يوم الخميس الماضي، سكان الجماعة القروية بني الليث التابعة لقيادة بني حسان بإقليم تطوان، منهمكين في يومياتهم المعتادة، نساء يحلبن البقر وأخريات يستعدن للانتقال إلى جنبات الطريق لعرض منتوجات فلاحية على زبائن محتملين، فيما الرجال كان جزء منهم منشغل بلعب "الروندا" والبعض الآخر بصدد متابعة الموسم الفلاحي ومخلفات التساقطات المطرية. وسط هذه الحياة البدوية البسيطة، كانت السيدة "ر.ب" (اسم مستعار)، وهي سيدة حامل، تتمرغ وسط آلام الوضع التي باغتتها فجأة. يوم كامل قضته السيدة المذكورة على هذه الحالة، دون أن يفكر أحد من اهلها في مسألة نقلها إلى مستوصف أو مركز استشفائي، لأنه ببساطة لا وجود لمثل هذه المرافق ضمن تراب الجماعة القروية التي تقطن فيها عائلة "ر.ب"، مثلها مثل حال عشرات المداشر والقرى التي ما زالت تعاني العزلة والتهميش، بالرغم من تبعيتها الإدارية إلى جهة طنجةتطوان المصنفة من طرف المسؤوليين بأنها قطب رئيسي للتنمية على الصعيد الوطني. أخيرا، وفي اليوم الموالي، سيقرر أفراد عائلة "ر.ب" وجيرانها تحت تأثير صراخ هذه الاخيرة بسبب اشتداد آلام الوضع، نقلها إلى المستشفى الإقليمي بتطوان، بالرغم من علمهم المسبق أن العملية هي بمثابة مغامرة حقيقية، خاصة أن الجو كان ممطرا، وهو ما يعني ضرورة عبور وادي ألبابن الذي يخترق الجماعة القروية المذكورة، ما دام أن مشروع تشييد قنطرة بالمنطقة لم ترى النور بالرغم من مرور وقت طويل على مصادقة المجلس القروي على المشروع. مشهد نقل السيدة الحامل إلى المستشفى، الذي بدا أقرب إلى مشهد نعش رجل ميت يحمله الرجال فوق أعناقهم نحو مثواه الأخير. يطرح بقوة سؤال الأولويات على المسؤولين المنتخبين في هذه الجماعة القورية المعزولة عن العالم. حيث تؤكد مصادر من هناك أن الرئيس كان في تلك الأثناء مشغولا بإنجاز مشروع يحظى لديه بالأولوية القصوى، وهو تعبيد مسلك طرقي يقع بمسقط رأسه من شطرين تكفلت الجماعة بتمويل الشطر الأول والثاني تكفلت بتمويله المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، ويتساءل مصدر آخر بمرارة عن من الأولى بفك العزلة عنه ، هل هو دوار الرئيس الذي لا يبعد عن الطريق الرئيسية الا بكيلومترين على الأكثر ؟ أم الدواوير الخمسة التي يضظر سكانها الى قطع حوالي 8 كيلومترات لمجرد الوصول الى ضفة الوادي ؟ وبعد عبور الوادي يلزمهم كيلومتران آخران لبلوغ الطريق .