انهيار.. ثلاثة عناصر من "البوليساريو" يفرّون ويسلمون أنفسهم للقوات المسلحة الملكية    الصين تنفي وجود مفاوضات تجارية مع واشنطن: لا مشاورات ولا اتفاق في الأفق    قبل 3 جولات من النهاية.. صراع محتدم بين عدة فرق لضمان البقاء وتجنب خوض مباراتي السد    عادل السايح: التأهل إلى نصف نهائي كأس أمم إفريقيا للفوتسال سيدات ليس وليد الصدفة    طقس الجمعة: زخات رعدية وبرد محلي بعدد من المناطق    المديرة العامة لصندوق النقد الدولي: المغرب نموذج للثقة الدولية والاستقرار الاقتصادي    من قبة البرلمان الجزائر: نائب برلماني يدعو إلى إعدام المخنثين    الدليل العملي لتجويد الأبحاث الجنائية يشكل خارطة طريق عملية لفائدة قضاة النيابة العامة وضباط الشرطة القضائية    رواد سفينة الفضاء "شنتشو-20" يدخلون محطة الفضاء الصينية    حين يصنع النظام الجزائري أزماته: من "هاشتاغ" عابر إلى تصفية حسابات داخلية باسم السيادة    الشيخ بنكيران إلى ولاية رابعة على رأس "زاوية المصباح"    "الإيسيسكو" تقدم الدبلوماسية الحضارية كمفهوم جديد في معرض الكتاب    الوقاية المدنية تنظم دورة تكوينية في التواصل للمرشحين من السباحين المنقذين الموسميين بشواطئ إقليم العرائش    أكاديمية المملكة المغربية تسلّم شارات أربعة أعضاء جدد دوليّين    "بوكر" تتوّج رواية "صلاة القلق"    القرض الفلاحي يعزز التزامه برقمنة وتحديث المنظومة الفلاحية من خلال شراكات استراتيجية جديدة    الرباط …توقيع ديوان مدن الأحلام للشاعر بوشعيب خلدون بالمعرض الدولي النشر والكتاب    الخط فائق السرعة القنيطرة-مراكش سيجعل المغرب ضمن البلدان التي تتوفر على أطول الشبكات فائقة السرعة (الخليع)    الملك يقيم مأدبة عشاء على شرف المشاركين في معرض الفلاحة    بودريقة يقضي أول ليلة في سجن عكاشة بعد ترحيله من ألمانيا    "اللبؤات" يبلغن نصف نهائي "الكان"    إسرائيل تدين قرار حكومة إسبانيا    الحكومة تعتزم رفع الحد الأدنى للأجور الى 4500 درهم    بعثة المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة تصل إلى القاهرة للمشاركة في كأس إفريقيا    إحباط محاولة لتهرييب المفرقعات والشهب النارية ميناء طنجة المتوسط    مهرجان "السينما والمدرسة" يعود إلى طنجة في دورته الثانية لتعزيز الإبداع والنقد لدى الشباب    السجن لشرطيين اتهما ب"تعذيب وقتل" شاب في مخفر الأمن    امطار رعدية مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    الهند تُعَلِّقْ العمل بمعاهدة تقاسم المياه مع باكستان    هل يُطْوى ملفّ النزاع حول الصحراء في‮ ‬ذكراه الخمسين؟    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    97.6 % من الأسر المغربية تصرح إن أسعار المواد الغذائية عرفت ارتفاعا!    وزير الزراعة الفلسطيني يشيد بالدعم المتواصل لوكالة بيت مال القدس الشريف للمزارعين المقدسيين    واتساب تطلق ميزة الخصوصية المتقدمة للدردشة    الوداد ينفصل عن موكوينا ويفسح المجال لبنهاشم حتى نهاية الموسم    بايتاس: الاعتمادات الجديدة في الميزانية ممولة من الضرائب لسد الالتزامات ودعم القدرة الشرائية    رفع قيمة تعويض الأخطار المهنية للممرضين والإداريين والتقنيين.. وإقراره لأول مرة للأساتذة الباحثين بالصحة    جماعة بوزنيقة تؤجل جلسة كريمين    نبيل باها: الأطر المغربية تثبت الكفاءة    قادة وملوك في وداع البابا فرنسيس    أخنوش يترأس جلسة عمل للوقوف على تقدم تنزيل خارطة طريق التشغيل    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    سلسلة هزات ارتدادية تضرب إسطنبول بعد زلزال بحر مرمرة وإصابة 236 شخصاً    الدورة الخامسة للمهرجان الدولي للفيديوهات التوعوية: منصة للإبداع المجتمعي تحت شعار "مواطنة مستدامة لعالم يتنامى"    روبي تحيي أولى حفلاتها في المغرب ضمن مهرجان موازين 2025    المهدي الفاطمي يسائل وزير الصحة حول الصحة النفسية بالمغرب وأخطار الإهمال.. 'سفاح بن أحمد نموذجا    الصين تنفي التفاوض مع إدارة ترامب    المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة: المغرب نموذج بارز للابتكار    وعي بالقضية يتجدد.. إقبال على الكتاب الفلسطيني بمعرض الرباط الدولي    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    أمريكا تتجه لحظر شامل للملونات الغذائية الاصطناعية بحلول 2026    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطة تلفزيونية معوجة
نشر في المساء يوم 21 - 05 - 2009

في البلدان المتقدمة يعتبر التلفزيون وسيلة مهمة للتثقيف وزيادة نسبة الوعي لدى عامة الناس. أما في المغرب، الذي يعتبر فيه التلفزيون أهم مصدر للمعلومات لدى الأغلبية العظمى من المغاربة، على اعتبار أن عدد مستخدمي الأنترنت لا يتعدى ستة ملايين شخص، وعدد الذين يقرؤون الكتب والجرائد ضئيل للغاية، فإن التلفزيون عندنا، ورغم كل هذه الأهمية التي يحظى بها، عوض أن يعوّض هذا النقص الفظيع، وينشر الوعي ويُسْهم في تثقيف الناس، يفعل العكس، وينشر التفاهة و«الكلاخ»!
لحسن الحظ أن القنوات التلفزيونية العمومية لا يشاهدها إلا عشرون بالمائة فقط من المغاربة في أحسن الأحوال، ولساعات قليلة جدا، لذلك يبقى التخلف الذي تنشره هذه القنوات محدودا للغاية، وذلك بفضل الصحون المقعرة التي أصبحت ضرورية لكل من يرغب في مشاهدة برامج تلفزيونية حقيقية، ونشرات أخبار حقيقية، بعيدا عن رداءة «البرامج» و«الأخبار» التي يتم بثها انطلاقا من عين السبع ودار البريهي!
لكن المسؤولين عن التلفزيون العمومي لديهم ما يكفي من الذكاء لجلب أنظار فئة معينة من المشاهدين. فإذا كانت نشرات الأخبار والبرامج السياسية والاجتماعية والثقافية على قلتها لا تحظى سوى بنسبة متابعة ضئيلة لدى عموم المشاهدين، فهناك برامج تحظى بنسبة متابعة مهمة من طرف الشباب والمراهقين. المشكلة أن هذه البرامج الموجهة إلى الشباب بدورها لا تقدم أي فائدة، ما دام أن أغلبها يركز فقط على فسح الطريق أمام الشباب المغربي لإظهار مواهبه في الغناء وهزّ البطون، وكأنّه بالرقص والغناء وحدهما سيتقدم المغرب إلى الأمام!
طبعا، ليس التلفزيون المغربي وحده الذي يقدم مثل هذه البرامج، فما نشاهده اليوم ليس سوى «سلعة» تم استيرادها، أو بالأحرى «نقلها» من تلفزيونات العالم، لكن مشكلة التلفزيون المغربي تكمن في تركيزه على برامج «هزّ يا وزّ» لوحدها، ما يجعل الشباب، بل وحتى الأطفال والمراهقين، يتكوّن لديهم اقتناع مبكر بأن مستقبلهم يكمن فقط في الغناء ولا شيء آخر سوى الغناء، خصوصا أن «النجوم» الذين يتم استقدامهم إلى بلاتوهات هذه البرامج لكي يقتدي بهم الشباب، يجمعون ما بين الشهرة والمال، وهذا أقصى ما يطمح شباب اليوم إلى بلوغه. فعندما يسمع أي شاب عن حصول أحد المطربين على ثمانين مليون سنتيم مقابل ساعة أو ساعتين من الغناء، فلا بد أنه سيكون مستعدا للتضحية بالدراسة وبالعمل وبكل شيء، لعلَّه يصير بدوره مشهورا، يربح عشرات الملايين في سهرة واحدة، خصوصا أن الفكرة المترسخة في أذهان التلاميذ والطلبة اليوم، هي أن القراية ما «بقات كا تنفع لوالو». وهذا هو السبب الذي يجعلنا نرى هذا الإقبال الكبير للشباب على المشاركة في إقصائيات برامج «اكتشاف المواهب». الكارثة أن إقصائيات برنامج «استوديو دوزيم» مثلا، تتزامن مع مرحلة استعداد التلاميذ والطلبة لامتحانات آخر السنة، وكأن القائمين على البرنامج لا يجدون وقتا آخر لتنظيم إقصائيات برنامجهم غير هذا. ما يعني أن أصحاب هذه البرامج التي ترفع لواء البحث عن «مستقبل واعد» للشباب، هم في واقع الأمر يدمرون مستقبل هذا الشباب من حيث لا يشعرون. ونفس الشيء ينطبق على المهرجانات الغنائية التي تنطلق عادة في أواخر شهر ماي. أفليس من الواجب على وزارة الداخلية أن تتدخل لإجبار منظمي هذه المهرجانات على تأخير انطلاقها إلى غاية انتهاء الموسم الدراسي، حتى لا يؤثر ذلك على استعداد التلاميذ للامتحانات، خاصة أن الأسر المغربية عندما تذهب لحضور سهرة ما، تصطحب معها حتى الأطفال الذين يسهرون إلى ما بعد منتصف الليل أو أكثر؟
ويظهر واضحا أن الهدف من كل هذه البرامج والسهرات الفنية التي تستهدف الشباب، هو منع التطرف الديني من التسلل إلى عقولهم الفتية. هؤلاء المسؤولون يعتقدون أن ما ينقص الشباب المغربي لكي يتسلح بمناعة صلبة ضد التطرف الديني هو الإتيان ب«نجوم» منفتحين أكثر من اللازم، كي يكونوا قدوة للشباب المغربي في الانفتاح. والواقع أن ثمرات هذه الخطة بدأت فعلا تؤتي أكلها، حيث صرنا نرى شبابا لم يعد يهمه سوى أن يقلد كل ما يراه على الفضائيات، عبر تسريح الشعر بشكل غريب، وارتداء سراويل ممزقة، وتدخين السجائر المحشوّة بالمخدرات. المصيبة الكبرى هي أن الفئة المستهدفة أكثر بهذه الخطة التلفزيونية المعوجة هم أبناء الطبقة الشعبية، أما أبناء البورجوازية فهم لا يعرفون أصلا شيئا اسمه دوزيم ولا إتم!
ما يعني أن الفوارق الاجتماعية ستتضاعف، ففي الوقت الذي يتلقى فيه أبناء الطبقة الغنية تعليمهم في أرقى المدارس، ويكّونون من أجل شغل الوظائف الكبرى، يضيّع أبناء الشعب وقته «فالخوا الخاوي»! لذلك نقول لكم أيها السادة إن هذا الانفتاح الذي تبحثون عنه هو في الواقع ليس سوى هلاك. لينا حنا بطبيعة الحال، أما نتوما را عارفين خارج ليكم الحساب!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.