الغسق حتى الغروب .منبطح لا سبيل لي للهروب . بعد الغدو أو الرواح .تنعمين بالنسيم والرياح .تغتسلين بندى الصباح .لا أثر لي... أُنتسب ليلا الى الأشباح . متى سألتِ عن أحوالي أو ضمدت الجراح ؟خيم السكون لحظة فانفجر الصياح... نهضت ظلال كل الأشجار...انسحبت بهدوء من الثرى...نفضت خيالها من الغبار. اتجهت نحو الوادي .بعضها إلى الشاطئ .أغرقت نفسها كي لا يبقى لها أثر .تاركة أماكنها فارغة ... ثُقوبٌ ظهرت تحث الأشجار.تكاد تديب ِزئْبَق المِحْرار.أرغمت كل الحيوانات على الفرار . رفرفت الطيور اتجاه المجهول...فعمت الفوضى جنبات أكبر غابة .استأجرت الشجرة الكبيرة أنذل وأسفه وأحقر نجار.أمرته بإنزال أشد العقاب وأعظم انتقام .مستعملا كل أنواع المنشار. يقطع البراعم والفروع والأغصان . يغتال كل ما تبقى من ضعاف الظلال، يدوسها دون رحمة بالجرار.المستعصية يواجهها بإشعال النيران.واهما إياها أنه يسعى إلى فرض الاستقرار.... بعد طول الانتظار وفوات الأوان.وجدت الشجرة العظيمة نفسها تحث الذل والهوان.في مواجهة لوحدها سوء الأقدار. فقدت قيمة عظمة الشجرة .حين أحست بغلطتها المنكرة.إذ تَحَايل المُستأجَر على الجذور فباعوا أماكنهم... ورحلوا عن المكان . حاورت نفسها :هذا جزاء من يحدو الانتقام. ولا يحترم كل مقام . أهاذي أنا الشجرة العظيمة المعمرة ؟ ويحي، مكاني غدا يصبح مُستعمَرة .فاغتيلت بعد أيام من المجزرة.و أداعوا نعيها بسكتة قلبية...ساقها النجار إلى المشرحة. دُفِنت في الدواليب بلا صلاة ولا مقبرة ...فأمست أقصوصة ،قبل النوم ، للأطفال والصبية...