الحرق فيه أوفيه !!! هناك حرق الدهون وهناك حرق الأعصاب، وهناك حرقة الحكرة والقهر وهي أصعب حالة نفسية يمكن أن يصل إليها الإنسان التي تؤدي به إلى التزود بالوقود وإضرام النار في النفس عندما تفيض الكأس ويعم اليأس والإحباط نتيجة إختيارات غير صائبة في ميادين عدة فتصاب بالعطل والأعطاب في سيرورة مجتمعية لم يعد فيها مكان لفسحة الأمل، بل انسداد الأفق وانتظارات لم تتحقق ، وأول الغيث، قطرة مطر:ولكن بنفحة البنزين، الذي رغم غلائه في الأسواق العالمية أصبحت له قيمة وسط العاطلين وتكفي قنينة واحدة لإسقاط رئيس وحكومة وبرلمان وو.. لكن كل هذا أتى من فراغ تشريعي في التشغيل وفي امتصاص عدد جيوش العاطلين الذي يتزايد سنة بعد أخرى ! فمنذ البوعزيزي أصبح إضرام النار في النفس صناعة عربية مئة في المئة ! فمن تونس والجزائر و مصر مرورا باليمن ونواكشوط والسعودية نجد أن أسبابها كان بالإمكان تجاوزها ولو ضربوا لها ألف حساب لفتحوا لها حسابات وميزانيات عاجلة وتكشف حالات الأجساد المحترقة مدى الضغط الذي تعاني منه فئة كبيرة من المجتمع لم تجد امامها الا احراق النفس لتسمع صوتها للمسؤولين، كما يؤكد خبراء، فان "النار أصبحت رمزا فعالا لإثارة الانتباه" لان الانتحار "ليس ظاهرة جديدة وهي منتشرة بكثرة" لكن الاسلوب الجديد باضرام النار في الجسد "هو الذي جعل وسائل الاعلام توليها كل هذا الاهتمام". فالظاهرة تسببت فعلا في حرج للدول على جميع المستويات وكشفت ظاهرة اضرام النار في النفس أن المسؤولين لا يتعاملون مع شكاوى المواطنين بالفعالية اللازمة فالبطالة والقهر والحكرة بلغ بالشباب الى حد فقدان القيم الاجتماعية وحتى الدينية" فلم تعد تنفع فتاوى تحريم الانتحار بالنار او بغيرها لمنع كل من يتعرض للظلم من صب البنزين على جسده واضرام النار امام الملأ. لذلك وجب الإنتباه فرياح البوعزيزية قادرة على قلب الموازين بهبوبها وتظل النوايا الحسنة والحرب الإستباقية لتجفيف منابع البطالة والهشاشة الإجتماعية والتشغيل وفض نزاعات الشغل وفق تصورات دقيقة أهم بنود سلم إجتماعي بإمكانه أن يقي البلاد والعباد من الويلات. الإحتجاج والإحتكاك فالإحتراق... ----------------