يحق لكل شاب مغربي وهو يتابع خُطب بعض السياسيين أن يتمثل بقول الشاعر العربي القديم: أضاعوني وأي فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر إذ أن أغلب هؤلاء السياسيين ينحون باللائمة على الشباب الذين لا يهتمون بالمهم وينحدرون إلى مباذل السهر والعبث، ويهملون تثقيف أنفسهم. فهل الشباب -فعلا- هو المسؤول عن ذلك التقصير أم أن هناك جهات تريد للشباب هذا المصير؟ الشباب مظلوم بكل تأكيد يبحث لنفسه بنفسه عن طريق يسير فيه، وهو فقير في الخبرة والفكر والتجربة،لم يجد أحدا يهتم به فلم يعد بدوره يهتم بغيره، فلا أحد يطلب وجهات نظره في ما يتم اقتراحه من برامج ومشاريع مخصصة له، أو يتيح الفرصة له لكي يعبر بحرية ووضوح عن همومه ومشاكله. لقد فقد الشباب الثقة في أصحاب الخطابات الموجهة إليه إما لأن ملقي الخطاب له كل يوم لغة يتحدث بها غير سابقتها، أو لأن قوله لا يتوافق مع عمله، وهو ما يفقد تلك الخطابات مصداقيتها وطعمها منذ البداية، مهما كان فيها من توابل. والناس تحدد مواقفها بالنظر إلى الأفعال أكثر من الأقوال، وكيف لعمري أن يصدق شاب أقوال شيخ يدعي اهتمامه بالشباب، وأنه وإن بلغ من السن عتيا فهو مازال يتمتع بروح الشباب ويدافع عن قضايا الشباب، وهو سباق في مزاحمة الشباب على أبسط حقوقهم، ولا يكف عن التهام أراضي الدولة والناس ويحجز الوظائف وفرص العمل تكون حكرا على بني عشيرته أو حزبه دون باقي خلق الله. شبابنا في طليعته من بح صوته أمام قبة البرلمان يطالب بحقه في الشغل، ولم يجد سوى الهراوات تحاوره كل يوم ولا تمل أو ترعوي. ومن ضمن تلك الطليعة أيضا،أحزاب تتوجس خيفة من أفكاره وطموحاته, فتحاصره, وشريحة واسعة من الشباب من تدفع السياسات الحكومية بأعداد كبيرة منهم لركوب قوارب الموت في عرض البحار، وشباب آخرون يبحثون عن آفاق جديدة في بلدان أخرى لتحقيق أحلامهم،وفئة لابأس بها انجرفت وراء الجريمة والمخدرات والخمر وصفحات الجرائد تطالعنا كل يوم بأخبار عن هذا التردي المتزايد. فمتى يدرك أصحاب القرار بأن قضية الشباب تحتاج من “شيوخنا” عملا صادقا ومخلصا وحاسما مائة بالمائة شباب، عملا يستطيع أن يجد حلولا ناجعة قادرة على إنقاذ وحماية هذه الثروة البشرية النفيسة لا غنى عنها لو أريد لبلادنا الخير والنماء والتقدم ؟ وأيضا من أجل حماية الوطن من الضياع والانهيار و التمزق..وإلا فإنها ستظل نايضة حتى إشعار آخر.