نحس أن أقرب خط مستقيم يصل الشباب بالقراءة هو الكتاب,صحيح أن اتباع مفهوم القراءة صاحبه انتزاع احتكار الكتاب لفعل القراءة إذ أصحنا نقرأ كل شيء,فالنص ليس هو المكتوب فحسب وإنما هو السمعي البصري أيضا. بيد أننا نفترض أن عد الفائدة و المتعة لايكتملان إلا عبر سند الكتاب . لكن ماذا يقرأ الشباب ؟ وهل تتوفر له اختيارات قرائية يعينها؟ وهل شبابنا له اهتماماته الجادة وأسئلته الواعية؟ أم أن الشباب لا يقرأ ؟ أو غير مهتم بالتقافة ! وإذا كان يقرأ فماذا يقرأ إذن؟ وهل هناك مؤثرات معينة استطاعت أن تهزم الكتاب؟ وماذا عن القدرة الشرائية للكتاب؟ واقع الشباب وبعض معيقات القراءة تعد مساهمة الشباب في فعل التغييرمساهمة جد حيوية بحكم وزنه في الخريطة الديمغرافية, ونظرا كذالك لمستوى تكوينه وتأهيله واعتبارا لطموحاته إلى غد أفضل .فإذا حاولنا تمحيص الواقع الحالي للشباب فإنه يبقى من الضروري التساؤل عن نوعية المتطلبات و طبيعة الحاجيات ,حتى تتمكن من المساهمة في وضع سياسة شمولية لفائدة الشباب تراعي احتياجاتهم , وأيضا من واقعهم ومن مشاكلهم وقضاياهم المتنوعة O لقد خلقت الضغوطات الإجتماعية المتناسلة جوا نفسيا يدفع الإنسان إلى عناق شعار " البقاء" (المأكل المشرب-الملبس ) بدل التفتيش عن قراءة الكتاب الذي أصبح مهملا في الواقع المغربي, عنوانا على الكد و الفراغ و البطالة المؤجلة . فالشباب لا يقرأ لأنه لايهتم بالقراءة ,ومادامت أجواء البطالة مخيمة على العديد من أقرانهم الذين أضاعوا البصر بين الكتب , فإن علاقتهم بسوق القراءة يميزها التوتر وانعدام الثقة. ومن أهم المشاكل التي تواجه الشباب غلاء الكتب و عدم الإهتمام بإنشاء المكتبات البيتية إذ يتم تجهيز المنزل بكل شيئ ولكن تهمل المكتبات وتعتبر من الكماليات. من الديكورات الميتة التي لا ينبغي التضحية بالتحف ونفائس الأثاث من أجلها . الوسط الأسري والقراءة إن المسألة في العمق مرتبطة باستراتيجيات النشأة الإجتماعية : إذ تلاحظ إحدى الباحثات أن "للوسط الأسري دورا لا يستهان به ففي الاسر التي تعرف حوارا مستمرا بين أفرادها و تتبادل الحكايات , يقبل الأطفال على القراءة برغبة أكبر " لهذا على الآباء أن يملؤوا المنزل استجابة لهذا بالكتاب كي لا يسطوا نجوم السينما والمسلسلات على فضاء البيت . القراءة بين الحق و الواجب: في البدئ كان ثمت اعتقاد يعبر عن الأمر الآتي :"للقراءة واجب وهو أمر يوجهه الأب لإبنه و الأستاذ لتلميذه و الشاب لنفسه و يقابل هذه الفكرة أمر مضاد مفاده أن" القراءة حق " إذن الإنتقال من الواجب إلى الحق هو السبيل الذي يؤسس علاقة الحرية و الإختيار الذي يجب شد الطفل للقراءة وقد سن أحد المفكرين قوانين للقارئ "الحق في أن لا يقرأ, الحق في أن يقرأ الكتاب من دون أن يخضع القارئ لتوالي الصفحات , الحق في أن لاينهي كتابا كان قديما قراءته, الحق في أن يعيد القراءة , الحق في اختيار ما يقرأه, الحق أن يقرأ أينما يشاء".وفي علاقة القراءة بالمدرسة, يلاحظ ارتباط فعل قراءة الكتاب بالنجاح الدراسي حيث تغدو هذه الصداقة محفوظة بالخوف من الفشل و والرسوب, و مصحوبة بالطموح الثقافي وبالرغبة في تعلم القراءة لهذا ترى الآباء يسعون إلى جعل الأولاد يقرؤون الكتب ويحبونها كما لو أن مستقبلهم الدراسي رهين بهذا الحب . لهذا يتعين علينا أن لا نجعل من الكتاب جوازا للسفر نحو النجاح حيث أن هذه النظرة النفعية للكتاب قد تخلق في ذهن الطفل "الكتاب هو المدرسة و المدرسة هي فضاء الواجب و الإكراه".وقد يعمد بعضالآباء إلى تشجيع الطفل على إقامة علاقة بالقراءة منزهة عن المنفعة المباشرة أي عن النجاح الدراسي لكن دون التميز بين الواجب المدرسي و القراءات الترفيهية ويتمثل دور الآباء في الحضور الدائم مع ترك المبادرة للطفل كي يختار كتابه وأنيسه وهذا الإختيار لربما يفسح المجال لولادة ذلك القارئ المؤول الناقد الذي يعرف أنه اقتنى كتابه لا ليقرأه ولكن لأنه سوف يقرأه بشغف .وفي غياب استطلاعات دراسات ميدانية توضح بالضبط هل مستوى القراءة في تطور أم في تراجع . أعتقد أن أغلب الآراء و الأحكام الصادرة بخصوص هذا المجال آراء في أغلبها انطباعية وقد نجد أحكام ربما قد لا تصلح للتعميم وعندما تتعدد المصادر يتكون لدينا تصور عام حول ظاهرة القراءة و الملاحظ أنه في ميدان المكتبات الموجهة للشباب :تلاميذ ,طلبة جامعيين و باحثين,وبعد دراسات ميدانية يتبين لنا أن عنصر القراءة على المستوى الجامعي موجهة فقط لإنجاز الديبلومات والشواهد الجامعية و العلمية حيت يتضح أن التعامل مع عنصر القراءة في شقها التعليمي لا يخرج عن نطاق المادة و التخصص: هذ الحالة أنتجت لنا حقوقيين يجهلون الواقع السياسي للبلاد وأدبين لا يميزون بين النعت والحال O أو كما أسماها المفكر المهدي المنجرة "الأمية الثقافية " والتي تقارب نسبته%90 بالمغرب . وبالتالي نجد أن عملية إدماج القراءة كمعطى أساسي في العملية التربوية من خلال المناهج التعليمية تختلف من بلد لآخر يعني أن علاقة الشاب المغربي بالكتاب علاقة محدودة جدا, الشيء الذي يوضح بأنه هناك خلل في المنظومة التربوية التي لم تستطع من جعل الكتاب و القراءة و الفكر النقدي الدعامة الأساسية للعملية التربوية آراء من ثانوية عبد الرحمان ابن زيدان حسب الأستاذ محمد شحتان :هناك انواع متعددة من الكتب: فهناك الترفيهية وهناك أيضا الكتب المدرسية المقررة , فيما يتعلق بالكتب المدرسية ,فالتعليمات و التوجهات الرسمية تجعل من التلميذ هو المحصل حيث يعتمد على التعلم الذاتي وهذا لايتحقق باعتبار أن مستوى التلميذ ينقسم إلى فئات أولى و ثانية وثالثة في حين أن (سهام جعفر 17 سنة):لازال التلميذ المغربي يهتم بجميع الميادين غير أن هذا الإهتمام غير ظاهر للعيان فالشباب ينزوي إلى تلك الكتب التي تحكي عن مشاكلهم أو الروايات , ففي مرحلة المراهقة نجد أن لكل فرد ميولاته الخاصة به . أما (أبو عبد الله الحسين 19 سنة)فيقول: الشباب المغربي اتجه للاسف للأمور الترفيهية مقارنة بشباب العقود السابقة فشباب اليوم يلجئ للكتاب في حالة الضرورة . ومكتباتنا إما تجدها فارغة أو تحوي كتب لاتساير العصر.أما أهم سبب في عزوف الشباب عن القراءة هو الأنترنيت الذي أصبح يجتاحنا بصفة كبيرة . في حين يذهب محمد أغماري مدير ثانوية عبد الرحمان ابن زيدانإلى أن هناك عدة ملاحظات عن المغاربة فهم عند سفرهم عبر الحافلة أوالقطار فإما تجدهم يتنزهون في الطبيعة أو يتكلم بعضهم مع البعض الآخر,علىغرار الأجانب فالملاحظ أنهم دائموا القراءة حيث تجدهم يحملون الكتب و الجرائد في أيديهم ويقرؤون في أي مكان وأي زمان .الملاحظة الثانية أن المكتبات فارغة من الشباب , فنأخذ نموذج مكتبة المسجد الأعظم (الجامع الكبير)في عصرنا كنا نتسابق على المقاعد رغم كثرتها أما الآن فالفراغ يملئ المكان , وترى التلميذة الشاعرة -أ ,س- 18 سنة أن: الشاب المغربي منعزل عن القراءة نظرا لعدة عوامل منها الإعلام فالتلفزة تعطيه بعض الفتور من الكتاب كما أن هناك فئة من الشباب الذين يعتبرون أن الكتاب شيء ممل باعتباره لا يحقق المتعة الكافية التي تشبع رغبته ,والملاحظ تضيف(أ.س) أن الكتاب باهض الثمن فأي كتاب يتم انتقاؤه تجد ثمنه باهضا ويبررون هذا بقولهم أن الطبع يكلف الكثير لكن التلميذ يجب أن يستفيد من تخفيض معين لكونه لازال عالة على والديه . إعداد : عثمان حميش مراسل الجريدة بمكناس