رئيس كولومبيا يتخبط أمام ترامب    حريق جزئي في بناية 'دار النيابة' التاريخية بطنجة بسبب تماس كهربائي    انفجار نفق بسد المختار السوسي بضواحي تارودانت.. بعد مرور أكثر من 12 ساعة من الحادث لا زال 5 عمال مفقودين    نشرة إنذارية: هبات رياح محليا قوية من 70 إلى 95 كلم/س بعدد من أقاليم الشمال    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    تأني الفتح يغلب استعجال الرجاء    نادي الشارقة الإماراتي يعلن تعاقده مع اللاعب المغربي عادل تاعرابت    السنغال تبدأ تنفيذ مشروع أنبوب الغاز الرابط بين المغرب ونيجيريا    العيون تُعلن عاصمة للمجتمع المدني المغربي لسنة 2025    الكاف: أكثر من 90 بلدا سيتابعون قرعة كأس أمم إفريقيا بالمغرب    جريمة تهز وزان: مقتل سيدة وإصابة شقيقتها في اعتداء دموي بالسلاح الأبيض    الشرقاوي حبوب: تفكيك خلية إرهابية بمنطقة حد السوالم يندرج في إطار الجهود المبذولة للتصدي للخطر الإرهابي    الدورة 35 لماراطون مراكش الدولي: العداء الكيني ألفونس كيغين كيبووت والإثيوبية تيرفي تسيغاي يفوزان باللقب    المغرب يحقق سابقة تاريخية في كأس إفريقيا.. معسكرات تدريبية فاخرة لكل منتخب مشارك    وزارة التربية الوطنية تكشف خلاصات لقاءات العمل المشترك مع النقابات التعليمية    إحباط تهريب 200 كيلوغرام من الحشيش بميناء سبتة المحتلة    الملك محمد السادس يهنئ الحاكمة العامة لكومنولث أستراليا بمناسبة العيد الوطني لبلادها    تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية ومرفوضة فلسطينيا وعربيا.. ترامب يقترح ترحيل الفلسطينيين من غزة إلى الدول العربية المجاورة    تراجع للدرهم أمام الأورو.. و4% نمو سنوي في الاحتياطيات    هذه خطة المغرب لتعزيز شراكته الاقتصادية مع الصين وتقليص العجز التجاري    المفوضية الأوروبية: الاتفاقيات الجوية بين المغرب والاتحاد الأوروبي لا تشمل الصحراء    تقرير: المغرب يواجه عام 2025 بتطلعات متفائلة مدعومة بالتعاون الاقتصادي مع الخليج وأوروبا    الشرقاوي: تفكيك الخلية الإرهابية بحد السوالم يندرج في إطار التصدي للخطر الإرهابي    غرق بحار ونجاة أربعة آخرين بعد انقلاب قارب صيد بساحل العرائش    وزارة الصحة تعلن عن الإجراءات الصحية الجديدة لأداء مناسك العمرة    15 قتيلا بنيران إسرائيل بجنوب لبنان    "كاف": الركراكي مطالب بالتتويج    ريدوان وحاتم عمور وجيمس طاقم تنشيط حفل قرعة كأس أمم إفريقيا    بعد نجاحه مع نشيد ريال مدريد.. ريدوان يستعد لإطلاق أغنية خاصة ب"أسود الأطلس"    تفكيك "شبكة حريڭ" باستخدام عقود عمل مزورة    كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم: الكشف عن الشعار الرسمي للبطولة    تفشي مرض الحصبة في المغرب.. الوضع يتفاقم والسلطات تتحرك لمواجهة اتساع رقعة انتشاره    وزارة التجهيز والماء تطلق ورشات تشاورية لتثمين الملك العمومي البحري    تدشين وإطلاق عدة مشاريع للتنمية الفلاحية والقروية بإقليم شفشاون    الطماطم المغربية تغزو الأسواق الأوروبية أمام تراجع إسبانيا وهولندا    جمعوية: الكلاب المتخلى عنها الأخطر على المواطنين مقارنة بالضالة    أساتذة "الزنزانة 10" يحتجون بالرباط‬    المغرب حاضر بقوة في المعرض الدولي للسياحة في مدريد    رحلة مؤثر بريطاني شهير اكتشف سحر المغرب وأعلن إسلامه    شبكة صحية تنتقد الفشل في التصدي ل"بوحمرون" وتدعو لإعلان حالة طوارئ صحية    المحكمة الكورية ترفض طلب تمديد اعتقال الرئيس المعزول    الجزائر تتجه نحو "القطيعة" مع الفرنسية.. مشروع قانون لإلغائها من الجريدة الرسمية    الصين: ارتفاع الإيرادات المالية بنسبة 1,3 بالمائة في 2024    أخنوش أصبح يتحرك في المجالات الملكية مستبقا انتخابات 2026.. (صور)    معرض القاهرة الدولي للكتاب .. حضور وازن للشاعر والإعلامي المغربي سعيد كوبريت في أمسية شعرية دولية    لقاء ينبش في ذاكرة ابن الموقت    الولايات المتحدة.. طائرات عسكرية لنقل المهاجرين المرحلين    الخارجية الأمريكية تقرر حظر رفع علم المثليين في السفارات والمباني الحكومية    القنصلية العامة للمملكة بمدريد تحتفل برأس السنة الامازيغية    هوية بصرية جديدة و برنامج ثقافي و فني لشهر فبراير 2025    وزارة الصحة تعلن عن الإجراءات الصحية الجديدة لأداء مناسك العمرة    من العروي إلى مصر :كتاب "العناد" في معرض القاهرة الدولي    فعاليات فنية وثقافية في بني عمارت تحتفل بمناسبة السنة الأمازيغية 2975    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في محكيات "الحراكة"لأحمد الجلالي
نشر في طنجة الأدبية يوم 18 - 01 - 2011


في البداية:
سألت أحدهم ذات مرة:هل ما يقوله المهاجرون عن إسبانيا في وسائل الإعلام من تعذيب وجحيم صحيح،فكان جوابه:"إذا كانوا يرون إسبانيا، جحيما فلماذا لا يبقون في المغرب؟"
يأبى كل قرن إلا أن تكون له ملحمته؛فقديما تحدثوا عن الإلياذة وعن الأديسة..أما ونحن اليوم فإن قرننا هو الآخر قد خلق ملحمته من طموح شباب طلقهم وطنهم وما طلقوه-على حد تعبير د.ع.السلام فزازي-،أعمت عيونهم البطالة،وضاقت عليهم الحياة بما رحبت،فأصبح الإنتحار-لا قدر الله-خيرا من الإنتظار،فلم يجدوا بدا من النفور خفافا وثقالا صوب عالم آخر قيل لهم إنه يتسع للجميع،جاعلين من مضيق جبل طارق براقهم نحو الالدورادو،حتى استحال هذا المضيق مقبرة جماعية،تقول:هل من مزيد..؟إنها حقا "ملحمة العصر"1التي هزت كل ذي قلب وهو يرى بأم عينه أناسا يقبلون على الموت نظير الوصول إلى الجنة الموعودة..بل يدفعون مقابل الموت أيضا،أليس غريبا أن يشتري الإنسان منيته؟
إنها ملحمة تضافرت مؤثرات شتى في نسج خيوطها"ديمغرافية وجغرافية وتاريخية وسياسية..."2 مما يزيد دراستها تعقيدا،وها هنا يستوقفا مصطلح دراسة،حيث ما تزال هذه الملحمة خارج أسوار الدراسة عندنا اللهم إذا استثنينا"مقالات صحافية،ينقصها البعد العلمي؛إذ تقتصر على الوصف فقط...زد على ذلك منابر نشرها التي تفتقد للشعبية،مما يجعلها بعيدة عن متناول القارئ"3ويبقى"الغرب سباقا إلى تحليل هذه الظاهرة تحليلا علميا"4؛حيث إنه"أسس لها مسلك خاصا في السوسيولوجيا"5،وهذه المسألة باتت ضرورة ملحة عندنا-لا اختيارية-فالهجرة السرية أو ملحمة العصر كما وسمناها من ذي قبل لم تعد مقتصرة على أفراد بعينهم،لقد سادت حتى لكأنها ركن سادس من أركان الحياة..التي ليس للمرء إلا أن يحج إليها إن استطاع إلى ذلك سبيلا،ففضلا عن البطاليين فقد لفحت شظاياها"حاملي الشهادات الجامعية ومعاهد التكوين المهني،والمتقاعدين،والعاملين في الشركات،والموظفين بالخدمة العمومية بدورهم"6،إنها محرقة أدرك الشارع المغربي مدى حدتها،والشاهد عندنا المصطلح الذي تواضع عليه المجتمع في وصف هذه الظاهرة؛إنه مصطلح"الحريك[ق]" الذي يحمل في ثناياه دلالة أقوى من مصطلح الهجرة السرية،فالحرق يشي إلى الإتلاف والهلاك،وهذا الأخير هو الجامع بين من يحرق نفسه بالنار وبين من يرمي نفسه في البحر،وهذا "الحريق" إذا ما تتبعناه أكثر فإننا سنصل إلى نتيجة مفادها أن هذا المصطلح ليس من باب المجاز،إنه حقيقة متجلية تجلي الشمس في النهار؛فالمهاجروقبل أن يتركوا الارض التي لم تروي عطشهم المادي..يحرقون كل ما يذكرهم بالإنتماء لهذا الوطن،بل وقد يكون السبب في الرجوع إليه مجددا،إذ يحرقون أوراق تعريفهم وما إليها،ويسلخون جلودهم أي بصماتهم،فكل شيء يهون أمام هذا الإنسان في سبيل الهجرة إلى الضفة الأخرى،ويصعب إقناعه،إنهم"شباب وأطفال ونساء حوامل بدون وثائق هوية وبدون نقود،اشتروا غاليا موتا رخيصا بدون قبرأو كفن أو مراسيم جنازة"7،ونشير ها هنا إلى أن الهجرة السرية كثيرا ما نتحدث عنها انطلاقا من القوارب غافلين عن أولئك الذين يهاجرون في الحاويات والحافلات وكذا أولئك الذين ينطلقون بأوراق شرعية محدودة مدة إقامتها،لكن سرعان ما يتحولون إلى مهاجرينم غير شرعيين"حراكة"بعد انقضلء مدة الإقامة ونموذجا على ذلك رشيد نيني..ولئن فرقت بينهم الوسائل فإن طقوسا وأشياء شتى تجمع بين الصنفين،وعلى رأسها الحلم الوحيد الأوحد،الذي لا شريك له،ألا وهو الوصول إلى جنة النعيم التي يرون فيها الخلاص من واقعهم المشؤوم.
إن الهجرة السرية بلغت اليوم منعطفا خطيرا،والدليل على ذلك أنها في السنوات الأخيرة تأنثت،علاوة على ما يرافق ذالك من هدر للكرامة؛ويكفينا مثالا ممارسة الجنس جماعيا من قبل المافيوزيين على أجساد المهاجرات8،وهذا مظهر من بين المظاهر والإبتزازات البشعة التي يصادفها المهاجرون نظير العبور إلى الضفة الأخرى.
إن العبور إلى الضفة الأخرى يعري عن مجموعة من الحقائق التي لم تكن لتخطر للمهاجر على بال،فليس من رأى كمن سمع،إذ سرعان ما يصطدم المهاجرون بعتبة الواقع القاسي،التي تجعل منهم كائنات غريبة هناك؛فلا حق له..،لا لشيء إلا لأنه في عرف القانون مهاجر غير شرعي،ما يجعله يواجه المجهول مباشرة بعد وصوله إلى اليابسة،إذ إنه لا يستطيع أن "يغامر بالتواجد في الأماكن العمومية،هاربا متوجسا مما قد يأتي،يقطن في المناطق الهامشية؛قرى أو الضيعات الفلاحية "9التي يستغلهم أربابها كأيادي رخيصة10 لا تملك إلا أن تبث حزنها وشكواها إلى الله ،وتاريخيا لم يعرف المهاجرون المغربة الاوائل،"لسبب من الأسباب،أهمها أن أن الأمر يتعلق بأمن الدولة وأسرارها"11،بل إنه كان من غير المسموح لأحد أن يغادر البلاد إلا بإذن السلطان، ومن يجرؤ على خرق القاعدة فسيغدو لا محالة"مدعاة لكيل العديد من التهم:أولها مغادرة التراب الوطني دون علم السلطان،وثانيها الزنى وثالثها العربدة ورابعها الإلحاد وخامسها الجاسوسية لحساب"الكفار""12،وبشكل نسبي نستطيع القول:إن هذه"الظاهرة ظهرت في المغرب حوالي 1900م"13،وجدير بالذكر قبل أن نختم هذه التوطئة أن هذه الظاهرة ليست مغربية محض،وإنما هي ظاهرة كونية سبقتنا إليها مجموعة من الشعوب،ومن بينها جيراننا الإسبان الذين"عرفوها منذ 1891م"14،مثالا لا الحصر.
إن الاوضاع التي عرضنا لها آنفا،وجدت لها صدى في المجال الأدبي،ولاسيما في مجال الإبداع الروائي الذي بدأ يشهد تراكما مهما،مايزال بحاجة لمزيد من المواكبة النقدية،التي لا يمكن لأي إبداع أن يتنفس من دونها،وحتى نرصد بعض صور هذه الملحمة،فإننا توسلنا برواية "الحراكة"والتي جاءت على شكل محكيات نشرت من ذي قبل على أعمدة جريدة الصباح،للمبدع والصحافي أحمد الجلالي؛تحدث فيها إلى أناس عاشوا التجربة السرية بحذافيرها،فصاغ بوحهم في قالب أدبي محض بلغة بسيطة تجعلنا نلامس أثر الواقع في هذه المحكيات،بعيدا عن تخييله،وقد جاءت هذه المحكيات في ستة أقسام على النحو الأتي:
-حافة الجنون:عبد الرحيم المنصوري
-كل العجب:سعيد الشرقاوي
-اللعنة:عبد السلام الحجام
-حظ عاثر:محمد الفرعي
-إصرار:نورالدين خيي
-القهر:نورالدين المعروفي
إنها عناوين مشحونة بالدلالات،لاتنفصل عن مضمون رواياتها،والتي يجمع بينها في الغالب خيط الأمل في الإنعتاق من واقع مترد متأزم يسوده اللاعدل"ترى في الآخر على الضفة الأخرى من الثقافة والجغرافيا بلسم جراح الذات والوطن"15،لكن بعد عيش مغامرة الهجرة وما يحفها من حيص بيص،هناك مهاجرون آثروا عدم خوض التجربة مرة أخرى وإزالة هذا الوهم من أذهانهم،وهناك آخرون أقسموا بأغلظ الأيمان إما الهناك أو الموت،ولذلكم ما يبرره كما سنبرهن على ذلك في ما سيأتي،وعليه حتى نتفق إجرائيا،سنتطرق لبعض التيمات التي شدت انفاسنا إليها والتي من شأنها أن تؤكد أو تفند ما أتينا على ذكره في ما مرمعنا،وتظل العودة إلى الرواية والإحتكاك بها ضرورة لا مناص منها لأن هذه القراءة،ما هي إلا محاولة اختزالية لأفكار كبيرة في هذه المحكيات.
في محكيات الحراكة:
تثير محكيات الحراكة اهتمامنا إلى هجرة المتزوجين،تاركين خلفهم أطفالا زغب الحواصل لا ماء ولا شجر،وإلى نوع آخر من المتاجرين في البشرية وأحلامها،إنهم"الطراقة"والذين يشتغلون في زي حراس موقف السيارات أو الحافلات وما إليها،ويستغلون نوم السائق فيفتحون ابواب الحاويات للحراكة على مصرعيها مقابل ثمن متفق عليه،وتكاد الروايات تتفق على أن رأس السنة الميلادية هو موعد الرحلات الناجحة نظرا لانشغال خفر السواحل بالإحتفالات.
-هكذ تبدأ الفكرة مضغة فعلقة...
إن الهجرة السرية وليدة مجموعة من المهيجات والمؤثرات،التي تلعب على عقل الإنسان بنعومة محكمة الدقة،مستغلة بطالته أو نهمه الطامح إلى أن يضاهي قارون،ما يجعل الهناك هو الخلاص والمخرج من البطالة والقنطرة نحو المجد والأحلام في ظل انسداد الأفق في الهنا"كل من طرقت بابه يجيبني يجب أن تنتظر ريثما...كل الأبواب كانت موصدة في وجهي إلا بابا واحدا بقي مفتوحا:الهجرة!"16،كما أسلفنا قبل قليل فالهجرة تسبقها مجموعة من الإستيهامات وأحلام اليقظة التي تجعل من الآخر المنقذ والمنتشل من الجحيم،وفي هذا الصدد يبوح أحد المهاجرين قائلا"كل صيف كانت تفتنني السيارات التي يأتي بها المغاربة الذين ذهبوا إلى الخارج"17لكن ليس كل المهاجرين،بل على وجه الخصوص "أولئك الذين يحركون ثم يعودون"18ويضيف آخر"أخ لي قضى ثلاث سنوات في هولندا لم يكن يكف عن التحدث بما رأى وعاش هناك"19،ويغدو السخط على بني جلدته أحد المهيجات التي تدفع المهاجر إلى استبدال الوطن والناس بوطن ثان وأناس آخرين،يقول أحدهم"ماشجعني على المغامرة هو يأسي من الناس"20ولربما هو يأس ناتج عن صدامات استحالت عقدة أوخطيئة يجب التخلص منها.
نستطيع أن نستخلص مما مر معنا أننا أمام حجاج النفس وحجاج الآخر،فالمهاجر وفي استيهاماته يحاجج نفسه،وتعتبر هذه الحجاج خطابا ومبررا موجها للآخر(المفترض)كما نلاحظ قوة المعجم ودقته من قبيل:كل الأبواب موصدة/كل صيف تفتنني سيارة/أولئك الذين يحركون ويعودون..إنه معجم قوي يختاره المهاجر في شعوره أو لا شعوره بدقة.
رحلة تبدأ بحرق المهاجر لأي وثيقة من شأنها إثبات هويته حرقا أو رميا في البحر،يقول أحد المهاجرين شاهدا على قولنا هذا"كنت قد أتلفت كل الأوراق عملا بنصيحة قيلت لي قبل مغادرة المغرب"21 والأدهى من هذا تصبح مواجهة البحر وأهواله أهون من البقاء على أديم الهنا"واجهنا بأن البحر هائج وأننا إذا دخلنا إلى عرض الساحل سنندم ونبدأ بالبكاء...قلت له"عهد الله بيننا إن بكيت فلا ترد لي درهما مما أعطيتك!!"ثم أضفت إن مثلا يقول الجيب خاوي والقبر خاوي،ولابد أن يملأ أحدهما"21،إن مرة أخرى إزاء حجاج يبرر به المهاجر موقفه،ويثبت أو بالأحرى يستمد منه المرشح للهجرة قوته،فهو بعبارة أخرى يقول"أكون أو لا أكون"،وبناء عليه نقول إن الهجرة تحقيق للوجود أيضا؛"أنا أحرق،إذا أنا موجود".
في الطريق إلى الهناك:
إنها مرحلة مهمة جدا نظرا لما يعتورها من وقائع وأحداث تستحق التأمل،إذ تنشب هناك صراعات بين المهاجرين،كما قد تتحول هذه الصراعات إلى صداقات كما هو الشأن لهذه اللحظة في رواية أحلام هاربة للروائي عبد السلام فزازي،والذي يثير انتباهنا في روايته في نفس المحطة إلى ظاهرة حرية بالدراسة والمتابعة؛إنها تلك الخربشات التي يتركها المهاجرون في الاكواخ والكهوف والمغارات،والتي يكتبها المهاجر في لحظة حساسة تمتزج فيها شتى الألوان؛توجس/ترقب/ألم/أمل...كما لا تخلو هذه المحطة من تحرشات جنسية ولاسيما بالجنس النسوي،الذي يستحيل في بكثير من الأحيان لقمة سائغة للمفيوزيين نظير العبور إلى الجنة الموعودة،ولا يملكن في غالب الحال إلا الرضوخ لنزواتهم..كما يستأسدون في وجه الحراكة الذين لا يملكون إلا السمع والطاعة وما رأيهم إلا ما يرى المافيوزيون"جاء أخ صاحب القارب وهو يتأبط سكينا طويلة تشبه السيف.توقف وبدأ يلهث مثل كلب مطارد وأخذ يطلق تهديداته:"من لم يتوقف وصعد إلى الباطيرا دون إذني لأقطعن أوصال أمه..."22ثم تنطلق مرحلة تصفية الحسابات من يدفع يصعد ومن لم يدفع المبلغ كاملا يحرم من الإبحار صوب الفردوس المفقود"بدأ يفرزنا كالأغنام إلى أن وصل إلى مجموعة ممن كانوا بيننا فمنعهم من امتطاء القارب.لم يكن أولئك قد دفعوا ثمن الوصول إلى الضفة الأخرى كله"23 لتبدأ رحلة الحراكة صوب المجهول"أما نحن فصعدنا القارب نحو المجهول"24.
في الهناك...
مباشرة بعد الوصول إلى اليابسة تبدأ رحلة جلد الذات من جديد فلا باحة للإستراحة هناك،وإلا فإن العودة إلى الجحيم هي إتاوة استرجاع الأنفاس،يولي المهاجرون وجوههم قبل المجهول؛هاربين من كل مكان تشم فيه رائحة البوليس..يأوون إلى الأرياف وأنى وجدت الأكوخ والكهوف والضيعات الفلاحية،يعيشون في ظروف لاإنسانية"...وفي نهاية كل يوم أعود إلى ذلك البيت المهجور لأنام فيه وأفترش الكارتون المقوى"25ويبحثون كالطير عما يسدون به أرمقتهم ولو في المزابل"فكر سعيد أنه لا بد من المرور قرب المناطق المأهولة بالسكان عله يجد في مزابلها شيئا يأكله"26 وتزداد المعاناة في التنكر للذات وتحميلها ملا تطيق"قاومت الإجهاد إلى أن تمسكت بقوة بصخرة،كانت صخرة غاية في الخشونة ارتطمت بها ركبتي فأدمتها...وكنت كلما تقدمنا في المشي إلا وشعرتبمزيد من الدماء تتدفق من رجلي داخل جواربي،كانت دماء ساخنة تغادر رجلي لتستقر تحت قدمي داخل الحذاء.لم يكن بد من السير رغم كل شيء"27،إننا أمام حرق آخر ما يزكي ماذهبنا إليه آنفا-الحرق ليس مجازا- ونضيف إلى هذه التلوينات لجلد الذات صورة أخرى يستحيل فيها المهاجر السري دراجة..أو بالأحرى عداء ماراطون،لكنه مارطون من نوع آخر؛خط وصوله ضيعة فلاحية أو مقهى ما يقبل تشغيل مهاجرين بلا أوراق إقامة"تحت أمطار غزيرة .لم يكن معنا سوى 300 أو 400 بسيطة كنا نقتات منها.سرنا على الأقدام حوالي 35 كيلومترا"28.
ولا تتوقف ماحمة المهاجر السري عند هذا العذاب،بل تتعداه إلى غربة قاسية؛"غربة اللغة والمكان والسحنة"29،ففي الهناك؛أي إسبانيا يرفضون التحدث إليك بغير لغتهم فلا إنجليزية ولا فرنسية..تجدي نفعا هناك"كل من حاولت التحدث إليه بالفرنسية يعرض عني"30،مما يضطر الطرفين إلى التواصل بلغة الأرقام أو الإشارات"فأخذ قلما وكتب لي في يدي مائتي كلم،كتبها بالأرقام تسهيلا للفهم،كان ذلك أول موقف عاينت فيه كيف يمكن للغة أن تكون حاجزا حقيقيا"31.
وأمام غربة اللسان والسحنة والمكان،يضطر كثير من المهاجرين إلى تبديل ألوان هندامهم،بل والإنصهار داخل بوثقة الثقافة الأخرى،حتى يذرأ النظرات التي تنظر إليه بانتقاص،ويحس أيضا بالوجود،ويوهم نفسه أنه جزء من هذا المجتمع؛إذ يتمرد حتى على عقيدته إذا اقتضى الحال،في بوح صريح يقول أحد هؤلاء المهاجرين"شيء واحد فعلته دون شعور وسرعان ما ندمت على ارتكابه تلك الليلة كان الإسبانيون كلما هموا بشرب شيء أو أكله إلا وأخذوا يقرأون شيئايشبه الأناشيد والتراتيل ثم ما يلبثون أن يضعوا أيديهم على صدورهم ذات اليمين وذات الشمال(التثليث).شعرت بالعزلة فبدأت أصنع مثلهم.يبدو أنني كنت المسلم الوحيد هناك"32ويستطرد نفس المهاجر قائلا"ارتحت لأنطونيو كثيرا وتجرأت أن أتناول معه كأس خمر في يوم رمضاني والعياذ بالله.شيئان جعلاني أقدم على ذلك الفعل المشين،أولا شعوري بالعزلة وسط أناس كلهم يأكلون،ثانيا لم تكن تعطينا المؤسسة الأكل إلا في الأوقات الثلاثة المعروفة وضمن جول زمني مضبوط.لم يكونوا يدخلون في الإعتبارات وجبة السحور إذ لم يكن هناك من يصوم لأنهم نصارى،شعرت أن أنطونيو بدأ يسري في دمائي"33،إنه مشهد من بين مشاهد محتملة،تصور كيف يذوب المهاجر في الذت الأخرى باحثا عن هوية مفتقدة بعدما استحال إنسانا غريبا هناك بفعل اللغة والسحنة وكذا المكان،وزد عليهم القيم والهوية.
ويبقى الهناك هو الأفضل..حتى في حالة الإنكسار:
من الأشياء التي تسترعي الإهتمام في محكيات الحراكة رغم المعاناة والألم،وانكسار أحلام تعبان بن تعبان على عتبة الواقع القاسي-على حد تعبير د.عبد السلام فزازي-في الهناك،تبقى بلاد العم سام الدولة الفاضلة التي يفضل المهاجر أن يحج إليها ويولي وجهه شطرها،حيث في الهناك تتحقق إنسانية الإنسان"يمكن أن أحتمل كل شيء،أن أموت أو أجن فذلك يهون.لكن أن يحدث لي ذلك في إيبانيا وليس في المغرب.لأنني إن حدث لي ذلك في هذه البلاد الأجنبية سأجد حتما من يهتم بي،بينما لا أحد سينتبه إلي في المغرب إن حصل لي مكروه"34 وفي هذه الشهادة نقرأ معجمين مختلفين الإهتمام و الإنتباه،ففي الهناك اهتمام أما في الهنا بمعنى مبطن لا يوجد إلا الإهمال،حتى إن سجن أو كما آثر أن يسمه أحد المهاجرين فندق إسبانيا تغري بالعيش وارتكاب جريمة الحريك مجددا"تبركنا بسجن ملقة،إنه فندق حقيقي وليس سجنا،فيه ملعب الكرة وملعب التنس والأغطية والهاتف،بل إن السجناء هناك من حقهم أن يرفضوا الاكل إن كانوا تناولو مثله في الأسبوع السابق..لدرجة أن الإنسان يفضل السكن فيه على الإقامة في واحد من الأكواخ التي نسكنها في المغرب"35 ،إن الهناك دولة الحريات والعدالة خلافا لما هو الحال عليه عندنا من نفاق وما إليه"عندهم كثير من الإمتيازات المادية من مأكل وملبس وسلطات عندهم تعامل المواطنين بشكل قانوني،ليس هناك ظلم على هذا المستوى،خلافا لما حدث لي عندما وعدني المرشح المحلي بأن يجد لي عملا فور فوزه...أركض من هنا إلى هناك حتى نجح في الإنتخابات...وفي الأخير لم يف بوعده وخان"36،إنها جنة نعيم والضفة جحيم لا يطاق"في إسبانيا رأيت الجنة وعندما كنت أعود إلى المغرب كنت كمن يعود إلى الجحيم،وإن شاء الله سأعود إلى إسبانيا ولو كلفني الأمر حياتي."37 لذلك يظل حلم الهجرة مهما كلف ثمنه سادس أركان الحراك صبو لبلوغه مهما كلفه الأمر"سأبقى أبحث عنه ولو بقي في جسدي عرق واحد ينبضلأنني قمت حتى الآن بأزيد من 25 محاولة اضطررت خلال واحدة منها للسفر داخل ثلاجة"38 وتبقى لوعة الحريك شبيهة بالتدخين"لوعة الحريك مثل التدخين لا تغادر الإنسان "39.
لهذا يرفضون العودة:
تعتور طريق المهاجر أشواك شتى،حتى إن حياته في الهناك تغدو كالمستغيث من الرمضاء من النار لكنه يسمهر ويرفض الهزيمة والعودة إلى الهنا بخفي حنين خوفا من "مدونة الشجب"40 التي تنتظره في مجتمع لا يرحم"رأيت أنني بين خيارات عديدة إما الموت أو الجنون أو الرحيل مجددا إلى أروبا.أحسست أن كل الناس ينظرون إلي كخائن"41،وتمثل العودة إقرارا بالضعف وأفضلية الآخرين،وهذا ما يرفضه المهاجرمما يحفزه على البقاء في الهناك مهما كلفه الثمن حيث"يرى أنه من المستحيل أن يعود إلى الدوار لأن الذين هاجروا ليسوا أحسن منه في شيء"42،ويستمد المهاجر صموده على عتبة الواقع القاسي من وصايا الأهل،وانتظارهم إياه بالعودة سالما غانما،فكيف يرضى بالعودة فارغ اليدين لاسيارة ولا أرو"يا أبي إذا تعبت أو وقع لك مكروه عليك أن تتذكرني،ولكن ما دمت صممت على الحريك فلابد أن تقاوم"43 فالأبنء لا يعرفون أن ما يرونه إبان عودة المهاجرين ما هو إلا قشور،تقول بنت صغيرة لأبيها ما تزال لا تعرف معنى مصطلح الحريك"اذهب يا أبي إلى إسبانيا وعد بسيارة جميلة مثل سيارة فلان ولا تنس أن تأتيني باللعب الجميلة من هناك!"44.
نتيجة:
نستخلص مما عرضنا له أن موضوع الهجرة السرية أرضية خصبة للبحث تتناوشه مجالات شتى،وقد تناولناه من زاويتنا كأدب،وعليه نجمل ما وصلنا إليه انطلاقا من قراءتنا لمحكيات الحراكة في عوارض لا تنفي وجود عوارض أخرى:
-يشغل الحجاج مكانا مهما في أدب الهجرة السرية،حيث إن هذا المرشح يسعى إلى إقناع ذاته،وإقناع شخص آخر مفترض.
-إن العبور إلى الضفة الأخرى لا يمر دون تسديد مجموعة من الضرائب إن صح التعبير،أولها ثمن الهجرة للمافيوزيين ثم الإرهاق الجسدي الذي يصل حد الموت في غالب الحال،بالإضافة إلى ضرائب أخرى تدفع من نسقنا القيمي.
-تكاد جل محكيات الحراكة تتفق أن في الهناك الحياة حلوة مهما شابها الحنظل،وهذا متلخصه العبارة التالية:"هدوك الناس بزاف علينا"45؛أي شتان ما بيننا وبين أولئك الأناس،فهم أفضل منا بكثير.
-إن المهاجر السري مهما باح بما شهده من عز أو ذل هناك،فإنه لا يبوح بكل شيء،يقول أحدهم"أشياء كثيرة حدثت لي لم ولن أبوح بها لأحد"46.
-في الهناك يصبح المهاجر لا مواطنا باستحقاق؛"في الداخل لا يستحق المهاجر أن يكون مواطنا،وفي الخارج يستحق لا مواطنا،مادام محروما من كل هوية،ومادامت السرية هي لعنته الأبدية حين اختار الحرق"47.
-إن الهجرة السرية وليدة جملة من المؤثرات والإستيهامات وأحلام اليقظة.
-إن الهجرة السرية ليست رحلة في سبيل المادة،إنها رحلة لتحقيق الوجود أيضا.
-إن الهجرة السرية ثورة ضد اللامساواة واللاعدل...
-"إن خطاب الهجرة السرية يمشي على ساقين؛ساق تمجيد الآخر وساق التنقيص من الذات"48.
-إن المهاجر السري سرعان مايتحول هناك إلى غنيمة لأرباب الضيعات والمقاهي.
-"إن المهاجرالسري يعاني من غربة اللسان والسحنة والمكان،وغالبا ما يختفي وسط الحضور خوفا من جلد الآخر"49.
وتستمرالأسئلة ويستمرالنزيف ويستمر..وتستمر..
-إذا كانت أروبا أدركت خطورة الظاهرة وفتحت لها مسالك خاصة في جامعاتها،ولا سيما في شعبة علم الإجتماع،فما الذي يجعلها غائبة عن منظومتنا التعليمية كتخصص قائم الذات بات ملحا؟
-"هناك قاصرون مغاربة يلقى القبض عليهم،ويتم إدخالهم إلى مراكز خاصة،لماذا لا يتم إعادة هؤلاء السباب؟ثم ما التربية التي يتلقونها؟ ما موقف الحكومة والوزارة المسؤولة عن شؤون الهجرة؟
-لماذ يعتبر قدومهم إلى الهنا سفر و رحيلنا إلى الهناك هجرة؟
تتناسل الأسئلة وتتكاثر حتى إنه يمكننا القول إن لا ساحل يحدها،وتبقى الأجوبة معلقة ،وتبقى الملحمة تواصل فينا امتدادها إلى أجل غير مسمى.
وإننا لا نأمل أن نكون قد وفقنا-ولو قليلا- في تناول هذا الموضوع،وأن تكون أخطاؤنا حافزا لغيرنا إلى تجاوزها إلى أخطاء أقل وأصغر.

الهوامش
1-عبد النبي ذاكر:أدب الهجرة السرية:تجارب مغربية معاصرة؛المجلة العربية للعلوم الإنسانية،جامعة الكويت،العدد 105،السنة27،شتء 2009.ص14
2-Ayad ablal:L'émigration clandestine;Approche sociologique; Traduction : DRISS EL MOHAMMADI; Edition synergie 2005.p10
3-عياد أبلال:نفس المرجع،ص.11
4- نفس المرجع،ص10
5- نفس المرجع،ص10
6- نفس المرجع،ص11
7-كنزة الغالي:نساؤنا المهاجرات بإسبانيا،تقديم محمد العربي المساري،منشورات الزمن،،الدار كتاب الجيب42،مطبعة النجاح الجديدة،2003،ص43
8-أنظر كنزة الغالي؛مرجع سابق
9- عياد أبلال:نفس المرجع،ص12
10-أنظر:عبد الواحد أكمير؛الهجرة إلى الموت:إسبانيا وأحداث أليخيدو،تقديم محمد العربي المساري،منشورات الزمن،الكتاب:28مطبعة النجاح الجديدة،2001
11-عبد النبي ذاكر:مرجع سابق،ص24
12-عبد النبي ذاكر:نفس المرجع،ص25
13-نقلا عن عياد أبلال:مرجع سابق، ص22
Revue économique et société, p. 37. op. cit
14-عياد أبلال:مرجع سابق،ص23
15-عبد النبي ذاكر:مرجع سابق،ص12
16-أحمد الجلالي:الحراكة:الموت لمواجهة الحياة،محكيات من صميم الواقع،غرب ميديا-القنيطرة،مطبعة وليلي-مراكش،2003،ص57
17- نفس المصدر،ص79
18- نفس المصدر،ص79
19- نفس المصدر،ص34
20- نفس المصدر،ص34
21- نفس المصدر،ص80
22- نفس المصدر،ص81
23- نفس المصدر،ص81
24- نفس المصدر،ص81
25- نفس المصدر،ص14
26- نفس المصدر،ص37
27-نفس المصدر،ص82
28- نفس المصدر،ص15
29-عبد النبي ذاكر:محاضرات طلبة الدراسات العربية،سلك الإجازة،تخصص آداب وفنونه،مادة تحليل الخطاب الأدبي والفني،موسم 2010/2011
30- نفس المصدر،ص16
31- نفس المصدر،ص12
32- نفس المصدر،ص18
33-نفس المصدر،ص18
34- نفس المصدر،ص40
35-نفس المصدر،ص112
36- نفس المصدر،ص34
37- نفس المصدر،ص119
38- نفس المصدر،ص113
39- نفس المصدر،ص135
40-عبد النبي ذاكر:محاضرات طلبة الدراسات العربية،سلك الإجازة،تخصص آداب وفنونه،مادة تحليل الخطاب الأدبي والفني،موسم 2010/2011
41-نفس المصدر،ص31
42-نفس المصدر،ص37
43-نفس المصدر،ص43
44-نفس المصدر،ص43
45-نفس المصدر،ص113
46-نفس المصدر،ص33
47-عبد النبي ذاكر:محاضرات طلبة الدراسات العربية،سلك الإجازة،تخصص آداب وفنونه،مادة تحليل الخطاب الأدبي والفني،موسم 2010/2011
48-عبد النبي ذاكر:محاضرات طلبة الدراسات العربية،سلك الإجازة،تخصص آداب وفنونه،مادة تحليل الخطاب الأدبي والفني،موسم 2010/2011
49-عبد النبي ذاكر:محاضرات طلبة الدراسات العربية،سلك الإجازة،تخصص آداب وفنونه،مادة تحليل الخطاب الأدبي والفني،موسم 2010/2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.