أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس اليوم صلاة الجمعة بالمسجد الأعظم بمدينة طنجة. وقد استهل الخطيب خطبة الجمعة بالتذكير بتضامن المسلمين مع إخوانهم في فلسطين ، وهم يعيشون محنة قل نظيرها ، مبرزا أن المغرب بقيادة أمير المؤمنين، كان سباقا إلى استنكار هذا العدوان ومؤازرة الفلسطينيين في كل المحافل الدولية. وقال إن المغاربة عبروا قاطبة في جميع المدن عن مشاعر استنكارهم القوي إزاء ما يقوم به المعتدي ، منذ أسبوعين من زرع للموت ونشر للرعب ، مسخرا في ذلك الطائرات التي تمطر أطنان القنابل في كل مكان والدبابات التي تهدم المباني والمساجد والمؤسسات، ولا تتورع عن الفتك بالأطفال والنساء ولا عن انتهاك الحرمات. وأشار الخطيب إلى أن المعتدي فعل كل هذا بالفلسطينيين بعدما ضرب من حولهم حصارا خانقا أنهكهم وأضعفهم وحرمهم من أبسط مقومات الحياة الإنسانية ، فتضرر المواطنون أشد الضرر وضعفت قوتهم وقلت حيلتهم أمام أعين عالم يسعى إلى احترام حقوق الإنسان وحماية المستضعفين. وأكد الخطيب أن هذا العدوان يستنكره الدين الإسلامي الحنيف وتستنكره كل الشرائع الالهية والديانات السماوية ، ويستنكره عقلاء الإنسانية وحكماؤها ، وعامة ذوي المشاعر الإنسانية النبيلة ، المقدرون لمآسي العدوان وشروره ، المتبصرون بعواقب الطغيان وخطورته. وأضاف ان مئات القتلى وآلاف الجرحى الذين سقطوا ولا يزالون ، جراء هذا العدوان الغاشم الذي لا يمكن أن يقبله أي ضمير حي ولا أن يستسيغه قلب نابض. وقال إنه رغم كل التقتيل والتدمير الذي يمارس على الفلسطينيين، فهم لا يزالون يقاومون ويجاهدون ويرفضون الاستسلام ، مذكرا بأن من شروط النصر والتمكين توحيد الجهود ورص الصفوف ونبذ كل أسباب التنازع والتنافر والشقاق ، لأن ذلك ينال من عزة الأمة ويفرق كلمتها ويضعف قوتها ويشتت جهودها فيدب فيها الضعف والذل والفشل. وشدد على انه آن الأوان للأمة الإسلامية أن تعمل على جمع الرأي والشمل وتأليف القلوب ، وأن تتضافر جهودها الصادقة المخلصة على نبذ كل خلاف ونزاع وفرقة وأن يتم التعاون والتعاضد بكل عزم وإرادة وصفاء على تحقيق العزة التي تقي المسلمين كيد الكائدين وحقد الحاقدين وتساعدهم على الوقوف في وجه الطغاة المتجبرين ودفع كل بغي من المعتدين. وأكد الخطيب أن أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، رئيس لجنة القدس ، ايمانا من جلالته بدوره التاريخي المعهود فيه وفي أسلافه المنعمين ونهوضا بمسؤوليته العظمى ، بادر الى التنديد الشديد بهذا العدوان الآثم غيرة على مقدسات الإسلام وحرمات الدين وعلى حقوق الإنسان وكرامته. وأبرز الخطيب من جهة أخرى ، أن مكر أعداء الله يكون بالمآمرة والتخطيط للإيقاع بالمؤمنين وإلحاق الشر والاذى بصفوفهم ، أما مكر الله تعالى فهو عمل يتصرف على أيدي المؤمنين وبعقولهم وتفكيرهم ، بحيث تكون نتيجته إفشال مؤامرة العدو ومخططاته حتى قبل أن يتمكن من تنفيذها، مضيفا انه الى جانب النصرة المادية المشروعة للفلسطينيين، فإن أخلاق الدين ترشدنا إلى نصرة من نوع آخر يقدر عليها كل مؤمن ومؤمنة، هي النصرة الروحية والتي تتمثل في الإكثار من الذكر ومن صلاة النوافل ومن التضرع إلى اللطيف الخبير ومن إخراج الصدقات بهذه النية. وقال الخطيب إنه أمام العدوان الإسرائيلي الغادر والخارق لكل العهود والمواثيق الدولية، التي يتعين احترامها، في حالة الحرب خاصة ما يتعلق منها بحماية المدنيين، خاطب أمير المؤمنين الهيآت والمنتظمات النافذة والمقررة في المجتمع الدولي للتدخل العاجل لوقف هذا العدوان الذي يفتقر الى أدنى مبرر والذي أتى على الأخضر واليابس ، مذكرا بالمبادرة الملكية السامية بتوجيه المعونة المادية والطبية لمساعدة إخواننا الفلسطينيين. وتضرع الخطيب وجموع المصلين إلى الله تعالى بأن يمنح صاحب الجلالة النصر والتمكين ويقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد ويحفظ جلالته في كافة أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما ابتهل المصلون الى الله عز وجل بان يمطر شآبيب الرحمة والرضوان على الملكين المجاهدين محمد الخامس والحسن الثاني طيب الله ثراهما. وكان جلالة الملك قد استعرض لدى وصوله تشكيلة من الحرس الملكي أدت التحية قبل أن يتقدم للسلام على جلالته وزير الداخلية السيد شكيب بنموسى ووالي جهة طنجة تطوان ورئيس مجلس الجهة وقائد الموقع العسكري ورئيس المجلس العلمي المحلي والمنتخبون وممثلو السلطات المحلية وعدة شخصيات أخرى. وبمدخل المسجد تقدم للسلام على جلالته وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السيد أحمد التوفيق.