لا يمكن أن يحكي عن الموت إلا من مات، وبما أن من يموت لا يعود لهذه الدنيا، فمن الصعب، بل من المستحيل أن ندرك تجربة الموت، التي ستظل، إلى يوم البعث، معطى غيبيا، لا يعلمه إلا الذي يحيي ويميت. مجموعة من شباب العالية طنجة، بعضهم هواة جاءوا من المسرح ويسعون لولوج فضاء الخيال والسينما كأسامة دحاني، أناس شعير، ربيعة فلاط وسعيد أزطوط وآخرون، سبق لهم أن مارسوا الفعل المسرحي والسينمائي من قبل كهشام جبيلوا ووفاء قصير وعلاء الدين بوعجاج... وجلهم أعضاء ناشطين في جمعية النجوم للسينما والمسرح والتربية والتخييم. شباب بقيادة المخرج الشاب هشام جبيلوا، حاولوا، فأفلحوا في صنع فرجة تدور أحداثها حول الموت، وبالضبط، حول ذكريات الموت وطقوسه، الموت الذي قد يأتي بغتة دون أن نعلم زمانه ومكانه. الفنان والسيناريست الشاب هشام جبيلوا، وبعد تجربته الأولى الناجحة في الأشرطة السينمائية القصيرة "نايضة"، استطاع رفقة ممثلين شباب كلهم طموح وإرادة ورغبة في وضع أسمائهم بين أسماء السينمائيين الكبار في الفن السابع المغربي، أن يقدموا لنا تجربة سينمائية شبابية جادة وقوية، لا يمكن إلا تثمينها وتشجيعها. تجربة تحكي بأسلوب متميز ذكريات جميلة مع صديق قضى نحبه. فأقيمت له طقوس جنازة ومراسيم دفن تليق بصداقة عمرت طويلا وتركت جراحا كبيرة بين الأصدقاء، فبكى من بكى وحزن من حزن وسكت من سكت لأن الموت أقوى والمصيبة أكبر، ليتبين في آخر المطاف وقبل آذان الفجر أن الفراق الأبدي لم يكن إلا حلما وأن المصيبة لم تكن إلا كابوسا ليليا انجلى بعدما تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الليل. هذا الشريط القصير "ذاكرة الموت" لا يسعى فقط لصنع فرجة لحظية من أحداث حزينة ومؤلمة، بل يهدف بالأساس لبعث رسائل، واضحة ومباشرة، أولا لقيمة الصداقة الدنيوية وفضلها بين الأصدقاء وثانيا التحذير من عالم آخر قد يفاجئنا في أية لحظة. " ذاكرة الموت " حكاية سينمائية جميلة تذكرنا أن الموت آت لا ريب فيه، وعلينا أن نعد العدة، حتى لا نفاجأ كما تفاجأ الأصدقاء برحيل صديقهم الحميم فجأة.