تتميز الحياة عادة بالاختلاف في التفكير وحتى الإنجازات كذالك، فنجد أطفالا منذ الصغر لهم قدرات عالية وثقة في النفس و في المقابل آخرين لا يقوين حتى على الظهور أمام الناس و لو كانت لديهم صفات جيدة كالذكاء والنبوغ. ترى لماذا هذا الاختلاف وماسر في ذالك؟ إن الصورة الذاتية للإنسان عن نفسه هي السر وراء سلوكياته في الحياة، وإنجازاتنا في الحياة مبنية على قدر رؤيتنا لأنفسنا لأن الخارج هو سوى انعكاس لما يدورفي الداخل، لأن فاقد الشيئ لا يعطيه، فمن يرى نفسه لا يستطيع فأكيد لن يستطيع إلا بتغير صورته عن نفسه لأن كل جوارحه تعمل لتحقيق مايدور بداخله تلبية لاكتمال الصورة المرجوة كما يقول خبير التنمية البشرية بهولندا ،ميلاد موسى " نحن لا نرى الدنيا كما هي بل نراها كما نحن ! ". إن الصورة الذاتية مهمة جدا ومعرفتها ضرورية حتى يتسنى لنا تقيم دواتنا في مختلف أركان الحياة المهمة: الركن الروحاني، الصحي، النفسي، العاطفي، العائلي، الاجتماعي، العملي، الترفيهي والمادي وبالتالي نبحث عن ما نفعله لكي نتقدم خطوة في كل ركن إنشاء الله ، وبهذه الطريقة يتحمس العقل على الإنتاج والعطاء لأنه بدأ يرى ويحس ويستمع إلى النتائج، ولعل أهم شيء يساعد على بناء صورة ذاتية إيجابية وخصوصا في الصغر إنه التشجيع، التشجيع، التشجيع... هذه الكلمة هي المفتاح الرئيسي للإبداع لأننا نغفل أننا فقط بشر كلنا خطاءون وخيرنا التوابون، إضافة إلى ذالك فلولا أخطائنا ما كانت هناك نتائج فعلى سبيل المثال لولا المحاولات"الغير ناجحة "الأكثر من الألف " 1000" لطوماس أديسون ما وصل إلى إضاءة العالم بالكهرباء. إن فعالية التشجيع لكل المبادرات هي حقيقة يجب الإنتباه إليها و إدراكها ووضعها في الفعل من خلال سلوكياتنا اليومية، وفي المقابل يعتبر النقد المهين هو أخطر شئ مدمر لحياة الإنسان كما أكد ذالك بريان ترايسي في كتابه القيم " علم نفس النجاح"، وهذا واقع إذ بروجعنا إلى فترة الطفولة نتذكر مباشرة كلمات : أنت غبي، لاتصلح لشئ، لايمكن أن تتعلم... وهذه الكلمات تستقر مباشرة على العقل وتخزن بكل الأحاسيس والمشاعروخصوصا إن كانت من أقرب الناس إلينا فتشكل صورة ذاتية سلبية تطعم مع مرور الوقت حتى تصبح عا ئق أمام التقدم، سواء كانت هذه الكلمات من الأبوين أو المحيط وغيرها من المصادر. إن أول خطوة للتحرر من هذه المشاعر هي المسامحة، نعرف أنها غير سهلة ولكن هي الأنجع و الأسلم حثى لا نبرمج أولادنا بنفس الطريقة !!! وخصوصا إذا عرفنا أنهم جميعا لايدركون مدى وقع هذه الكلمات علينا ومن وجهة نظرهم يريدوننا أن نكون الأفضل ! فمثلا من يضرب ابنه ضربا مبرحا، يعلل ذالك بكل ثقة و حسرة " إني أريده أن يكون الأول في المدرسة !"، وهذه هي أفضل طرق كانوا يمتلكونها في ذالك الوقت ولو كانت عندهم تقنيات أفضل لما بخلوا علينا لأنهم مفطورون على حبنا، والبشرى أنه بمجرد إدراكنا لهذه المسألة يحل جزء من المشكلة ويستقر الارتياح في النفس، وبعد ذالك نبحث من خلال إمكانياتنا عن ما يمكن فعله ولا نحمل طاقتنا أكثر من اللازم حتى نتعود على تحقيق نجاحات صغيرة وهكذا تتم البرمجة على التغير الإيجابي لأن خطوة الألف ميل تبدأ بخطوة. تعتبر التأكيدات الإيحائية من أقوى الوسائل المفيدة في ترسيخ صورة ذاتية إيجابية، عبر ترديد كلمات إيجابية قد يبدو الأمر شبه سحر، كلا فالأمر بالغ التأثير القوي وأثبت فعاليته عند العديد من الناس، لأن العقل ببساطة مطيع لنا فبمجرد ما نقول كلمة ونرددها ونستشعرها في الداخل فالعقل يأخذها مباشرة ويبني عليها ومع الاستمرار والإصرار المتواصل تظهر سلوكياتنا التي تخدم هذه الصورة المرجوة، فمثلا ترديد كلمة " أنا مرتاح " ومتابعتها بابتسامة وتذكر أيام سعيدة " نزهة " يشعرنا بالارتياح ومع التجربة يتأكد لنا ذالك وبعد التعود على هذه الكلمة لتكريس الشعور بالارتياح ننتقل إلى اختيار كلمة أخرى إيجابية فالعقل كما قلنا شبيك لبيك مطيع وخادم لنا والأهم أن نوجهه لفائدتنا و لعل أحسن مثال على فعاليات الكلمات الإيجابية هو الدعاء، إذ بمجرد ما نكرر الحمد لله و نستحضر و نستشعر نعم الله الكثيرة نحس براحة وسكينة في القلب . وهذا من فضل الله عز وجل الذي أكرمنا بنعمة العقل و خطابنا يا أولي الألباب. وإستنادا إلى الدرسات المتقدمة في علوم التنمية الذاتية ، فتكرار الكلمات الإيجابية لمدة21 يوما يجعلها تترسخ في العقل ويتبرمج عليها ليصبح الأمر سجيا، إنها معلومات بسيطة وفي نفس الوقت قيمة إن وضعناها في الفعل نتحرر من القيود التي تضعف صورتنا عن أنفسنا لأننا فعلا أحسن مخلوقات الله أكرمنا بنعمة العقل ووضعنا في أحسن صورة
ممارس NLP باحث في التنمية الذاتية www.rabierahmouni.com