صحيفة الناس: ليل طنجة الصاخب مزيج تناقضات، تجمع بين حياة الترف والبذخ ومظاهر الفقر والتسول والمتشردين حيث تحضر ظواهر إجرامية عديدة لعل أبرزها ترويج المخدرات بمختلف أنواعها و الدعارة والشذوذ الجنسي في أكثر من شارع بمدينة طنجة. ويظل القاسم المشترك في ليل طنجة هي المخاطر المتعددة التي قد تفاجئ أي شخص يواصل التجول إلى ساعات متأخرة ، كما تظل الاختلافات واضحة في طبيعية أماكن الترفيه التي يقصدها رواد الليل بين نوادي ليلية وفنادق مصنفة يقصدها علية القوم من مختلف الجنسيات يمتزج فيها الكحول باستهلاك المخدرات القوية والدعارة الراقية، وبين أماكن تقصدها فئات شعبية مسحوقة تعرف على الدوام إقبالا منقطع النظير وحوادث خطيرة. وبين هذا وذاك، وأنت تتجول في ليل "جنة الصعاليك"، تظل صور المتناقضات الأكثر رسوخا في الذهن ، صور تعكس عالم الترف مقابل مظاهر البؤس والضياع. " كلشي مريزرفي سيرو شوفو بلاصة اخرى" يردد أحد حراس النوادي اليلية الشهيرة على مسامع شابين يبدوان في حالة سكروهما يحاولان الولوج إلى فضاء النادي، يواصل الشابان محاولتهما من خلال التذرع بوجود صديق لهما داخل النادي،لكن محاولتهما تبوء بالفشل بعدما يخاطبهم الحارس ذو القامة الطويلة والعضلات القوية، " شحال فراس مالكم شحال قاديين تخسرو هنا خسك جيبك يكون عامر " يغادر الشابان إلى وجهة أخرى ليشرعها في مسلسل سب وشتم ثم يركبان سيارتهما في اتجاه مكان ، فيما يواصل انتقاء زبناءه بعناية فائقة حيث تظل نوعية اللباس ومدى التردد على النادي شرطا ضروريا للولوج. على كورنيش المدينة القلب النابض لمدينة طنجة عشرات النوادي اللليالي أو مايعرف بالحفاري بلغة ساكنة المدينة مصطفة في مكان واحد قرب شاطئ المدينة حيث تتنوع خدمانها وزبائنها وشورط ولوجها قرب إحدى هاته النوادي ، إلى جانب فنادق مصنفة دخلت هى الأخرى على خط المنافسة مع هاته النوادي من خلال استقطبابها لنجوم الطرب والغناء من مختلف الجنسيات . "كل شي موجود هنا اللي بغيتي حضر غير لفلوس " يردد سائق طاكسي على مسامع زبايئنه وهو متوجه نحو كورنيش المدينة، ليضيف "بأن ليل الكورنيش يوفر لنا عملا مهما وأرباحا هامة خاصة مع فئة السكاري وبنات الليل الذين يقدمون إكراميات هامة في حالة الاتصال بي والقدوم إلى غاية باب النادي وانتظارهم حتى الخروج هم محركو الاقتصاد يشرح هذا السائق أهمية زبائن الليل في توفير مدخول مالي مهم. عقارب الساعة تقترب من الحادية عشر ليلا ، تبدو حانات والنوادي في حالة استعداد لليلة صاخبة من ليالي نهاية الأسبوع التي تعرف إقبالا منقطع النظير من مختلف الأعمار والجنسيات حيث جميع أنواع المخدرات والمشروبات الكحولية متوفرة أينما وليت وجهك لكن يبقى لكل حانة ونادي ليلي شروطه لاستقبال الزبائن بعناية فائقة. فتيات ممشوقات القوام يرتدين اخر صيحات الموضة من اللباس، نزلن للتو من سيارات فارهات وشبان تبدو عليهم علامات الثراء يلجون للسهر في تلك النوادي، حيث تستقطب هذه النوادي أشهر نجوم الطرب العرب والأجانب مقابل مبالغ مالية كبيرة، وهو ما ينعكس في الأثمنة المعتمدة بالنسبة للمشروبات الروحية التي يصل ثمنها 1500 درهم،كأدنى ثمن، لكن على الرغم من الثمن المرتفع فأن جميع الأماكن تبدة محجوزة في وقت سابق. النشاط والقصاير بلا حدود تنبعث موسيقى غربية ومشرقية تبعا لطبيعة كل نادي ، فيما يواصل اخرون القدوم من أجل قضاء ليلة صاخبة، وبقدر ما يثير المرء مظاهر حياة الترف والبذخ والسيارات الفارهة التي تصل تباعا التي تصطف على طول الكورنيش من جميع الماركات، تبدو مظاهر الفقر والتشرد حاضرة بقوة على أمتار فقط في مشهد يعكس حالة طنجة التي تعكس كل تناقضات الفقر والغنى، عشرات المتسولين يجوبون الشارع ، وأطفال متشردون يستنشقون مواد لاصقة ، واخرون في حالة يرثى لها يحاولون بيع الورود للمترددين على محج محمد السادس. داخل النادي الليلي المقسم الى جزئين واحد مخصص للموسيقى الغربية، واخر للموسيقى الشرقية والمغربية، تبدو جميع الطاولات محجوزة، والجميع يستمع إلى مقطوعات غنائية مغربية يقدمها مغني في تسخين للأجواء السهرة التي لم يمر عليها سوى نصف ساعة، تتوالي الدقائق ويتوالي معها الأغاني والاهداءات والأموال التي تغدق على الفرقة الموسيقية، ورائحة الشيشا تملأ بعض جنبات الملهي. في أحد الطاولات يجلس شخص رفقة فتاتين يرتدي معطفا جلديا ، ضخم الجثة، كث الشارب ، يتمايل بقوة مع إيقاع أغنية خليجية، وبين لحظة وأخرى ،يصيح الشخص " تحيا ليبيا الحرة يحيا الشعب اللييبي " فيما يقوم أحد المرافقين له بتقديم مئات الدراهم للفرقة الموسيقية. الاقتراب من إحدى فتيات النادي يقابل بجملة "خلص عليا بعدا شي حاجة ونهضرو على خاطرنا " تثرثر كثيرا بفعل الكحول، لتنهي كلامها بشروط قضاء الليل في الخارج، " أنا كنمشي غير الأوطيلات وقل 800 درهم ما نمشيش معاك وبغيت نتخلص دابا هنا " تضيف دنيا بغنج واضح " ، لتكشف عن عوالم الدعارة في هذه الأمكنة التي يرتادها فئات تنتمي لطبقات متوسطة وجنسيات عربية وأجنبية. في الخارج الأجواء باردة ، وأضواء النوادي اليلية تملأ المكان غير بعيد ، يجلس خمسة شبان على أحد الكراسي قبالة الشاطئ،يعاقرون الخمر جماعة في مكان عام في الهواء الطلق، ، تقف سيارة شرطة ، يغادر كثيرون المكان القريب من علبة ليلية، لكنهم يواصلون ضحاكاتهم وصخبهم غير مبالين بما يدور حولهم ، يقترب منهم رجل أمن يحمل "جهازطولكي ولكي" رفقة عناصر أمنية يشرعون في التفتش ثم يقومون بحجز قارورة ويكسي رديئة واقتيادهم نحو سيارة الشرطة في اتجاه ولاية الأمن على الرغم من عبارات الاستجداء الكثيرة. "الشاف راه معملنا واولوحنا مكالميين مع راسنا " يحاول أحد الموقوفين أقناع رجل الأمن لكن محاولته تذهب أدراج الرياح ليقضي ليلتهم في مخافر الأمن، يواصل اخرون في العلب الللية قضاء لياللبيهم الصاخبة دون وجود أدنى مضايقة أو خوف لا بل إن المشروبات الكحولية لا تعدوو أن تكون مقدمة لاستهلاك مختلف أنواع المخدرات. كوكايين وحشيش وأشياء أخرى كسائر مدن شمال المغرب، ترويج المخدرات القوية بمختلف أنواعها والأقراص المهلوسة، يعرف تصاعدا كبير في نهاية الأسبوع ، ويظل عنوانا بارزا من ليالي طنجة، حيث يقبل كثيرون على إقتناء أنواع مختلفة من المخدرات للبحث عن جرعة زائدة من النشوة ، يعمل عادل حارس أمن خاص لأزيد من ثلاث سنوات، مدة عمله جعلته متمكنا من عوالم وسائل ترويج المخدرات داخل النوادي الليالي خاصة مخدر الكوكايين الذي يقبل عليه بعض الأشخاص رغبة في مزيد من الانتشاء" هناك أشخاص يلجون داخل الملهي ويقومون بترويج مخدر الكوكايين داخل بعض الملاهي في حالة طلب أحدهم،حيث يصل ثمن الجرعة نحو1000 درهم، وخارج النادي لا يتعدي600 درهم للجرعة " يشرح عادل الأثمنة المعتمدة للمخدرات القوية. وحسب نفس الشخص فأن كثيرين يقبلون أكثر على أستهلاك حبوب الهلوسة ، من نوع "اكستازي" التي تمنح لمتناوله طاقة ونشاطا كبيرين تمكنه من أن يظل ساهرا إلى غاية الصباح دون تعب ويصل ثمنها 300 مائة درهم للحبة الواحدة "وتمكن الحركات الزائدة من تحديد الأشخاص لهذه الاقراص بسهولة كبيرة " يضيف هذا الحارس. في بارات طنجة خاصة الشعبية منها ، يشكل تدخين الحشيش من الظواهر العادية عكس باقي المدن المغربية دون أن يثير الأمر رفضا من طرف مسيري هذه الأماكن حيث تزكم رائحة الحشيش أكثر من مكان وسط موسيقى شعبية تملأ المكان ضجيجا " هانية غير تكيف مع راسك الباطرون ضابط شغلوا " يرد نادل في أحد البارات حول إمكانية تدخين الحشيش في المكان. كثيرون يولون وجوههم نحو مقاهي الشيشا، للاستمتاع بليل طنجة، في كورنيش المدينة وعلى بعد أمتار من علبة ليلية، يوجد نادي ليللي لا يقدم المشوربات الكحولية، ويختص فقط في تقديم الشيشا لزبنائه ، لكن المثير في هذا النادي هو كون معظم زبنائه قاصرون يلجون المكان بسهولة كبيرة بعد أداء ثمن تذكرة في متناول الجميع ،مما يجعل الاقبال الكثيف على النادي منذ ساعات قبل حلول الليل. هنا داخل النادي موسيقى أجبنية ، ودخان كثيف ، وعشرات المتواجدين يدخلون في رقص جماعي ، قرب البوابة لا تفتأ الحركة تنقطع، يمسك أحد الأشخاص بقارورة ماء صغيرة بها محلول أبيض يشرب من تلك القارورة فقة صديق له ثم يعود داخل النادي لأكمال سهرته, " هديك إيميديا كيعلوها باش كتطلع لفلاش بزربا " يشرح شاب طبيعة المحلول الذي يتعاطاه بعض المترددين على نادي الشيشا. ويصنع المخدر " إيمديا" الذي يتم تهريبه من دول أوربية، من مشتقات الكوكايين حيث يؤدي مفعولا قويا وحركة زائدة ، ومكن ثمنه الذي لا يتجاوز مائتين درهم من وجود إقبال عليه من طرف الباحثين عن النشوة ، لكن أخطاره الصحية تبقي في غاية الخطورة. "حومة الشياطين"... ملاذ المسحوقين هو حي يوجد بالقرب من شارع محمد الخامس، و يعد من أخطر النطاق السوداء المصنفة في طنجة التي تشهد طوال السنة حوادث إجرام غاية في الخطورة وترويجا لمختلف أنواع المخدرات ، وذلك بسبب تردد فئات عريضة من الطبقات المسحوقة والأحياء الشعبية عليها ومجرمين مبحوث عنهم على الحي ، مما جعل ولاية الأمن تخص الحي الذي يتواجد في أربع بارات وناديا ليليا واحدا سيارة شرطة طيلة الليل من أجل صبط الوضع الأمني في الحي الذي ينتهي بحواث لعل أبرزها جرائم قتل . في أحد البارات تنبعث موسيقى شعبية صاخبة ودخان كثيف والجميع يبدو في حالة أنتشاء فيما الحراس الخاصون يراقبون الزبناء بدقة كبيرة داخل البار مخافة وقوع حوادث شجار التي تتكرر بكشل كبير. الاقبال الكثيف لهاته الأماكن يعود بالدرجة الأولى إلى الثمن الرخيص للمشروبات الخمرية التي لا تتعدي 16 درهما بالنسبة للجعة 25 و درهما لكأس من مختلف المشروبات الروحية الشهيرة. فتيات في مقتبل العمر بينهن قاصرات يضعن طبقات من مساحيق الماكياج شبه عاريات لا يفتأن في طلب مشروبات من المترددن على المكان " شي بيرة الزين " تشرع إحداهن في مخاطبة أحد الزبناء يرفض بع لتتوجه إلى زبون اخر لضمان شرب كأس إذ لا يشكل الطلب سوى مقدمة لمفاوضات لقاء ليلة جنس في منازل غير بعيدة من الحي قرب شارع محمد الخامس. مساحة صغيرة تجعل الجميع مكدسا وسط دخان كثيف ورائحة العطور الرخصية والحشيش تملأ المكان فيما يبدو الجميع في حالة انتشاءكبير، بعدما تمازج الكحول بالدخان بالموسيقي ، " يرتفع صوت أغنية راي شهيرة " من صغري نسوفري كابر نابوليطاني ريسكي وندونجي لعقلية ألباشينو" يردد معظم المتواجدين في المكان كلمات أغنية راي شهيرة بصوت عال. "بالنسبة للدار راه كاينة دار الحاجة كتكرى موجودة انا مكنبتش غير ساعة وكنرجع هنا ندبر على راسي 200 درهم ديالي و100 ديال الدار وعاد 50درهم نعطيها للفيدور " تحدد ياسيمن تسعيرة ثمن الجنس السريع في الشقق المفروشة قرب الحي. قضت أزيد من عامين في طنجة وظلت تتردد على حومة الشياطين حسب قولها لوجود طلب كبير على الجنس من طرف فئات شعبية تبحث عن الجنس السريع عكس باقي النوادي اليلية في باقي أرجاء طنجة ويمكنها بالتالي من اصيطاد أكثر من زبون ، في ليلة واحدة."مكاينش ثقة مكنمشيش للديور تعداو علي بزاف ديال لمرات هنا في طنجة" تبرر ياسمين طريقة عملها وهي تنفث دخان سيجارة . عقارب الساعة تقترب من الثانية صباحا لا يزال ليل طنجة يحمل مفاجئات ولايزال اخرون يواصلون الشرب والتدخين والاستمتاع والانتشاء، لكن هذا المشهد سرعان ما سيكسره نزاع بين شاب رفقة فتاة وشخص اخر ليقوما حراس البار بأخراج الجميع إلى الشارع بالقوة، يسب ويشتم ويتمايل محاولا العودة الى مكانه لكن دون جدوى ولم تمر سوى دقائق معدودة حتى تصل سيارة الشرطة الى المكان وتعمل على اقتياد الجميع إلى ولاية الأمن بينما قام أحد افراد الامن بسياقة دراجة نارية في ملك الشخص الموقوف الذي كان حالة سكر طافح، في مشهد يتكرر أكثر من ليلة وفي أكثر من علبة ليلية بحومة الشياطين. الدعارة الرخيصة والشذوذ غير بعيد من الحي تعرف دعارة الرصيف حضور قويا في ساحة سور المعكازين وساحة الروداني ، حيث تصطف العشرات في أمكنة مظلمة إلى ساعات متأخرة ، بحثا عن زبون، لكن القاسم المشترك هي علامات الفقر والبؤس البادية على وجوه غالبيتهن اللائي يحاولن إبعاد شبح البؤس من خلال وضع طبقات من المكياج الرخيص. وفي نفس المكان ينتشر باعة السجائر والمشردين ومدمني المخدرات بشكل كثيف ، حيث لا تمر ساعة حتى تنشب شجارات بين المتواجدين في المكان. العاملات في مجال الدعارة الرخصية يقمن باصطياد زئابن ينتمون لفئات شعبية ، وبعد كل عملية جنس في أحد المنازل القريبة من المكان، يعدن إلى نفس المكان لاستقطاب زبناء جدد في مسلسل يومي تظل لقمة العيش محركه الرئيس. غير بعيد من المكان ثلاثة أطفال يرتدون ملابس كبيرة ، يستنشقون مادة الدلوان عبر قطعة ثوب ويتأملون البحر ، حيث تغادر باخرة ميناء طنحة ببطء ، فيما تبدو أضواء مدينة طريفة الاسبانية بادية للعيان. بالقرب من أزقة قريبة من ساحة الأمم يتواجد مجموعة من الشواذ الذيبن يبحثون بدروهم عن زبون في احر ساعات ليل طنجة، حيث تكشف ملابسهم وحركاتهم الانثوية عن ميولاتهم، ولا تكاد تمر لحظة من الزمن حتى تقف سيارة في المكان ليشرع صاحبها في التفاوض مع أحدهم دون إثارة انتباه المارة. عقارب الساعة تقترب من الرابعة والنصف صباحا أزف موعد انبلاج الصباح ، بدأت الحانات تلفظ زبنائها ،بعص الزبائن يخرجون في حالة تمايل للبحث عن سيارة تقلهم لمنزلهم واخرين رفقة فتيات ، في وقت تصطف عشرات سيارات الأجرة الصغيرة إلى جانب سيارات الشرطة التي تجوب المكان، لا ينتهي الليل كما بدأ هادئا، الشجارات العنيفة والسرقة مشاهد تنهي الليل الصاخب ، الذي ينتهي بكثيرين في أماكن لم تخطر على بالهم في البداية. أرقام عن مصالح الأمن ، تكشف أن عدد الموقوفين في وسط مدينة طنجة لوحدها التي تسجل في ليلة نهاية الأسبوع، تفوق 60 شخصا تتنوع بين الضرب والجرح والسكروالعلني,واستهلاك وترويج المخدرات ، والدعارة والشذوذ الجنسي، بالاضافة إلى السرقة المقرونة بالعنف. ويمثل الموقوفون بسبب الدعارة واستهلاك المخدرات والضرب والجرح، القسط الأوفر من مجموع الموقوفين، في ليل طنجة الذي يغري بجو الاستمتاع والاكتشاف لكنه ينتهي بكثير منهم في أقسام المستعجلات و مخافر الشرطة وردهات المحاكم ، بعدما دخلوا تجربة ليل مدينة "جنة الصعاليك"